'النساء أكثر المتضررات من حالات الصراع في الشرق الأوسط'
باتت منطقة الشرق الأوسط ساحةً للصراعات، وشكلت مجالاً للتدافع والتنافس الدوليين، وبؤرة للتوتر، ولإنهاء هذا الصراع يجب أن تمتع المنطقة بالاستقرار السياسي والاقتصادي وصوغ نظام إقليمي قادر على الخروج بالمنطقة من حالة التشظي إلى مرحلة بناء السلم.
حنان حارت
المغرب ـ استنكرت ناشطات الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة، ووصفنها بـ "حرب ضد الإنسانية"، مستندات إلى القانون الدولي والإنساني، وأكدن أن ما يحدث يستدعي مساءلة ومعاقبة إسرائيل على الفور.
أدانت الناشطة السياسية والمدافعة عن حقوق النساء هند مميز، الاعتداءات والهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة وقالت إن "هناك ممارسات لا إنسانية، تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بهدف إبادته ومحو هويته، يحدث ذلك في وقت قطع فيه العالم أشواطاً كبيرة في مجال حقوق الانسان والمسار الديمقراطي".
وأشارت إلى أن "الشرق الأوسط يشهد توترات سياسية ونزاعات مسلحة كما هو الحال في سوريا وفلسطين والعراق واليمن، وهو ما يجعل المنطقة بؤرة للنزاع، تأثرت تلك الدول بسبب تدخل القوى العظمى في المنطقة، لإحداث دولة إسرائيل على حساب الفلسطينيين الذين يقاومون منذ أكثر من سبعين عاماً من أجل استرجاع أرضهم".
ولفتت إلى أن الصراعات التي عرفتها المنطقة دفعت فيها النساء الثمن غالياً، حيث تعرضن للسبي والاستغلال والاغتصاب، كما هو الحال في العراق بعد هجوم مرتزقة داعش على عدة مناطق، مضيفةً "نتيجة للنزاعات المسلحة بين الطوائف نتجت دولة بمؤسسات دستورية ضعيفة لا تحارب الفساد والريع الاقتصادي، ومن أسوأ ما أنتجه الحرب ما مورس على الإيزيديات في العراق من قتل واغتصاب واختطاف وسبي، فالقوى العظمى تستغل كل النزاعات في المنطقة من أجل وضع اليد على خيرات تلك البلدان والسيطرة على اقتصادها، وهو ما ينعكس بشكل سلبي على المجتمع".
وعن الحرب التي شهدها قطاع غزة قالت "الشعب الفلسطيني منذ الأربعينيات، يعيش أوضعاً صعبة نتيجة احتلال أرضه من قبل إسرائيل، وبرزت المقاومة من أجل مواجهته وتحرير الأرض المغتصبة، ويدعم الغرب مخططات إسرائيل لأنها تعتمد على القتل والتهجير الجماعي لبسط سيطرتها كلياً على كل الأراضي الفلسطينية، فالمشهد كارثي، والقتلى بالآلاف، فأكثر من 75 بالمئة من المدنيين تعرضوا للقتل".
وأكدت أن قصف النساء والأطفال هو أكثر من مجرد جريمة حرب، فاستهدافهن هو تصفية القضية الفلسطينية، لأن تواجد واستمرار النساء يعني استمرار الإنسان الفلسطيني في أرضه، ونسف الهوية الإسرائيلية المصطنعة على أرضه، "المرأة هي الضامن لانتقال هوية الانسان الفلسطيني".
وفيما يتعلق بالاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة، أوضحت أن الحل يكمن في التوقف الفوري للحرب على غزة والرجوع إلى المعاهدات والمواثيق الدولية وتفعيلها من أجل حماية المدنيين بخلق ممرات ومناطق آمنة خالية من الاستهدافات والاعتقالات، وحماية المستشفيات وعدم استعمالها كمراكز للاعتقال والتنكيل، كما وقع بمجمع الشفاء وغيرها من المراكز الصحية.
وأكدت على أهمية دور النساء في تقديم الدعم للفلسطينيين من مختلف مواقعهن ومنابرهن كحقوقيات وإعلاميات وأكاديميات وسياسيات من خلال تقويم الديمقراطية وتعبئة الرأي العام الإقليمي والدولي تجاه القضية الفلسطينية؛ وعبر خلق وتعبئة المسيرات الحاشدة كقوة ضغط ضد الهجمات ومن خلال مرافعاتهن في البرلمانات مثل البرلمانية الكندية التي حملت رضيعها بين يديها أمام رئيس حكومتها لتبين تشبت المرأة الأم بابنها، مطالبة إياه بقوة وقف حرب الابادة في غزة وتغيير موقفها اتجاه المدنيين العزل من نساء وأطفال وضد القضية الفلسطينية وإدانة إسرائيل.
