فوزة يوسف: الأزمة السورية لا يمكن حلها في أنقرة أو بغداد أو طهران بل في دمشق
في معرض تقييمها لتطورات الشرق الأوسط، قالت فوزة يوسف إن اللقاء بين تركيا ودمشق لن يحل الأزمة "لا يمكن حل الأزمة في أنقرة أو بغداد أو طهران الأزمة السورية تحل في دمشق وعلى الحكومة وجميع القوى أن تعي ذلك".
ديرن أنكيزك ـ جيندا أمارا
مركز الأخبار ـ قدمت عضو المجلس الرئاسي لحزب الاتحاد الديمقراطي، فوزة يوسف، لوكالتنا تقييماً للتطورات في منطقة الشرق الأوسط وإقليم شمال وشرق سوريا.
شملت تقييمات عضو المجلس الرئاسي لحزب الاتحاد الديمقراطي فوزة يوسف هجمات إسرائيل المستمرة على غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 واغتيال إسماعيل هنية والتوتر الإيراني الإسرائيلي وبحث الدولة التركية عن تحالف في المنطقة بشأن الإبادة الجماعية للكرد مع انتشار الصراع والفوضى والأزمات وتزايدها يوماً بعد يوم في الشرق الأوسط الذي هو مركز الحرب العالمية الثالثة، والذي يشهد أكبر أزمة إنسانية في السنوات الأخيرة.
الحرب العالمية الثالثة، التي تركزت في الشرق الأوسط، امتدت إلى منطقة أوسع مع التطورات الأخيرة وشاركت العديد من القوى في هذه الحرب فما هي تأثيرات هذه الديناميكيات على المستوى الإقليمي والدولي؟
تختلف الحرب العالمية الثالثة الجارية اليوم في طابعها عن الحربين العالميتين الأولى والثانية، إن الحرب التي تُشن اليوم لا تُخاض من الناحية الأيديولوجية، بل من أجل الاستيلاء على الطرق التجارية والاقتصادية والقوى المهيمنة، تريد تطوير هيمنتها على هذه الطرق ومصادر الطاقة، ويتم تعريف هذه القوى سياسياً على أنها قوى متعارضة، لكنها تخدم بشكل أساسي نظام الحداثة الرأسمالية، وكل قوة تحمي هذا النظام بطريقتها الخاصة.
من عالم مكون من قطبين، أصبح الآن عالماً متعدد الأقطاب، وفي الواقع فإن لكل قطب أو دولة مصالح متناقضة وهذا يصبح عاملاً مهما في الحرب، ومن الحقائق أيضاً أن الدول لا تخوض الحرب بنفسها، فتارة تشن هذه الحرب مع بعض التنظيمات، وتارة تخوضها بجيوش أو بوسائل مختلفة بمعنى آخر كانت جيوش الدول نفسها في حالة حرب في الحربين العالميتين الأولى والثانية، لكن الآن عدد من الدول تريد تحقيق أهدافها من خلال دول مختلفة أو تريد القيام بذلك من خلال بعض التنظيمات.
وبدأت الحربان العالميتان الأولى والثانية وانتهتا في فترة معينة، إن طبيعة الحرب العالمية الثالثة، طويلة الأمد، وهذا يدل على أن النظام الرأسمالي يعيش اليوم أزمة كبيرة، ويريد حماية مصالحه بالحرب لينقذ نفسه منها، ولا شك أن هذا يسبب ضرراً كبيراً، ويخلق أزمات إنسانية واقتصادية وسياسية فالجوع في العالم يمهد الطريق للمجازر وكلما كانت الأزمة أعمق، كلما كانت عواقبها أوسع نطاقاً وإنه أمر خطير للغاية بالنسبة للبشرية فلقد أصبحت الحداثة الرأسمالية أكثر وحشية.
