هل تحول الثقافة السياسية للأحزاب في العراق دون منح المرأة حقوقها؟
أكدت باحثة في الشأن السياسي على أنه هناك حاجة ماسة للإصلاح من أجل توفير فرص أكبر للتمثيل السياسي للمرأة العراقية، في ظل تحديات وعقبات تواجههن في إحقاق المساواة.
نور المرسومي
بغداد ـ تفتقر العديد من المجالات للعنصر النسوي في العراق، حتى على مستوى المفاوضات في الكتل السياسية حيث أن هناك ضعف حقيقي لتمثيل المرأة في ظل توقعات باستمرار إقصائها من قبل القوى المؤثرة في المشهد السياسي من مناصب صنع القرار.
تستعد القوى السياسية في العراق لانتخابات مجالس المحافظات التي من المقرر إجراؤها في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر المقبل بعد مرور أكثر من عشر سنوات على إجرائها آخر مرة، والتي ستكون بوابة رئيسة للانتخابات النيابية التي تنتظرها البلاد، وتشمل هذه الانتخابات ١٥ محافظة من أصل ١٨ محافظة لوجود ثلاثة منهن ضمن أراضي إقليم كردستان.
وحول ما إذا كانت الثقافة السياسية للأحزاب في العراق تحول دون منح النساء حقوقهن وإشراكهن في صنع القرار وإدارة البلاد، كان لوكالتنا لقاءً مع الباحثة في الشأن السياسي آيات مظفر النوري.
تقول الباحثة في الشأن السياسي آيات مظفر النوري عن مشاركة العراقيات في الأحزاب التي ستشارك بدورها في انتخابات مجالس المحافظات، أن المرأة العراقية في المجال السياسي بصورة عامة والانتخاب بشكل خاص تواجه الكثير من الصعوبات.
وأوضحت أن المشاركة السياسية للنساء في العراق لا زالت دون الطموح، الأمر الذي يستدعي تحرير المرأة من القيود الاجتماعية والثقافية، مشيرةً إلى أن العادات والتقاليد والأعراف تعتبر العائق الأكبر أمام النساء للانخراط في المجال السياسي وفرض أنفسهن فيه، فالرجال يسعون دائماً لكسر إرادتهن والوقوف حائلاً أمامهن دون القيام بدورهن في المجتمع، لافتةً إلى بعض التقاليد والقيم الاجتماعية تعتبر أن الدور الريادي هو للرجل.
وفيما يتعلق بالترشح لانتخابات مجالس المحافظات تقول "إن عمل المجالس دائماً ما يتعلق بالجانب الخدمي، لذلك تتعرضن للإقصاء لأن المجتمع الذكوري غير راضٍ عما تقدمنه خلال نزولهن إلى الشوارع"، مشددةً على ضرورة تنظيم النساء وفرض أنفسهن على المشهد السياسي "لقد شاهدنا العديد من النساء قد نزلن إلى الشوارع لإقناع الناخبين بقدرتهن على الإمساك بزمام الأمور واتخاذ القرارات الصائبة".
ولفتت إلى أن "الأحزاب السياسية لا تعترف بقوة المرأة وقدرتها على الإدارة واتخاذ القرار، لذا يتم استبعادها واقصائها من المواقع القيادية المهمة"، مشددةً على ضرورة مشاركة المرأة في العملية السياسية على الرغم من التحديات التي ما زالت تواجهها.
وشددت على ضرورة رفع نسبة تمثيل النساء في القطاع السياسي، ليكون بإمكانهن صب جهودهن على أرض الواقع "اليوم لدينا الكثير من النساء العراقيات المتمكنات على المستوى العملي والمهني بجهودهن الذاتية دون وجود دعم حقيقي لهن، ولكن مع الأسف رغم ذلك لم نرى أي تسليط للضوء عليهن ليكون لديهن حافز وهدف لخوض العمل في المجال السياسي".
وعن تجربتها في المجال السياسي "ما شجعني أكثر هو كوني أملك شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية وهو مجال لا يدرس نظرياً فهو يعتمد على تحليل الواقع والمجريات السياسية"، مشيرةً إلى أنها "ترشحت للانتخابات عام 2014، وتم اختياري وفق معاير محددة تم الإعلان لاحقاً، وبعد مرور مجموعة من الفلاتر والمقابلات تم وقوع الاختيار علي لأكون أحد المرشحات على القائمة، نعم لم يحالفني الحظ لكن فُتحت لي الكثير من الآفاق في العمل السياسي وها أنا اليوم أتولى منصب المتحدثة باسم حركة ائتلاف النصر".