ومن جهتها أوضحت استاذة القانون الدولي بالكلية المتعددة التخصصات في جامعة السلطان مولاي سليمان بني ملال بالمغرب والنائبة البرلمانية مليكة الزخنيني، أن "منطقة الشرق الأوسط فتحت مجالاً للتدافع والتنافس الدوليين، وأصبحت بؤرةً للتوتر نتيجة إحداث دولة إسرائيلية منذ أربعينيات القرن الماضي، وشكل الصراع العربي الإسرائيلي وقود التوتر فيها لعقود، وحتى بعد تحوله لصراع فلسطيني إسرائيلي، بقيت المشاكل التي عجز عن حلها المجتمع الدولي عالقة حتى الأن"، مؤكدةً أن القضية الفلسطينية من أكثر القضايا تعقيداً بفعل تعدد الأطراف المتدخلة، والتي تزيد من تعقيدها بفعل ارتفاع عدد المتغيرات بارتفاع عدد المتدخلين، وتوظيفهم للقضية في رهانات القوة الخاصة بكل طرف، وهو ما أثر حتى على الجبهة الداخلية في فلسطين، وأضعف من قدرتها.
وقالت "مع استدامة هذا الصراع من جهة، وجعله على الهامش من جهة ثانية، بفعل استحداث بؤرة توتر جديدة استحوذت على الاهتمام بشكل أكثر كثافة، خاصةً ما تعلق بالقوى الإقليمية العربية الفاعلة، كما في سوريا والعراق حيث توسعت مساحات العنف والفوضى والتدخلات الخارجية، مؤكدةً أن التحولات التي يعرفها النظام الدولي اليوم والاستضافات الجديدة توحي بتوجه دولي جديد يجب معه معالجة العديد من القضايا العالقة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، خاصةً مع القانون الدولي الإنساني، وحماية الحياة الإنسانية، على اعتبار الحق في الحياة أبرز حقوق الإنسان.
وحول تقييمها للأوضاع التي تعيشها النساء في مواقع الصراع على غرار فلسطين، سوريا، اليمن، السودان العراق، أوضحت أن "مناطق الصراع تعرف بتعليق عدد من الحقوق والحريات للمتواجدين فيها، كما ترتبط بتقويض شروط الأمن، وتصاعد التهديدات الأمنية المختلفة، ومن المؤكد أن أثر هذه التهديدات يمتد لجميع المقيمين فيها، لكنه يؤثر بشكل أكبر على النساء والأطفال والمسنين الذين يدفعون ثمناً مضاعفاً من حيث تحملهم تبعات الصراع دون أن يكونوا طرفاً مباشراً فيه، خاصةً النساء اللواتي تحملن على عاتقهن مسؤولية رعاية الأطفال والمسنين، ومتابعة أحوال الأسرى والمعتقلين".
وأكدت أن هذه الفئة تعاني من عدم تمتعها بحقوقها في الصحة والتعليم والتنقل في ظل انحسار الأمن، وشح الموارد، وعدم الاستقرار، إضافةً إلى الظواهر الجديدة من سبي واختطاف واعتداء جنسي، وبذلك تعد النساء أبرز المتضررين من حالات الصراع في الشرق الأوسط."
وعن كيفية دعم ومساعدة النساء اللواتي تعشن في مناطق الصراع قالت "تعاني النساء في أماكن الصراع من عنف مركب، خاصةً أنهن في أغلب الأحوال لا تكن شريكاً في اتخاذ قرار الانخراط في الصراع، علماً أن الإنسانية قد توصلت إلى صوغ قانون دولي يحمي المدنيين في النزاعات المسلحة"، مشيرةً إلى أن حماية النساء إبان الصراعات تبقى اختباراً حقيقياً لنجاعة القانون الدولي الإنساني، فالمرأة في فلسطين مثلاً تعايش الموت في كل أشكاله وحالاته، وكل أشكال العنف الجسدي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي أيضاً، وتفقد أساليب الصمود في ظل انحسار أسباب الدعم والمساندة، نفسها الحالات التي تعانيها المرأة في اليمن والعراق وسوريا وغيرها من مناطق الصراع، والتي لا ترقى برامج الأمم المتحدة الموجهة لدعم المساواة والنهوض بأوضاع النساء للاستجابة لها.
ونوهت إلى أن المؤشرات اليوم تدل على أن منطقة الشرق الأوسط، لازالت بعيدة عن الاستقرار السياسي والاقتصادي، "مفتاح السلام في الشرق الأوسط هو إيجاد حل للقضية الفلسطينية متوافق عليه، وضامن لسلام مستدام، وهو ما لا يمكن حدوثه مع وجود كيان عنصري، في ظل نظام دولي متحيز"، مؤكدةً أن ضمانات السلم في المنطقة ترتبط بشكل كبير بتحييد التدخلات الإقليمية والدولية في هذه المنطقة الاستراتيجية في حسابات جميع القوى، وتمتع المنطقة بالاستقرار السياسي والاقتصادي يستدعي توصل الأطراف إلى صوغ نظام إقليمي شرق أوسطي قادر على الخروج بالمنطقة من حالة التشظي إلى مرحلة بناء السلم.