الرأسمالية معادية للطبيعة والبشر والأخلاق والثقافة وهي تحارب كل ما يتعلق بالإنسانية ومن ناحية أخرى، فإن هذه الحروب لا تخاض بالسلاح فقط بل إنها بيولوجية واقتصادية ويتم ارتكاب الإبادة الجماعية الثقافية واللغوية، وإساءة استخدام العلم، ويتم العمل على تطوير الذكاء الاصطناعي، ونشر الأمراض، والتسبب بكوارث بيئية كبرى وهذا أيضاً جزء من الحرب العالمية الثالثة كما يتم شن حرب نفسية. اليوم، تعمل الحداثة الرأسمالية على تطوير الحروب بكل الطرق، وهذه الهجمات تتزايد وتتوسع كل يوم، والقوى المهيمنة تريد حماية مصالحها والحفاظ على وضعها مع تفاقم الأزمة وانتشارها ولكن التكلفة باهظة للغاية بالنسبة للشعب.
مركز هذه الحرب هو منطقتنا وهو مكان مهم جداً سياسياً فهذه المنطقة مهمة جداً من حيث طرق التجارة والطرق البحرية إنها سوق لجميع البلدان لبيع منتجاتها وتوليد الموارد وهناك مصادر للطاقة ولهذا السبب يتم التدخل في المنطقة بشكل علني للغاية وفي الواقع فإن الشرق الأوسط هو مركز هذه الحرب وهذا يؤثر بشكل مباشر على المنطقة وشعبها، وآثارها تطال كافة الشعوب في المنطقة.
كما أن جميع الأنظمة تعتمد على الدولة القومية مما يضعف ديناميكيات الناس ومع وجود تحديات داخلية فإن تطور الهجمات الخارجية يتسبب بعواقب وخيمة للغاية واليوم تتسبب الدول القومية في الشرق الأوسط في تفاقم الأزمة في المنطقة.
وفي أوروبا، تظهر عواقب الأزمة في صورة قومية وشوفينية وممارسات يمينية وفي الآونة الأخيرة، انسحبت الأحزاب اليمينية من الانتخابات ومهما تطورت الحروب، فإن هذا الوضع لا يقتصر على منطقة الشرق الأوسط فقط، بل يؤثر على العديد من البلدان ولقد أصبح الفقر المشكلة الأولى في العالم، وأصبح وضع اللاجئين المشكلة الأكثر أهمية، كما أن بعض القوى الديمقراطية أو اليسارية تتجه نحو القومية ويرون أنه مع هذه الحروب تزداد مشكلة الهجرة، وتظهر المشاكل الاقتصادية، ويحدث التغيير الديموغرافي ويبدو أن هذه الحرب ستكون لها عواقب أكثر خطورة مع الشوفينية والحرب التي خلقتها أزمة الدولة القومية في الشرق الأوسط وزيادة النزعات اليمينية في أوروبا.
قتل زعيم حماس إسماعيل هنية في هجوم في العاصمة الإيرانية طهران، وزادت إسرائيل هجماتها على لبنان وجرت محاولة اغتيال ضد قادة حزب الله اللبناني، إذاً كيف تؤثر هذه الاغتيالات والهجمات اللاحقة على المنطقة؟
إن الحرب في إسرائيل وغزة هي نتيجة، وفي الواقع هناك سبب لها وهو أنه في حين يمكن حل هذه المشكلة ديمقراطياً من خلال الحوار، بدلاً من ذلك يتم محاولة حلها من خلال إنكار بعضنا البعض والحرب والخلاصة واضحة أنه لا العرب يستطيعون إنكار إسرائيل ولا اليهود يستطيعون إنكار العرب ولكلاهما وجود في هذه المنطقة ولو كان الاتحاد الفيدرالي أسلوب دولة لا مركزية بدلاً من ذلك، لما حدثت هذه الحروب لكن يصر الجانبان على لغة واحدة وعلم واحد ودولة واحدة.
