في سبيل المناصفة والعدالة المجتمعية... تكريم 157 مرشحة للانتخابات النيابية في لبنان

تنشط الحركة النسوية في لبنان قبيل الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في الخامس عشر من الشهر الجاري، لتبعث برسالة تؤكد عبرها أن المناصفة مسار لا عودة عنه، وأن المرأة لن تهاوون في سبيل تكريس حقوقها.

سوزان أبو سعيد

بيروت ـ للمرة الأولى منذ عام 1963 وفي سابقة تاريخية تخوض 118 امرأة غمار الانتخابات النيابية للعام 2022، في بلد تشكل نسبة النساء فيه أقل من 5% من مجلس النواب، وتحاول النساء في هذه الانتخابات إحداث خرق في الجدار السياسي، ليتنافسن على تمثيل أوسع من ضمن 128 مقعداً هيمن عليها الرجال لعقود طويلة.

اختتمت منظمة "فيفتي فيفتي" "مؤتمر شرف لتكريم المرشحات" البالغ عددهن 157 مرشحة، وهو جزء من برنامج "البرلمان الجديد" المدعوم من سفارة هولندا في لبنان، ومنظمات عالمية داعمة لوصول النساء إلى مركز القرار، وذلك في السادس من أيار/مايو الجاري في الضاحية الشرقية للعاصمة بيروت.

 

توزيع شهادات تكريمية على المرشحات للانتخابات

عبرت رئيسة ومؤسسة منظمة "فيفتي فيفتي" جويل أبو فرحات التي عرفت بالمنظمة الساعية لوصول المرأة إلى المواقع السياسية، اعتزازها بقدرة المرأة على مواجهة التحديات، من عنصرية وقمع وعنف واستمرارها بالترشح على الرغم من كل ذلك، ووزعت دروعاً تقديرية على كل من ساهم بإنتاج وإخراج برنامج Fifty Fifty بالسياسة، وقالت "مؤخراً استقطبت المنظمة حوالي 450 مرشحة، منهن 200 للانتخابات النيابية و250 مرشحة للانتخابات البلدية، وقد ترشح منهن 157 من أصل 200".

وتضمن العرض خارطة طريق واستراتيجية متكاملة بإشراف خبراء للعمل مع المرشحات في مجالات مختلفة، شملت 93% من المرشحات للمجلس النيابي بدعم كلي أو جزئي، منها تدريبات على الإطلالات الإعلامية وفقاً لحاجتهن وقدراتهن ومهارتهن، وفيديوهات خاصة ببعض المرشحات عبر منصات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن تنظيم الحملات الانتخابية في مناطقهن، وتطوير علامة تسويقية فارقة على المستوى الفردي والسياسي للعديد من المرشحات، كما تضمن التدريب مخيماً على مدى أيام، شاركت فيه نساء مرشحات من كافة المناطق والمذاهب، تمكن من خلاله من ردم الهوة بينهن، والتعارف والوصول إلى زخم وضغط على أهمية وصول المرأة إلى المجلس النيابي.

وأشارت جويل أبو فرحات إلى المبادرة الأخيرة المتمثلة بإطلاق موقع "طاقة النساء"، ويتضمن سيرهن الذاتية وإنجازاتهن والكشف بشفافية عن الانتماءات والتحالفات السياسية، وحالياً تتضمن المنصة التي هي قيد التطوير، جميع المرشحات حتى المنسحبات منهن والدائرة التي ترشحن عنها والمقعد واللائحة الانتخابية، سواء كانت مع السلطة أو مستقلة، للسماح للرأي العام، وللناخبين وللإعلام بالتعرف إلى المرشحات اللواتي ترغبن في دخول مجلس النواب.

