هل تمثيلية التونسيات في البرلمان صورية؟
تعتبر آمال المدب أول رئيسة كتلة في البرلمان التونسي وإحدى ضحايا العنف السياسي، تحاول الدفاع عن قضايا النساء انطلاقاً من موقعها، مطالبةً بتنفيذ قانون مناهضة العنف ضد النساء في تونس.
زهور المشرقي
تونس ـ أكدت النائبة في البرلمان التونسي آمال المدب أن التونسيات أثبتن قدراتهن خلال السنوات الأخيرة في المجال السياسي، على الرغم من وجود عقليات ذكورية لا تحبذ تواجدهن وتسعى لإحباط مساعيهن.
أوضحت النائبة البرلمانية آمال المدب في حوار مع وكالتنا أن النساء تتعرضن للعنف النفسي والسياسي ويتم استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه صورتهن، بالرغم من ريادية تونس في حقوق النساء ووجود مجلة الأحوال الشخصية وقانون مناهضة العنف وغيرهما.
ما هي أسباب تراجع تمثيلية النساء في البرلمان التونسي، وهل سيؤثر ذلك على المشهد البرلماني خاصة من ناحية التشريعات المناصرة للنساء؟
تبلغ تمثيلية النساء في البرلمان 16% وتعود هذه النسبة إلى القانون الانتخابي الجديد والانتخاب على الأفراد، حيث قدمت كثير من النساء مطالب للترشح وتحصلن على التزكيات، وقد سجل في البداية وجود للنساء لكن مع الفرز نقص عددهن بسبب الاقتراع على الأفراد، لا ننسى أيضاً أن النساء دخلن عالم السياسة حديثاً وتواجدهن كان معدوم سابقاً.
وفي عام 2014 خلال الانتخابات التشريعية كان هناك تناصفاً أفقياً ولم يكن تواجدهن ملحوظاً، ولم تتجاوز النسبة 25%، وفي 2019 كان هناك التناصف الأفقي والعمودي حيث يفترض وجود امرأة ورجل في كل قائمة وحين لا يمثل الحزب أو المجموعة للتناصف تسقط القائمة، ذلك عزز من تواجد النساء لكن غيب عنصر الكفاءة حيث أن اقحامها بات صورياً، ما أنتج حينها مجالس بلدية نصفها نساء لكن دون عمل، حيث كان التمركز تلبية للمواصفات العمومية والأفقية حينها.
إلا أننا نعمل من أجل وجود فعلي ومحكم، فاليوم يوجد في البرلمان 24 امرأة فاعلة بكفاءة عالية والتزام ومسؤولية، وهذا مهم حتى نكون صوت النساء وصورتهن، لا ننسى أننا برلمان جاء بعد حل البرلمان السابق، ونعمل ضمن مسار تصحيحي وهي مسؤولية مضاعفة، لخلق كفاءات نسوية ونحاول إعادة التناصف في القانون الانتخابي لكن بكفاءات وباستعداد نسوي لتحمل المسؤوليات.
لا ننسى التذكير أن رئيسة مجلس النواب امرأة وفي مكاتب اللجان هناك ست نساء من رئيسة ونائبة رئيس ومقررة، ولدينا نائبتين مساعدتين لرئيس مجلس النواب وهو ما يؤكد أن تمثيلية النساء مضمونة ومتميزة بالكفاءة.
تونس بلد يتحوز على قانون لمكافحة العنف ضد النساء، كيف يمكن وضع حد لهذه الظاهرة؟
العنف يمس النساء في جميع المستويات ويستهدفهن، وأنا واحدة من ضحايا العنف السياسي في الانتخابات التشريعية السابقة وعلى الرغم من مسيرتي الحافلة كمهندسة معمارية وسياسية والعلاقات الجيدة مع الجميع، إلا أنني اصطدمت أثناء الانتخابات بواقع آخر حيث تعرضت للتشويه والتزييف من قبل أحد المنافسين، ورفع دعوى والملف لازال لدى القضاء، وانتظر تحديد موعد المرافعة لإظهار حقي بعد العنف النفسي والسياسي الذي تعرضت له، تم استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتشويه صورتي كإمراه تونسية وهو فعل يومي تعانيه النساء خاصة في المجال السياسي في بلادنا، بالرغم من ريادية تونس في حقوق النساء ووجود مجلة الأحوال الشخصية وقانون مناهضة العنف وغيرهما، ليس مقبولاً في بلد التشريعات أن تستمر ماكينة العنف ضدنا، العنف يبدأ باستفزاز وينتهي مادياً.