إن أيديولوجية القومية والتدين في الواقع في حالة حرب مع بعضها البعض، لكنهما متشابهتان في نفس الوقت، وإن الطريقة التي تمثلها حماس والتي تستخدمها إسرائيل اليوم لا تأتي بالحل لأن كلاهما يريد تحسين وجودهما من خلال إنكار بعضهما ونتيجة لذلك، تصبح هذه القضية مركز الأزمة في المنطقة والحقيقة أن نموذج الدولة القومية أصبح اليوم بمثابة آفة لشعوب الشرق الأوسط وأهم مثال على ذلك هو الوضع في فلسطين وإسرائيل فإذا تم التخلي عن أسلوب الدولة القومية والتعامل معها بأسلوب جديد، فإن العديد من الأوضاع سوف تتغير.
يصر الجانبان على دولة واحدة، لغة واحدة وعلم واحد ولذلك فإن نتيجة إنكار بعضنا البعض هي الموت وهذا لا ينطبق على إسرائيل وفلسطين فقط، بل ينطبق أيضاً على قضايا المنطقة برمتها. إن الأزمة في العراق وفي تركيا تنطبق أيضاً على الوضع في إيران.
ما هو دور الدولة التركية في خلق بيئة الأزمة؟
تحافظ تركيا على القومية والنظام الدولتي أكثر من غيرها فهي تريد حل كل شيء بالحرب وتسعى لاستمرار الأزمة والحرب في الشرق الأوسط والاستفادة من ذلك فمن ناحية تريد احتلال المنطقة إذا وجدت الفرصة وعلى سبيل المثال، تتدخل في ليبيا، وتعترف بذلك حتى أن أردوغان يقول "يمكننا أن نأخذ بعض الأماكن مثل إسرائيل، مثلما ذهبنا إلى كاراباخ، ذهبنا إلى ليبيا" وتركيا قالت سابقاً "سنصلي في المسجد الأموي" وهذا يوضح استراتيجية تركيا، فهي لم تنجح في بلورة حل للحرب الإسرائيلية الفلسطينية في الشرق الأوسط لأن أسلوبها لا يصب في تطوير سبل الحل.
فمن ناحية، تريد تركيا استخدام حماس والرأي العام العربي لمصلحتها، وكان هناك مشروع لتطبيع العلاقات العربية والإسرائيلية، وفي الوقت نفسه سيأتي طريق من الهند، وسوف يمر عبر البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط ويمر إلى أوروبا وقد شهدت تركيا ذلك، وهو أمر خطير بالنسبة لها، لذلك تعمل على تصعيد الحرب، وتقول لإسرائيل إذا تم ضرب العرب ستضعفين، وتقول للعرب لنضرب إسرائيل معاً حتى يتم إضعافها، وفي الواقع تركيا تسعى للاستفادة من هذا الوضع.
باختصار السياسة التي تتبعها تركيا هي النفاق فرغم أنها تبدو وكأنها تدعم العرب وحماس وفلسطين، إلا أنها تواصل علاقاتها التجارية مع إسرائيل حتى النهاية وهدف تركيا أن تظهر بمظهر القوي بهذه الحرب.
إيران وتركيا والدول العربية في الشرق الأوسط لا تضع سياسة تحمي شعوب المنطقة وهي لا تقوم على استراتيجية ديمقراطية أو استراتيجية يتم فيها الحل عبر الحوار ولهذا السبب فإنهم يعرضون بلادهم للخطر والأزمات كل يوم، فإيران دولة قوية جداً إذا قامت بتغييرات ديمقراطية داخلية لكنها خنقت ثورة Jin Jiyan Azadî فإذا تمكنت الدولة التركية من حل القضية الكردية داخلياً بطريقة ديمقراطية وتطوير الديمقراطية بقوة داخل البلاد، فإنها ستكون الآن دولة قوية للغاية في الشرق الأوسط لكن تمارس الدولة التركية سياسة الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي وسياسة فاشية مناهضة للديمقراطية، وهي تخشى من الأحداث التي تتكشف داخلياً.