وأكدت على "استمرار التعاون مع المنظمات مثل Fifty Fifty، ليس في الانتخابات النيابية فحسب، بل لدينا رحلة أطول أمامنا، أي ما بعد الانتخابات، لجهة العمل على الانتخابات البلدية، التي تعتبر معركة لا تقل أهمية عن الانتخابات النيابية، لناحية تمكين النساء سياسياً واقتصادياً، علماً أن هذا أمر لا يحدث بين ليلة وضحاها، وإذ ننتظر نتائج هذه الانتخابات، فقد لا نحظى بالتغيير الذي نسعى إليه جميعاً، ولكننا مستمرون بالتعاون حتى نهاية هذه الانتخابات والانتخابات القادمة".

وقد وزعت "فيفتي فيفتي" في نهاية الحفل شهادات تكريمية على المرشحات الحاضرات تقديراً لمثابرتهن وعزمهن وقوتهن في خوض المعركة الانتخابية.

 

دعم النساء المرشحات للانتخابات النيابية

وعلى هامش المؤتمر قالت الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP ميلاني هاونشتاين لوكالتنا "شاركت اليوم في هذا المؤتمر الهام إلى جانب شركائنا في منظمة فيفتي فيفتي في ختام رحلة طويلة على مدى أشهر لدعم النساء المرشحات للانتخابات النيابية 2022، وقد عملنا خلالها على تطوير قدرات المرشحات للعمل على الانتخابات النيابية، تضمنت جلسات تدريبية خاصة وجماعية بإشراف مدربين وخبراء مختصين، للترويج لهن بالتعاون مع الإعلام بهدف الحصول على مساحة متساوية للنساء مع الرجال خلال هذه الحملات، ومنها تدريبات على القيادة والظهور الإعلامي وتمكين النساء سياسياً، وهو جزء من عملنا الأوسع في مجال الحوكمة الرشيدة، ومكافحة الفساد والتطور في لبنان، خصوصاً خلال هذه الأوقات الصعبة والتحديات التي يمر بها البلد".

وأضافت "نحن نؤمن بأن النساء صانعات للتغيير، ولذا تشاركنا مع منظمة فيفتي فيفتي والعديد من المنظمات الأخرى لإنجاح هذه المبادرة".

 

 

"انسحبت من الانتخابات من أجل المصلحة العامة"

من جانبها قالت المرشحة عن المقعد الدرزي في دائرة عاليه الشوف رنا قانصو التي انسحبت من سباق الانتخابات "انسحبت لأجل المصلحة العامة، وبهدف إيصال أكبر عدد من مرشحي التغيير الإيجابي للمجلس"، وأضافت "من منطلق عملي بالحقل التربوي منذ 1998، أتابع دراسات عليا في مجال تطوير المناهج التربوية، وقد وضعت مشروعاً تربوياً باسم الثورة (ثورة 17 تشرين) حول كيفية تحديث المناهج من أجل إجراء تغيير حقيقي على مستوى كل لبنان، وذلك عبر تعزيز مهارات الطلاب، غرس القيم والأخلاق، وتعليم ثقافة المواطنة والسلام، وإدراج الأهداف العالمية للتنمية المستدامة في كافّة المواد العلمية والأدبية".

وحول الهدف من مشروعها التربوي قالت "كان الهدف إنشاء جيل واعٍ قادر على المطالبة بحقوقه، ويتمتع بالقيم كالمواطنة وتقبل الآخر مؤمن بالعدالة والاستدامة من أجل الطبيعة والمجتمع، وبالمهارات التي تخوله اكتشاف المشاكل وتقديم الحلول، إذ نصبو في هذا المشروع الذي عرضته على زملائي من المرشحين لتبنيه في حال وصولهم للمجلس النيابي، لأنني أعتبر أن ما وصل إليه الحال في لبنان هو تدمير ممنهج بهدف إنشاء جيل خانع ومقموع، متعصب دينياً وجندرياً، وغير قادر على إيجاد الحلول اللازمة".

وأكدت على أن "الانسحاب محطة، ولكننا مستمرون بالمعركة ضد المنظومة"، مشيرةً إلى أن "هذه المسيرة عبارة عن نضال طويل يتضمن تحديات، خصوصاً وأن عائلتي من بلدة المختارة وينتمون لأحد أحزاب السلطة، ولم يدعموا ترشيحي، ولكنني استمريت كوني مؤمنة برسالتي بأن التغيير ضروري".

