مصريات تبدين قلقهن بشأن مستقبل نساء سوريا

تمر سوريا خلال الفترة الراهنة بمرحلة انتقالية بعد انتهاء الحرب وسقوط نظام بشار الأسد الذي عانى الشعب تحت وطأته لسنوات طويلة من القمع والنزاعات المسلحة وسلب الحريات داخل المعتقلات وخارجها.

أسماء فتحي

القاهرة ـ بالرغم من سقوط النظام السوري السابق، إلا أن المشهد مازال مرتبكاً بفعل اعتلاء أحمد الشرع الملقب بـ "الجولاني" قائد هيئة تحرير الشام، الحكومة المؤقتة، وهو ما جعل العديد يقلقون بشأن مستقبل سوريا خاصة أن السلطة المتوقعة ستكون امتداد لتنظيم القاعدة، وهو ما ينذر بمستقبل أكثر تعقيداً على مختلف الأصعدة.

أثار هذا الأمر قلق النسويات المصريات حول مصير ومستقبل المرأة السورية في ظل سيطرة الجهاديين بمقاربة المشهد مع فترة اعتلاء جماعة الإخوان للحكم في مصر، وهو ما ساهم في إقصاء النساء عن المجال العام وحصرهن في الأدوار الرعائية وهدد وجودهن في مختلف الأعمال.

تحدثت لوكالتنا عدد من النساء المصريات للتعقيب على واقع المرأة السورية وما تتطلبه المرحلة المقبلة من أعمال تضمن وجودها في المشهد ورصدت وكالتنا جانب من مخاوفهن المترتبة على المقاربة بين المشهد السوري والمصري عقب 2011.

 

تحديات تواجه النساء في سوريا بعد انتهاء الحرب

قالت هبة ممتاز استشارية الجمعيات الأهلية في مجال المناخ والبيئة والزراعة، إن الواقع في سوريا بات مقلق وفيه العديد من التحديات في الجانب الاقتصادي والاجتماعي خاصة فيما يتعلق بوضع النساء بعد انتهاء المرحلة الانتقالية.

ولفتت إلى أن هناك أعباء تقع على كاهل النساء منها الاغتصاب والاعتداءات التي تستهدفهن في ظل الحروب والصراعات، مضيفة أن الفقد كان كبير والنساء بتن يعلن العديد من الأسر وكلها أمور تلقي عليهن بحمول مركبة عليهن التعامل معها خلال الفترة المقبلة.

وأكدت أن هناك نقص كبير في تعليم الفتيات بسبب تدمير المدارس والبنية التحتية بشكل عام، وهو ما يتبعه خلل في رعايتهن الصحية المترتبة على تدمير المستشفيات، وكذلك عدم وجود أطباء أو ممرضين خلال تلك الفترة، فضلاً عن الأعباء الأسرية والمهنية الأخرى نتيجة عدم وجود فرص عادلة في ظل الظروف الطبيعية للعمل وبالتعريف الوضع يتفاقم خلال فترة الحروب والنزاعات.

واعتبرت هبة ممتاز أن هناك نزوح وهو كذلك ألقى بظلاله على واقع النساء خاصة نتيجة المعاناة في المخيمات والأثر المباشر للتغيرات المناخية والانبعاثات على النساء، ولا يمكن إغفال الصدمات النفسية بعد الحرب، مبينة أن الحالة النفسية التي تشكلت نتيجة الحرب قد تجعل الكثيرات عرضة لأفكار الانتحار وغيرها من الأزمات.

وأوضحت أن أكبر التحديات التي تواجه النساء في سوريا بعد انتهاء الحرب تتمثل في وجود دور لهن في مرحلة الإعمار، فضلاً عن تمثيلهن في مراكز صناعة القرار لأن المعتاد في مثل تلك الأجواء فور استقرار الوضع العمل على إقصاء النساء من المشهد وتهميش وجودهن وربما يتطور الأمر بتقليص مكتسباتهن السابقة.