وتنخرط الدول العربية أيضاً في سياسات الدولة القومية بهذه الطريقة، وتعتقد أنها ستدير كل شؤونها، وكذلك الدولة القومية تحافظ عليهم وتوجههم كل يوم كما تشاء إذاً الجميع غارق في الأزمة وتريد هذه الدول الخروج منها بطرق مختلفة ويرتبط بهذا أيضاً التطورات الأخيرة في إيران وما يحدث فيها اليوم هي نتيجة عدم إجراء تغييرات جوهرية وديمقراطية وتواجه أزمة مختلفة كل يوم.
سيتغير الوضع إذا قامت تركيا وإيران، بدلاً من توزيع الأسلحة أو إنشاء منظمات إرهابية، أي بدلاً من خلق سياسة الحرب، بارتكاب إبادة جماعية ضد الناس، وخاصة الشعب الكردي، بطرق وأساليب مختلفة؛ اتباع سياسة الحرية والديمقراطية. إن تركيا وإيران تعانيان من حالة سرطانية، لكنهما تحاولان حلها باستخدام الأسبرين فالدولة القومية هي سرطان ويجب استئصالها، هذه البلدان تحاول الخروج من الأزمة، لكنها تتورط فيها أكثر.
اغتيال إسماعيل هنية في إيران رسالة من إسرائيل أنه بإمكانها استهداف الجميع، في كل مكان وتحاول القول إن سلطة إيران لا تستطيع حتى حماية ضيفها. إن إسرائيل تضغط بشكل كبير على إيران لتدخلها في الحرب ورغم أن الأخيرة تشن حروباً في دول أخرى، إلا أنها لا تريد الدخول في هذه الحرب مباشرة، فلن يكون ذلك في مصلحتها.
وسوف يصبح الأمر أكثر وضوحاً مع مرور الوقت، ولكن إسرائيل تبدو مصممة للغاية. إيران هي الهدف الرئيسي وهي تغير جرعة أفعالها لإخراجها من موقعها الحالي فخلال هجوم حماس الأولي، كان نتنياهو انتقائياً للغاية في كلماته، وقال "سوف نغير جغرافية الشرق الأوسط" وكانت هذه جملة أساسية وليست مجرد ابتزاز لقد كان يكشف عن استراتيجية إسرائيل.
ولقد خاطرت إسرائيل بكل شيء من أجل تحقيق هدفها في المنطقة وتحملت كل المخاطر والعقبات وتصرفت بهذه الطريقة وحتى الآن هذه الحرب مستمرة بهذه الاستراتيجية وستكون لهذه الحرب آثارها أيضاً على سوريا ولبنان وسوف تتعمق الأزمة أكثر، وستكون عواقبها أشد خطورة بكل معنى الكلمة، إن الثمن سيكون باهظاً للغاية. ومرة أخرى، كما كشفت أزمات المنطقة، فإن النموذج والمنظور الذي طرحه القائد عبد الله أوجلان أي الأمة الديمقراطية، هو الحل فإذا كان أسلوب الحداثة الديمقراطية ومقاربة المشاكل يرتكزان بالدرجة الأولى على إسرائيل والعرب؛ يمكن استخدام هذا الأسلوب في أزمات المنطقة دون إراقة الدماء إن الترياق للدولة القومية هو الأمة الديمقراطية وكل القضايا في المنطقة يمكن حلها من خلال بلاد ديمقراطية.
لقد أصبح من الواضح مرة أخرى أن من يطرح الحل الأفضل هو القائد عبد الله أوجلان الذي يدرس المنطقة، وإن منظور الأمة الديمقراطية الذي يطرحه هو الحل لجميع القضايا فسياسة العزلة في إمرالي تعتبر جزء من الحرب العالمية الثالثة لأن القوى العظمى تترك القائد أوجلان عمداً خارج العملية حتى لا يكون هذا الحل مدرجاً على جدول الأعمال ولن يكون فعالاً، إن الحرب التي تشن على الكرد تجري بشخص القائد عبد الله أوجلان وهو جزء وعقدة في الحرب الدائرة في المنطقة والسبب الأكبر لذلك هو القومية والتدين الذي يبقي نفسه على قيد الحياة في المنطقة ولقد طغى على منطقتنا كابوس الحداثة الرأسمالية، الدولة القومية، بكل الطرق كل يوم نواجه حدثاً جديداً ونهتز به.
