مرشحتان فقط... ناشطات تتخوفن من الإقصاء مع قرب الانتخابات الرئاسية
دعت الناشطة الحقوقية سلوى الماكني التونسيات إلى كسر حاجز الخوف والمشاركة في الحياة العامة والانتخابات المقبلة بجرأة.
زهور المشرقي
تونس ـ مع استعداد تونس لخوض غمار الانتخابات الرئاسية، تبدي الجمعيات النسوية تخوفاً من عدم ترشح النساء أو عدم إقبالهن على التصويت، وترجع ذلك إلى آفة العنف السياسي التي باتت تستهدف السياسيات وتقف حاجز أمام تقدمهن.
تعتبر رئيسة جمعية تجديد وانتماء سلوى الماكني، أن التمثيلية الخجولة للنساء في المواعيد الانتخابية الأخيرة يعود إلى القانون الانتخابي الذي قضى على مبدأ التناصف بين الجنسين، علاوة على فرض معضلة التزكيات التي صعّبت مهمة الترشح عليهن في مجتمع ذكوري لا يؤمن كثيراً بوجود المرأة في مراكز صنع القرار وتقلدها مناصب عليّا على غرار التمثيل في مجلس نواب أو المجالس المحلية والأقاليم، معتبرةً أن 400 تزكية مهمة من الصعب جمعها خاصةً في المناطق الريفية والنائية التي تلاقي فيها النساء إشكاليات في التنقل.
وأكدت أنها تعارض ما اسمته بالتباكي خاصة من قبل النساء اللواتي تضعن الحواجز في طريقهن بعدم إعطاء أنفسهن فرص للتعلم والمشاركة في الحياة السياسية قبل الانتخابات "هناك نساء لا نسمع عنهن إلا في المواعيد الانتخابية، كونهن لا تباشرن العمل السياسي بشكل علني وتتخوفن من خوض غمار تجربة قد توصلهن إلى المجالس المنتخبة مثلاً، وحين تترشحن ولا تلاقى ترشحاتهن الدعم والتصويت تتباكين وتطعن في النتائج، هل من العادي أن نلتزم الصمت وفجأة نشارك في الانتخابات والعمل السياسي عموماً، نحن مطالبات بالعمل أولاً وأخيراً للتعريف بخططنا وبرامجنا وشرح أفكارنا لمجتمعنا وإقناعه بها ومن ثم قد ننجح في الحصول على التزكيات والدعم".
وأكدت سلوى الماكني أنه "حان الوقت لكسر حاجز الخوف ومحاربة آفة الاستغلال السياسي للنساء من قبل الأحزاب والقوائم الانتخابية، وذلك لن يكون إلا بخوض معترك الحياة العامة بشجاعة وفطنة وحكمة حتى لا نكون ضحايا للابتزاز السياسي من أطراف مختلفة".
وترجع ضعف حضور النساء في الحياة العامة إلى خوفهن من القيادة ومن تلك الهجمات التي قد تطالهن في إشارة إلى العنف السياسي الذي تتعرضن له حين تقبلن على العمل السياسي، مؤكدةً أنه حان وقت تكثيف الجهود لمحاربة تلك العقلية وتشجيع النساء من قبل المجتمع المدني والحركات النسوية للإقبال والترشح والتصويت في أي موعد انتخابي انطلاقاً من مبدأ الواجب الوطني والحق الدستوري الذي يشدد على ضرورة إشراك النساء بل وضمان حضورهن.
واعتبرت أنه "بالرغم من المكاسب التي حققتها النساء في تونس، إلا أن الثقافة السياسية لازالت ضعيفة ما يترجم ضعف وجود النساء في الأحزاب والمجالس المنتخبة، لكن ذلك لا يتوافق مع تفوقهن في مختلف المجالات على الرجال وهذا ما تثبته النسب الرسمية".
وعن الانتخابات الرئاسية المزمع خوضها في السادس من تشرين الأول/أكتوبر المقبل، تساءلت سلوى الماكني "هل سيترشحن؟ آمل أن تكن متواجدات ولا تخشين الفشل، إلى اليوم هناك مرشحتان فقط، وذلك مخيب لأحلامنا، كنساء نسعد بمجرد سماع خبر ترشح امرأة، هل عملت الجمعيات النسوية والمجتمع المدني لإيصال النساء إلى القيادة الحقيقية؟ كلها تساؤلات سيجيب عنها عدد المترشحات ونسبة الحضور والتصويت في المحطة المقبلة التي تعتبر أهم مرحلة"، معبرةً عن أسفها أن يكون انعدام الترشح نابع من قلة الثقة في الأخذ بزمام الأمور "حان الوقت أن نترشح ونجرؤ على التمركز بقوة وذكاء حتى لا نترك مكاننا فارغ".
كما سلطت الضوء على العنف السياسي الممارس ضد السياسيات في تونس منه التشهير والتنمر بالإضافة إلى مهاجمتهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتشويه سمعتهن أخلاقياً كما طال ذلك عوائلهن في محاولة لمنعهن من العمل، داعيةً إياهن إلى عدم الخوف خاصة مع وجود القانون 58 الصادر عام 2017 لمحاربة العنف ضدهن والذي تناول العنف السياسي الذي لم تتطرق له حتى القوانين الأوروبية، مؤكدةً على ضرورة تقوية ثقة النساء بأنفسهن حتى تتمركزن في المجال السياسي وتكن شريكات فاعلات.
وحول استمرار ظاهرة العنف وجرائم قتل النساء في تونس والاستهداف الذكوري لهن، تساءلت حول مدى تطبيق قانون محاربة العنف باعتبار أن النسب الواردة من الجمعيات ووزارة الأسرة والمرأة باتت مرعبة وتحاكي واقعاً كأنه لا يوجد فيه قانون "ثوري".
وعن حادث مقتل أم لطفلين أول أيام عيد الأضحى على يد زوجها ذبحاً أمام المارة في شارع رئيسي وثقته كاميرات الجوالات، قالت "للأسف بات التعامل مع هذه الحوادث المركبة كأنها مسلسل أو لقطة نادرة يتم تصويرها بالكاميرا من أجل تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق أعلى نسبة مشاهدات"، معبرةً عن خطورة العنف الذي بات وكأنه "أمراً اعتيادياً"، "للأسف لازال هناك فئة في المجتمع تطبع مع العنف وتقبله وكأنه سياسة أمر واقع وجب التعايش معه".
وأشارت سلوى الماكني إلى أن "العقوبات التي لم تعد تتماشى مع حجم جريمة القتل البشعة وأسباب الإقدام على هذه الفظاعة"، مذكرةً بمقتل 25 امرأة السنة الماضية، "أعتذر لكل الضحايا اللواتي أصبحن عبارة عن سبق صحفي وجب التسابق لنشره، آسفة لهن لأننا نتظاهر لأجلهن ومن ثم نعود لديارنا وننساهن، هن لسن حديثاً دسمناً على التلفاز، هن نساء قتلن بشكل بشع وبدورنا يجب أن نعاقب المجرم بحزم".
وفي ختام حديثها دعت إلى دراسة أسباب آفة قتل النساء بشكل صارم، لاعتبار أن الوضع بات يتطلب دراسة سوسيولوجية ونفسية تبحث إلى ما آل إليه الوضع، بعد أن فشل القانون في معالجته، معبرةً عن أملها في أن تكثف الجمعيات النسوية عملها وجهودها لإيصال صوت النساء وإشراكهن في الحياة العامة ومساعدتهن في محاربة العنف الذي يمسهن بشكل مباشر أو غير مباشر.