 

 

"هيئة تحرير الشام" تهدد حرية النساء حال اعتلائها الحكم

من جانبها أكدت المحامية دعاء العجوز، أن أهالي سوريا لهم الحق الكامل في الفرح بما حققوه من نصر وخلاصهم من الأوضاع القاسية، إلا أن الواقع الحالي بات أقرب لفترة حكم الإخوان في مصر والذي تراجعت خلاله مكتسبات النساء بشكل عام.

وأبدت تخوفها من وجود "هيئة تحرير الشام" على رأس المشهد السياسي الحالي والتي لا تختلف كثيراً فيما تطرحه عن الإخوان بعد الثورة المصرية في يناير 2011، كاشفة أنهم يعدون بنفس العبارات التي تبدو مبشرة إلا أن تطبيقها على الواقع قد يكون مغاير تماماً وهو ما يستوجب الحذر.

وأوضحت أنه على السوريات الانتباه لمستقبلهن خاصة فيما يطرح من ضوابط حول شكل المرأة وما قد يسمح لها وما يحجب عنها من حقوق، لافتة إلى أن تواجد المرأة في العمل وفي مختلف أشكال الفنون جميعها بالمقاربة للواقع المصري قد يكون مهدد ويحتاج لضمانات أكثر حسماً بشأنه.

وأضافت "في مصر عانينا بعد الثورة حيث تراجعت جميع مكتسبات النساء فقد قام الإخوان باستغلالهن في الانتخابات وتجميع الأصوات المؤيدة ثم تلى ذلك الإقصاء من المشهد، فضلاً عن التمييز بين المرأة المنتمية للجماعة وتلك المواطنة العادية"، مبينةً أن المرأة المصرية عانت الكثير من الضغوط وأنها تخشى أن تكون المصير المرتقب للمرأة السورية ويتم السعي نحو تحجيم دورها في المجال العام وحصره في المجال الخاص داخل الأسرة فقط.

 

 

للتجربة السورية خصوصية والرهان الأكبر سيكون مقروناً بالوعي

بدورها أوضحت سلوى بشير، مؤسسة مبادرة سفينة لدعم النساء في مدينة الإسكندرية، أن ما حققته سوريا هو انتصار كبير ضد الهيمنة والسلطة، مشيرةً إلى أن مشهد النساء المعتقلات في السجون كان مفرح ومرعب في الوقت ذاته لما سيتطلبه واقعهن من دعم نفسي مكثف لتجاوز تلك التجربة المريرة خاصة على الأطفال الذين يرون أن السجون هي منازلهم الحقيقية.

وكشفت أن تجربة سوريا لها خصوصيتها والتي قد تختلف عن غيرها "أراهن على وعي الشعب السوري بما حدث من تجارب في بلدان أخرى خاصة بعد الثورات والتحرر ومن ثم يجيدون التعامل مع هذا الواقع"، معتبرة أن الوعي سيساهم في تغيير الواقع وقد يدحض المخاوف التي تتردد بشأن الاحتمالات اللصيقة بالقوى السياسية الإسلامية وما تحدثه من أثر سالب للحقوق في الواقع".

ولفتت سلوى البشير إلى أن تخوفات المصريين أعلى لكونهم مروا بتجربة قد تكون صعبة ولكنها مع كل هذا أقل خطورة من سوريا لأن الأخوان قد يكونوا معتدلين مقارنة بتنظيم القاعدة، مضيفة أن خلفية "هيئة تحرير الشام" لن تتراجع وستظل الأفكار قيد التطبيق، إلا أن الشعب السوري رأى الإسلام السياسي وما فعله بالشعوب الأخرى ومن ثم فلديه خبرة في التعامل معه.

واعتبرت أن واقع النساء هو الأصعب طوال الوقت سواء كان وقت السلم أو الحرب مما يجعل للحراك النسوي دور في الفترة المقبلة لمواجهة أية محاولات إقصاء قد تتعرضن لها من "هيئة تحرير الشام" وغيرها.