تستمر هجمات وتهديدات الدولة التركية ضد إقليم شمال وشرق سوريا كما أنها تشن حرب ضم واحتلال ضد إقليم كردستان، ويتعرض المجتمع فيه لضغوط متزايدة كل يوم. النهج الرئيسي للدولة التركية تجاه القضية الكردية هو الإبادة الجماعية وهناك جهود لإنشاء تحالفات جديدة بشأن هذه قضية الاتفاق الذي عقدته الدولة التركية مع العراق وطلب لقاء حكومة دمشق، إذاً كيف ستنعكس هذه المحادثات على المنطقة، وخاصة على الشعب الكردي؟
ترتكز سياسات الدولة التركية على استراتيجية الإبادة الجماعية للكرد وتبحث عن شركاء لأنها لا تستطيع أن تنجح بمفردها وتسعى لجعل العراق وسوريا شريكتين معها ولقد ناضل الكرد من أجل الحرية والحقوق لمدة 40 عاماً، وعلى مدار تلك السنوات استخدمت الدولة التركية كل أسلحتها لتدمير الكرد، لكنها لم تنجح فسياساتها لم تسفر عن نتائج ولقد أفلست، واليوم تركيا تحتل العراق، فجوهر الحرب ضد حركة الحرية غزو العراق، تركيا ليست عدو الشعب الكردي فحسب، بل هي عدو الشعب العربي أيضاً، عدو السلام والتعاون بين الكرد والعرب وتسعى لإعادة حدود ميثاقها الوطني وتعزيز قوتها العسكرية في العراق كما أنها السبب الرئيسي في الارتباك في كركوك والموصل.
عيون الجميع تتجه نحو غزة وتستفيد الدولة التركية من ذلك وتقوم بقتل الكرد وهي تغزو العراق وبغض النظر عن أي دولة شرق أوسطية تتحالف مع تركيا، فإن شعبها ليس له مصلحة هناك ولقد أصبح هذا واضحاً جداً لقد وضعت تركيا شعبها في طوفان. مثل هذا التحالف لا يخدم الشعب العراقي أيضاً لأن الدولة التركية تهدف لإشراك العراق في المذبحة الكردية فهي تريد أن يتفكك العراق، وتحاول استغلال الأزمة التي يمر بها، وقد أقامت تركيا حواجز في الأراضي العراقية وتسيطر على أهل القرى، ولا تسمح للناس بالذهاب إلى أي مكان، فأين سيادة العراق؟ ولهذا السبب فإن مشاريع طريق التنمية هي مشاريع لا مستقبل لها وهناك ارتباك داخل تركيا التي دخلت اليوم إلى ليبيا والعراق وسوريا وعلى الدول العربية أن تعرف هذه الحقيقة وتتصرف وفقاً لها.
إن ما يحدث في العراق اليوم ستكون له عواقب وخيمة على كافة الأصعدة فتركيا لن تغادر العراق لأنها إن احتلت مكاناً لن تخرج منه وينطبق الشيء نفسه على سوريا ولقد استخدمت كافة أساليب الحرب فيها لتنهار ويخسر الكرد لكنها فشلت وهذه المرة غيرت تكتيكاتها وأخذت حكومة دمشق إلى جانبها، وتسعى لمهاجمة الإدارة الذاتية، فهي تنتهج سياسة خطيرة للغاية في المنطقة وهذه السياسة تتسبب بأكبر ضرر للشعب التركي وقال حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية "دعوا اللاجئين يأتون"، ودعموا المرتزقة وداعش وجبهة النصرة وستنفجر هذه المنظمات في نهاية المطاف داخل تركيا ونتيجة لذلك، فإن هذه الأزمة ليست في خدمة تركيا وشعوب المنطقة ويريد أردوغان تمديد ولايته من خلال هذا.