لذلك لابد أن نعمل على تفعيل القانون 58 لعام 2017 بين مختلف الأطراف المتداخلة فيه من وزارة الأسرة والصحة والداخلية والدفاع، وكان لدينا جلسة مع وزارة الأسرة والمرأة منذ فترة وتم مناقشة كيفية التنسيق كونها سلطة تنفيذية ونحن تشريعية لمزيد من التطوير والتحسين.
لماذا لم تتمكن التونسيات من كسب ثقة الناخيين في مختلف المحطات الانتخابية؟
نتساءل دائماً لماذا بالرغم من كفاءة التونسيات وإثبات جدارتهن، تواجدهن طفيف في الانتخابات، كوننا نعيش في مجتمع نجد فيه المرأة تنتخب الرجل ولا المرأة مثلها، وهو تفكير رهين عقلية ذكورية تكرس أن الرجل أكثر قدرة وكفاءة لتخطي الصعاب وتحمل المسؤوليات، وهذه العقلية ترى أن النساء "لا زلن غير قادرات على تحمل المسؤولية".
وقد كنت ضحية لها في انتخابات عام 2019، حيث اقترح الحزب الذي أنشط ضمنه تواجدي في رئاسة القائمة نظراً لكفاءتي، وبعد أيام معدودة ذات الأشخاص من حزبي أعلموني أن هذه الفترة تستحق "رجلاً"، لا "امرأة".
لازالت العقلية السائدة تروج أن الرجل قادر على تحمل المسؤولية، والعمل السياسي ليس مهمة سهلة مقارنة بالمسؤوليات الأخرى التي تقوم بها، لكنها تحاول العمل والمثابرة وفرض وجودها وتسعى لتحقيق التوازن بين أسرتها وعملها السياسي حتى لا تفقد استقرار عائلتها ولتضمن نجاح مهمتها السياسية ومكانتها، وهي مهمة صعبة قد ترهق النساء أحياناً وتدفعهن إلى اعتزال العمل السياسي.
وحالياً اترأس كتلة في البرلمان تضم 25عضو بينهم 4 نساء، وأنا أول رئيسة لها كامرأة، لذلك أحاول الاستماع إلى الجميع وأخذ آرائهم والتنسيق بينهم، أنها مهمة ليست سهلة وتتطلب التركيز والكفاءة.
ما حقيقة الحديث عن مساعي لتنقيح المرسوم 54؟
جاء المرسوم في وقت كنا بحاجة له، إلا أن المشكلة ليست في المرسوم بل فيمن يطبقه، لم أكن ضمن قائمة النواب الذين قدموا التنقيحات، برأيّ الوقت ليس مناسباً لذلك حيث لازال البعض يستغل مواقع التواصل الاجتماعي للتشويه وهو فعلاً ممنوعاً، وإحدى زميلاتي في المجلس كانت ضحية لذلك، الردع مهم لمحاسبة من يقترفون هذه الأخطاء، والمرسوم جاء في وضعية ما وكان إجابة على ظاهرة التشويه.
والمشكلة تكمن فيمن يطبق المرسوم، هو لا يشمل الجميع، إنما جاء لردع تجاوزات معينة على مواقع التواصل الاجتماعي لا لإيقاف الأطفال والقصر، وأرى أن الأوضاع التي تعانيها البلاد تتطلب استمرار وجوده.
ولا ننسى هذا المرسوم الرئاسي الذي جاء في ظرف ما يجب التعامل معه ليس كأي أمر آخر، ولابد أن نتريث فالعديد من الأشخاص أو الفئات باسم حرية التعبير تجاوزت الحد في هذه المسألة.
هل واقع وتواجد النساء في تونس مرضي في مراكز صنع القرار؟
لدينا 9 وزيرات تقريباً في الحكومة والوزارات السيادية، لكن هذا لا يعني أن ذلك مرضي، حيث أن العمل على تعزيز حضور النساء مستمر ولن يتوقف، ويجب دعمهن وتشجيعهن ومساندتهن، والدعم يبدأ من العائلة والزوج والأبناء لكسر العقلية التي لا تؤمن بقدراتهن، وتغيير العقلية لتبنى على أساس الإيمان بالمساواة بين الجنسين ونبذ التمييز، نحن نتحوز على العديد من القوانين التي تحتاج للتفعيل، برغم أن التشريعات فقط لا تغير المجتمع، التغيير يأتي من الداخل ومنذ الصغر.
بأي السبل يمكن دعم مشاركة النساء في المجال السياسي؟
دعم المرأة بالمجتمع المدني يبدأ بتشجيعها، ثم تدريبها وتوعيتها بأهمية وجودها في المجال السياسي، فالمجتمع المدني يعطي آليات وإمكانيات التمكن، ودوره مهم في التكوين والمعرفة ومساعدة النساء للضلوع في المجال السياسي.