بينهم نساء وأطفال... تركيا تعتمد الترحيل القسري لإعادة اللاجئين السوريين
في الوقت الذي تعاني فيه إدلب من الاكتظاظ السكاني، تتسارع عملية إعادة اللاجئين السوريين إليها وسط مزيد من التضييق عليهم، بعد تجميد بطاقات الحماية المؤقتة، وإجبار السوريين التوقيع على ما يسمى "بالعودة الطوعية".
هديل العمر
إدلب ـ يواجه اللاجئون السوريون في تركيا الترحيل الجماعي والعودة القسرية التي لم تسلم منها حتى النساء والأطفال، والذين وجدوا أنفسهم بعيدين عن أسرهم في مواجهة مصير مجهول، بعد أن بدأت السلطات التركية بخطة ترحيل السوريين الأخيرة وخاصة للذين لا يملكون بطاقة الإقامة القانونية المؤقتة.
يأتي ترحيل اللاجئين السوريين في الوقت الذي يرفض الكثيرين منهم العودة إلى بلادهم، بعد أن أسسوا حياة مستقرة لهم، كما أن الأسباب التي دفعتهم لمغادرة بلادهم لم تتغير كي يعودوا إليها مجدداً، في ظل وجود الحرب وذات النظام السياسي الذي فروا من إجرامه.
تروي صابرين المحمد (32) عاماً وهي لاجئة من حمص أحداث ترحيلها إلى الشمال السوري من قبل السلطات التركية، وتقول إنها كانت في زيارة إلى إحدى قريباتها بصحبة طفليها حين استوقفتها الشرطة فجأة في محطة الركاب بإسطنبول وطلبوا منها بطاقة الإقامة أو ما يسمى الكملك، ولأن الكملك الذي بحوزتها يتبع لولاية تركية أخرى تم احتجازها، وترحيلها بعد أن أجبرت على توقيع ورقة لا تعلم ما هو مفادها كونها لا تجيد اللغة التركية.
وتعتقد صابرين المحمد أنها ورقة الترحيل الطوعي التي رأت كثير من السوريين قد أجبروا على توقيعها بعد تعرضهم لضرب مبرح أثناء تواجدهم معها في مقر الشرطة.
قضت صابرين المحمد عشرة أيام في مركز الاحتجاز بولاية توزلا، وبعد ذلك تم نقلها إلى مركز ولاية كلّس، ومنها إلى الأراضي السورية، لتبتعد عن زوجها الذي مازال يقيم في تركيا، ولم تعد قادرة على العودة بعد أن وجدت نفسها في شمال إدلب حيث لا مأوى ولا سند ولا معيل.
وأضافت "انتابني الرعب لمجرد وصولي الأراضي السورية، لقد هربنا من حرب لا تبقي ولا تذر، وها أنا أعود بمفردي هذه المرة مع طفلين لا يتجاوز أكبرهما الست سنوات لنواجه مصيرنا مع حرب لم تنتهي، وطبول المعارك فيها تقرع كل حين".
من جهتها ترى خديجة العنكير (42) عاماً وهي من أهالي درعا أن تركيا تتحدّث عن عودة طوعية قانونية، لكنّها على الأرض لا تتمّ بشكل طوعي بل بالإكراه والتضييق من أجل عودة قسرية.
خديجة العنكير كغيرها لم تسلم من الترحيل القسري الذي تعرضت له مؤخراً وتقول إنها احتجزت مع الكثيرين في مرسين حين بدأت الشرطة التركية بتفقد بطاقات الحماية المؤقتة وسط السوق وتوقيف السوريين المتواجدين رجالاً ونساءً.
وأوضحت أنها حاولت في وقت سابق مراراً تجديد بطاقتها الكملك دون جدوى، إذ لم تعد الدوائر التركية مستمرة بهذا الإجراء بعد رفضها تجديد الكملك للكثيرين من أجل بدء سياسة التضييق عليهم والتذرع بالبطاقات من أجل ترحيلهم إلى بلادهم.
وأشارت إلى أن" طرد المرء من بلاد لجأ إليها من أقسى ما يمكن أن يشعر به الإنسان، أنه الظلم بعينه، لا لأنني لا أحب العودة لبلدي فهي كانت ومازالت أحب البلاد إلي رغم الحرب التي لم تنتهي فيها، لكن بعد أبنائي ببقاء عدداً منهم في الجانب التركي بمفردهم هو أكثر ما يؤرقني".
تعتمد خديجة العنكير على عمل أبنائها الكبار في الإنفاق عليها وعلى أخوتهم الصغار بعد وفاة والدهم الذي ترك لها خمسة أبناء، وحين خرجت بصحبة أولادها إلى تركيا كانت تسعى للابتعاد عن الحرب التي أتت على البشر والحجر على حد تعبيرها.
استطاعت أن تأمن منزلاً سكنياً لتعيش فيه بمساعدة إحدى منظمات المجتمع المدني، لكنها لا تستطيع أن تبقى وحيدة، ومازالت عاجزة عن التفكير كيف يمكنها أن تجتمع مع عائلتها مجدداً والحدود تفصل بينهم.
أما عن صباح البعل (36) عاماً وهي من مهجري الغوطة الشرقية فهي رحلت من تركيا إلى الشمال السوري مؤخراً علماً أنها لا تعرف أحداً في المنطقة لتجد نفسها وحيدة في بلدها.
تقول صباح البعل أنهم أبعدوها عن أهلها وأخوتها وزوجها الذين مازالوا يعيشون في تركيا "لقد اختطفوني اختطاف من الشارع، ولم يسمحوا لي حتى باستخدام الهاتف لإخبار عائلتي، وطريقتهم في ترحيلي أشبه بطريقة المجرمين وقطاع الطرق".