إن الإبادة الجماعية للكرد تظهر أن هناك فاشية في تركيا إن الدولة التركية تمارس الفاشية ضد القوى الديمقراطية، وضد الصحفيين/ات، وضد جميع الشعوب وهي تسوق لكل شيء حتى لقيم الشعب التركي من أجل إبادة الكرد وتدعم القوى المهيمنة مثل حلف شمال الأطلسي "الناتو" في حين الناس في تركيا يموتون جوعاً، لكن السلطة تبيع مكاناً كل يوم فما هي العواقب؟ حرب غير حاسمة وعمياء إنها تغير التكتيكات، لكن استراتيجية الاحتلال، واستراتيجية الإبادة الجماعية ضد الشعب الكردي، واستراتيجية قمع شعوب المنطقة من خلال أخذ حكومات هذه المنطقة إلى جانبها مستمرة.
هناك محادثات بين المخابرات التركية والسورية وهذه المحادثات مستمرة منذ سنوات وهناك ضغوط على حكومة دمشق وتركيا حيث تريد روسيا جمعهما جنباً إلى جنب على مستوى ما ولكن هناك العديد من العقبات، والعلاقة بين الدولتين ليست بسيطة فتركيا الدولة الأولى التي خانت حكومة دمشق خلال أحداث عام 2011 ودمشق تعلم جيداً أن الدولة التركية لا تريد خير لها وتحاول وضع سوريا في أزمة من جديد والاستمرار بتدمير البلاد بطريقة مختلفة وتدرك أيضاً حجم الضرر الذي ألحقته بها تركيا وحتى لو جرت محادثات فلن يتم التوصل إلى نتائج في وقت قصير لأنه يصعب على الدولتين تجاوز الخطوط الحمراء.
ولهذا السبب لا توجد أرضية صحيحة بين سوريا وتركيا واللقاء لن يكون له أي فائدة للحل السوري فتركيا تريد حرباً داخل سوريا وأن تبدأ بطريقة ما حرباً بين العرب والكرد ومهاجمة حكومة دمشق والإدارة الذاتية وتحاول أن تفعل مع حكومة دمشق ما لم تستطع أن تفعله مع داعش وجبهة النصرة وحكومة دمشق تدرك ذلك أيضاً لذلك يجب أن يكون لها مع قوات المعارضة السورية والإدارة الذاتية الوعي الكافي لهذه الألاعيب وألا يقعوا في هذه الخدعة، وقد خانت تركيا جميع القوى التابعة لها، وهذه المرة تريد استخدام القوتين ضد الإدارة الذاتية.
يجب أن نتصرف بوعي بهذه اللعبة وأن نحل هذه المشكلة بالديناميكيات الداخلية وهذه الأزمة لا يمكن حلها لا في أنقرة ولا في بغداد ولا في طهران كما لا تعتبر أستانا ولا جنيف المكان المناسب للحل فالحل في دمشق وعلى حكومة دمشق وجميع القوى أن تعي ذلك. إذا لم نتوصل إلى حل بأنفسنا، فإن دولة مثل تركيا تخلق أزمة حتى لشعبها لا يمكنها تقديم حل لنا، وإذا لم تكن العلاقة التي ستتطور بين تركيا وسوريا مبنية على مبادئ الديمقراطية، فلن تكون في وضع يمكنها من ضمان السلام بين الشعوب ولا شك أن ذلك سيؤدي إلى تضخيم المشكلة، وتعميق الأزمة القائمة، ويؤدي إلى عواقب أكثر خطورة وليس لتركيا هدف آخر غير هذه العلاقة واللقاء.