 

 

"جاء ترشحي للانتخابات انطلاقاً من ضرورة رفع الصوت الاعتراضي التغييري"

من جهتها، قالت المرشحة عن المقعد السني في دائرة بعلبك الهرمل ريمة كرنبي "جاء ترشحي للانتخابات النيابية عن منطقة بعلبك الهرمل انطلاقاً من ضرورة رفع الصوت الاعتراضي التغييري في عملية المواجهة المستمرة التي نشارك بها منذ سنوات، وكان آخرها في ثورة 17 تشرين، حيث شاركت ونزلت إلى الشارع ورفعنا الصوت لنقول أننا موجودون، كما وترشحت بهدف الدفع لمشاركة المرأة كقوة تغييرية، لإيماني بأن هذه السلطة ارتكبت الكثير من الفظائع بحق الشعب اللبناني، وساهمت بتهجير أولادنا، ودمرت بيوت جميع اللبنانيين، وكانوا الوحيدين المستفيدين من كافة الأزمات، علماً أنه يوجد في هذه المنطقة نساء قادرات ومتعلمات، ولكن للأسف لا يُظهر الإعلام هذا الأمر، إلا أنه من جهة أخرى هناك تقصير من النساء بأن يكن مقدامات، وقد أعلنت انسحابي من الانتخابات النيابية مع مرشحة أخرى على نفس اللائحة، بسبب التشرذم في القوى التغييرية مثلما هو الحال في السلطة، ولم نرض بتشكيل لائحة منفصلة من أجل المصلحة العامة وكي لا تتشتت الأصوات".

وأكدت على أن "هذا يثبت أننا نحن النساء نضحي دوماً، ولسنا أنانيات، وقد استمروا بلائحة لا تضم نساء، بنظري ليست تغييرية".

 

 

"نترشح للوقوف بوجه القمع ولنسمع صوت التغيير"

فيما قالت المرشحة عن المقعد الشيعي من دائرة الجنوب الثانية (صور والزهراني) على لائحة "معا للتغيير" سارة سويدان "أنا ناشطة مستقلة من المجتمع المدني وفي مجال حقوق المرأة، ترشحت لأني أؤمن بحقوق المرأة وقدرتها عل المواجهة، ونحن بحاجة لنساء في المجلس النيابي، ونحتاج بالتحديد لنساء قادرات، فلا يكفي مقدار النزاهة والكفاءة لدى المرأة، إذ أن هناك نساء حزبيات تتمتعن بكفاءة ونزاهة في البرلمان لكن كان ينقصهن القدرة على المواجهة، كونهن تخضعن لقرارات أحزابهن، ومن جهتي فأنا حرة ولا قيود حزبية تقيدني، والدليل أني أقف بمواجهة سلطة أفسدت البلاد والعباد، وبوجه سياسية أحادية في الجنوب، وأعتقد أن لدي القدرة على المواجهة في المجلس النيابي، والدفاع عن حقوق النساء، خصوصاً وأني أقف في مواجهة سلطة حاسمة قوية جنوباً".

وأضافت "من الأمور الهامة التي أنوي المشاركة فيها، إن نجحت بالدخول إلى البرلمان، المطالبة بحقوق المرأة العادلة في العمل، حيث القانون مجحف للغاية بحقها، خصوصاً من حيث إجازة الأمومة غير المنصفة، والأحوال الشخصية من حيث إعطاء الجنسية لأولادها، فلماذا يمكن لابني إعطاء الجنسية لأولاده إن تزوج من أجنبية، بينما لا تستطيع ابنتي فعل ذلك؟".

وأوضحت "كما ويهمني إعطاء حق المرأة في الحضانة، فلا منطق أن تحرم المرأة المطلقة من حضانة أولادها، بالإضافة إلى مواجهة العنف في المحاكم الجعفرية بحق المرأة، فهناك ظلم كبير على المرأة اللبنانية التي تحملت أعباءً على مدى سنين وأعاقتها عن القيام بدورها السياسي، ويجب على المرأة أن تشارك في صنع القرار لتستطيع التغيير من الداخل أي من قلب البرلمان، لأننا حاولنا على مدى عشرات السنين التغيير من الخارج ولم نستطع، ولأخذ قرار العدل والمساواة بين الرجل والمرأة".