وحول التحديات التي تواجه المرأة تقول "إن النساء أكثر عرضة لكافة أشكال العنف وخاصة السياسي منها، حيث يصل إلى حد الإقصاء والتشهير بالسمعة خاصة في مرحلة الدعاية الانتخابية، بالإضافة إلى الابتزاز، وأنا كامرأة وسياسية طالبت مفوضية الانتخابات في المرحلة السابقة بإضافة فقرات للقانون الانتخابي يحمي المرأة من كافة أشكال العنف كونها الأكثر عرضة للتهميش والإقصاء".
وترى أن العائلة يجب أن تكون الحاضنة الأولى لأفكار المنخرطات في هذا المجال "يجب أن يؤمنوا بهن وبأفكارهن وقدرتهن على إحداث التغيير، كما أن لوسائل الإعلام التي تعتبر السلطة الرابعة، دور كبير في تسليط الضوء عليهن وقدرتها الكبيرة في تغيير المعادلة".
وشددت على ضرورة دعم المؤسسات التشريعية والتنفيذية للنساء من حيث القوانين، كما على المؤسسات النسوية والمجتمع المدني تبني قضايا المرأة وتنظيم مؤتمرات وندوات بهذا الشأن.
وقد شكلت لجنة لدعم المرأة سياسياً في انتخابات مجالس المحافظات لعام 2023، وتعزيز مشاركتهن من خلال إعداد خطة تنفيذية شاملة تتضمن العديد من البرامج والأنشطة.
وقالت آيات مظفر النوري "لا يمكنني القول أن المرأة العراقية ممكنة إلى حين رؤيتها تتقلد المراكز التي تستحقها كرئاسة الجمهورية ومجلس النواب، متى ما رأينا العنصر النسوي في الرئاسات الثلاث يمكننا القول أن العراقيات ممكنات سياسياً وكسرن التابوهات وبدأن تجاوز العوائق التي تقف أمام طموحاتهن".
وحول ما إذا كانت الثقافة السياسية للأحزاب في العراق تحول دون منح المرأة حقوقها، نبهت النساء المنضويات تحت راية الأحزاب لعمليات الإقصاء من السباق الانتخابي المرتقب "لا توجد سياسة موحدة للأحزاب تجاه النساء، فكما هو متعارف عليه فإن وجودهن يعد صورياً، حيث لا يتم الالتزام بنسبة تمثيل الكوتا النسائية ويتم استغلالهن وقضاياهن للفوز بالانتخابات".
وأشارت إلى أن "الأحزاب السياسية تستبعد النساء القياديات اللواتي تمتلكن القدرة على اتخاذ القرار، وتستقطب الغير ممكنات منهن لعدم امتلاكهن الخبرات في العمل الميدان والسياسي، ليتم بالتالي دعم الرجال في الأحزاب"، لافتةً إلى أن محدودية الخبرة السياسية لعدد كبير من النساء المشاركات في العملية السياسية تعود لعدم كفاءتهن العلمية والمهنية والثقافية، بالإضافة إلى تعمد اختيار الأحزاب للنساء وترشيحهن على أساس المحسوبية والمحاصصة.
وأكدت على أنه "نقف اليوم أمام أحزاب سياسية تتعامل مع المرأة على أنها مجرد رقم وهذه السياسة أثارت امتعاض النساء على الرغم من عدم تعبيرهن عن ذلك، لذلك طُرحت فكرة تأسيس حزب نسوي يهدف لتبني قضايا المرأة وإيلائهن المسؤولية".
وقالت في ختام حديثها أنه بالرغم من حصول المرأة العراقية على مشاركة فعالة في البرلمان إلا أن الانصاف لا يزال بعيداً عنها لعدة أسباب أبرزها إقصاء أغلب قيادات الأحزاب والكتل للنساء في اتخاذ القرارات المهمة داخل الكتل السياسية، كما أن القيادات الحزبية الذكورية تهيمن على النساء.