علاقاتنا مع حكومة دمشق مستمرة منذ بداية الأزمة السورية، أي عام 2011 وبالنهج السياسي الذي نتبعه، يمكننا حل المشكلة السورية على أسس ديمقراطية ونعمل على هذه المبادئ ولقد تعرضنا لضغوط لنتخلى عن هذه المبادئ لكننا قمنا بحماية مناطقنا حتى الآن وأنشأنا الإدارة الذاتية بإرادة جميع الشعوب، والإدارة الذاتية جزء من سوريا وسوريا بحاجة إلى دستور ديمقراطي فالنظام الحالي في البلاد بحاجة إلى التحول إلى الديمقراطية فسبب الأزمة الممارسات المناهضة للديمقراطية والحل يأتي بنظام ديمقراطي ونهج متعدد الألوان.
ولا يزال إصرار الإدارة الذاتية على الاجتماع مع حكومة دمشق مستمراً حتى اليوم. الحوار مع حكومة دمشق لم يكن بالمستوى المطلوب. أردنا أن نكون الحل لجميع مشاكل سوريا وكانت هناك مناقشات على مستوى ما في كل عملية، ولم يصل الأمر إلى المستوى الذي يوفر حلاً دائماً للمنطقة، لكن كإدارة ذاتية وأطراف شمال وشرق سوريا نحن مصرون لأن حل مشاكل سوريا لا يمكن أن يتم عبر الأساليب العسكرية والأسلوب الصحيح هو الحوار والتفاوض، ومرة أخرى لدينا مشروع حل وخريطة طريق للحل، ونحن مصرون وعلينا أن نحل مشاكلنا في سوريا أيضاً وفي هذه العملية كررت الإدارة الذاتية وأبدت إصرارها.
تتم اليوم مناقشة نموذج الأمة الديمقراطية للقائد عبد الله أوجلان باعتباره وسيلة للخروج من أزمة الشرق الأوسط لكن لم ترد منه أخبار واحدة لمدة 41 شهراً. ما الذي يعنيه تفاقم العزلة في وقت تشتد فيه الحاجة إلى أفكاره؟
هناك ثلاثة أشياء تعمق الأزمات في المنطقة: الدولة القومية، والنظام الرأسمالي، والصناعية. يصفهم القائد عبد الله أوجلان بأنهم فرسان نهاية العالم، ويجب إنشاء بديل ضد ذلك. الحداثة الديمقراطية والأمة الديمقراطية والكونفدرالية الديمقراطية في الشرق الأوسط هذه هي الحلول لمشاكل وأزمات المنطقة ويعتبر نظام الأمة الديمقراطية الذي تطبقه الإدارة الذاتية الأسلوب الأكثر تطبيقاً لحل المشاكل الكردية والتركية، الكردية والعربية، الإسرائيلية والفلسطينية. الأزمات في الشرق الأوسط هي أزمات الدولة القومية، والمشاكل الاقتصادية والأسرية والاجتماعية، والبيروقراطية، ومشاكل الدولة العامة ويمكن حلها بأبعاد الكونفدرالية في الشرق الأوسط.
لهذا السبب، يخضع القائد عبد الله أوجلان اليوم لعزلة شديدة، ويُستخدم التعذيب لمنع أفكاره وحلوله من الانتشار في المنطقة ويتم تنفيذها في إمرالي بأساليب خارجة عن القوانين الدولية والممارسات الإنسانية، ويقوم القائد عبد الله أوجلان بتحليل المنطقة بشكل جيد جداً في دفاعه. ومن أجل أبناء المنطقة والشعب الكردي، يجب علينا أن نخوض نضالاً كبيراً ضد الهجمات التي يتعرض لها قائدنا، كما أننا كشعوب الشرق الأوسط نقف ضد كل الهجمات التي تتعرض لها منطقتنا. أفكار القائد عبد الله أوجلان هي مفتاح الحل في المنطقة ومن أجل تمهيد الطريق للحل، من المهم كسر عزلة إمرالي وإنهاء هذا النظام وهذه قضية مترابطة، ومن هنا تستمد القضية الكردية حلها. وحل قضايا المنطقة يعتمد على توجيهات القائد أوجلان لذا علينا جميعاً أن نعارض هذا النظام ونضع الحلول.