وعن سبب ترشحها للانتخابات قالت "ترشحت ضد القمع، ولا سيما قمع صوت المرأة والصوت الحر، فقد تعرضت لائحتنا لقمع شديد جنوباً، فقد منعنا من إعلان لائحتنا من أحد منتجعات منطقة الصرفند، لا بل تم إطلاق النار علينا، ووقفوا بوجهنا وتم إشعال الإطارات لمنعنا من الوصول، وقد واجهنا وقدمنا بياناً صحافياً أعلنا فيه إطلاق اللائحة لاحقاً، وتعرضنا للتهديد مرات عدة، وآخرها الأسبوع الماضي، حيث منعنا أيضاً من تقديم ندوة تم تنظيمها في إحدى القرى الجنوبية، كما ويتم تهديد مندوبينا، لدرجة تأجيل تشكيل ماكينتنا الانتخابية إلى ما قبل الانتخابات بيوم، فهذه السلطة الأبوية المتمثلة بسلطة فاسدة تحاول إعاقة أي صوت أو أي كلمة تبشر بالتغيير، لذا نترشح للوقوف بوجه القمع ولنسمع صوت التغيير وللتخلص من النظام الفاسد في هذا البلد".

 

 

"ترشحي مجدداً نابع من إيماني بضرورة مشاركة المرأة في صنع القرار"

قالت المرشحة عن المقعد السني في دائرة عكار على لائحة "نحو المواطنة" رولا المراد التي يعود تاريخ عملها الاجتماعي إلى عقود، وكانت البدايات بتأسيس جمعية "آفاق" التي أسستها في العام 2004 التي تعنى بحقوق المرأة والطفل، لتقوم بعدها بالمشاركة كعضو مؤسس في العديد من الجمعيات، ولتؤسس في العام 2014 أول حزب نسوي في العالم العربي، وهو حزب 10452 أي على مساحة لبنان، "كان هدف الحزب وصول النساء إلى المعترك السياسي، وكان أول حزب تؤسسه امرأة وأول حزب نسائي في العالم العربي، وقد لفتت هذه التجربة انتباه العالم لدرجة مشاركتي بعدة مؤتمرات منها في المغرب وفي فرنسا، وقد دعيت لعدة دول عربية للحديث عن هذه التجربة هذا العام، وإمكانية تعميمها في بلادنا العربية، كونهم وجدوا أن المرأة بحاجة لإطار سياسي للعمل، وللأسف، لم تسمح لنا الأحزاب المهيمنة بالوصول إلى المعترك السياسي، ومنذ عقود أعمل في مجال التنمية المستدامة وحقوق المرأة والطفل".

وأشارت إلى أنها المرة الثانية التي تترشح فيها بعد انتخابات 2018"، وقالت "شكلنا لائحة نسوية بالكامل، وهي المرة الأولى بتاريخ الانتخابات النيابية أيضاً التي يتم فيها الإعلان عن لائحة نسوية بكامل الأعضاء بتاريخ منطقة عكار ولبنان، وحالياً فأنا المرأة الوحيدة على هذه اللائحة في الانتخابات الحالية".

وأوضحت "ترشحي مجدداً نابع من إيماني بضرورة مشاركة المرأة في صنع القرار، وقدرتها على إحداث التغيير على مستوى الوطن وأن لها آراء سياسية، وأنه يمكنها المساهمة في صنع الحلول لهذا البلد المريض، والذي أصبح على حافة الانهيار، وهو بحاجة لنفس جديد وروح جديدة ورؤية جديدة بالعمل السياسي، وبغض النظر عن النتائج، فنحن مستمرون، لأن مشروعنا سياسي والانتخابات بالنسبة لنا محطة وسنبقى بوجه السلطة لبناء دولة مدنية بكل معنى الكلمة".