النساء في الأحزاب المصرية بين التأثير الواقعي والتواجد الشكلي

تواجد النساء في الحياة العامة يعد أحد أكبر التحديات، خاصةً إن كان الأمر متعلق بالمشاركة السياسية، نظراً لثقافة المجتمع ومعتقداته حول دور المرأة والقالب الذي لا يراها خارجه.

أسماء فتحي

القاهرة ـ ظل إشراك النساء في الحياة السياسية تحد كبير، خاصةً بعد أن بذلن قصارى جهدهن للتعامل معه بفعل وجود نظرة قاصرة حول المرأة ودورها الرعائي وعدم القبول بها في الأدوار غير التقليدية تحديداً تلك التي تتعلق بمراكز صنع القرار.

عادة ما تقصي الذهنية الذكورية النساء، وتضعهن في الزاوية بهدف منعهن من المشاركة في المجال السياسي، وهو الأمر الذي طال عدد كبير من الأحزاب المصرية خلال السنوات الماضية، حيث بقي تواجد المرأة مجرد استكمال للشكل ولا يستهدف الإشراك الحقيقي، ومع مرور الوقت والتحرك النسوي النضالي الذي دعمته إرادة الدولة القائمة بضرورة إشراك النساء ومنحهن أدوار في مختلف المؤسسات والمناصب.

قالت محامية النقض جيهان الفلكي، أنها حاولت المشاركة بأحد الأحزاب المحلية، وعملت على عدد من المشاكل القائمة في المنطقة منها عدم توفر الكهرباء ووجود "النفايات" بالمنطقة، وهو ما جعلها تعمل من أجل إصلاح الأمر من خلال العمل الحزبي.

ولفتت إلى أنها تمكنت بجهدها الفردي من توفير إضاءة بالشوارع الذي كان مرتع لبعض الشباب ويهدد تواجد النساء بل وتعرضهن للمخاطر، وبتواصلها مع محافظ القاهرة والحي ذاته، استطاعت الحد من ظاهرة تواجد النفايات والملوثات بالشارع ورغم كل ذلك لم تتمكن من استخراج بطاقة الحزب.

وأكدت أنها لوجود عنوان آخر بالبطاقة لم يتم قبولها، إلا أنها سعت لتغيير ذلك كونها انتقلت للحي حديثاً، ولكن لم يتم التواصل معها بل تم تجاهل وجودها، مشيرةً أنها قرات شروط الحزب والمجلد الخاص به وتنتظر حتى اليوم البطاقة.

 

رغم التواجد إلا أن القليلات شاركن في الحياة السياسية

وأوضحت أن واحدة من أهم المعوقات التي تواجه النساء في العمل الحزبي التطوعي تتمثل في الوقت، فالكثيرات تعملن بالفعل لساعات محددة خلال اليوم في مهن ووظائف مختلفة، وهو أمر يعد هام للجميع خاصةً في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية، مشيرةً إلى أن المشاركة في العمل الحزبي تأتي بعد مواعيد العمل النظامي وهو أمر يشكل عبء حقيقي على النساء خاصةً المسؤولات عن أسر لعدم قدرتهن على القيام بذلك بشكل منتظم.

واعتبرت أن مشاركة النساء في الانتخابات مؤشر يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، لأنهن تعملن بكل طاقتهن من أجل إحراز تقدم دون جدوى، مضيفةً أن انتخابات نقابة المحامين على سبيل المثال كانت صادمة فلم تنجح امرأة واحدة وهو موقف صنفته بـ "المحبط" لأن الاختيار في حقيقة الأمر يتم على أساس الجنس ويتم التصويت لصالح الذكور دون الإناث مهما كن تمتلكن كفاءة وقدرة على التغيير.

ولفتت إلى أن أزمة مشاركة النساء الفعالة في الأحزاب والانتخابات تتعلق بثقافة المجتمع تجاه المرأة، وأنها بحاجة لمن يرأسها دائماً، ولا يمكنها أن تقود أو يكون لها دور ومشاركة في الحياة العامة، وتحديداً في مراكز صناعة القرارات، مؤكدةً أن الوضع يحتاج لعمل دؤوب من جميع الجهات المعنية لإحداث تراكم فيه وتغييره.

 

 

الوضع تغير وعدد كبير من الأحزاب تشرك النساء

وعلى صعيد آخر ترى محامية الاستئناف العالي ومجلس الدولة أسماء حسنين محمد، والتي تعمل كباحثة في مجال حقوق المرأة، أن النساء كن موجودات في الأحزاب خلال الفترة الأخيرة على عكس الوضع القديم، معتبرةً أن الحياة السياسية لا تكتمل إلا بوجود المرأة.

وأوضحت أنه خلال الفترة السابقة تم تهميش النساء في الأحزاب المصرية بينما الأمر تغير كثيراً في الفترة الأخيرة، وبات للمرأة تواجد وأثر فعال في مختلف الأحزاب، مرجعة ذلك لوعيها بأهمية دورها وما تقدمه من نتائج إيجابية خلال مشاركتها السياسية والميدانية.

وكشفت أن لها تجربة خاصةً تعد دليل قاطع على ذلك لأنها "حينما انضمت لأحد الأحزاب رأت مدى اهتمامهم بإشراكها في العمل ومختلف النقاشات، خاصةً ما يتعلق منها بالتشريعات، ولمست إتاحة لها في العمل العام بمختلف صوره"، مؤكدةً أن المشاركة مفتوحة للجميع وأن الواقع بالفعل تغير لصالح المرأة مقارنة بالسنوات الماضية.

 

دور النساء في الأحزاب محوري

واعتبرت أن مختلف اللجان مفتوحة أمام النساء والرجال على قدم المساواة باستثناء لجنة المرأة لأنها متخصصة، مضيفةً أنها لم تلمس من خلال تجربتها أي تحيز في العمل الحزبي مبني على النوع الاجتماعي، معتبرةً أن العمل السياسي مختلف ويتطلب التواجد والتأثير وأن مصالح الأحزاب تقتضي الاشراك وتفعيل دور كل عضو بها.

ولفتت إلى أن الدولة ذاتها تأخذ ذلك المنحى في عملها وبات هناك نسب للانتخابات يجب أن يراعى فيها تمثيل النساء، وذلك بهدف الإشراك وفتح المجال أمامهن دون أي إقصاء، وهو الأمر ذاته الذي انسحب على المصالح الحكومية، وكذلك المجتمع المدني بمختلف مؤسساته منها الأحزاب.

وأكدت أنه لا يمكن إغفال الفارق الذي حدث لكون التواجد قديماً كان فعلياً شكلي، ولم يكن هناك تمثيل حقيقي للنساء، بينما مؤخراً الأمر تغير على مختلف الأصعدة، وهو ما لمسته من خلال تجربتها الذاتية وعدد من التجارب المحيطة بها.