العنف السياسي أحد أسباب ضعف مشاركة المرأة في برلمان 2022
تدخل المرأة التونسية السباق الانتخابي التشريعي 2022، بمشاركة ضعيفة جداً لم تتجاوز الـ12%، وهذه المشاركة الضئيلة كارثية وعنفاً سياسياً على النساء، ونتائجها ستكون وخيمة.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ عوض إن يتحقق مبدأ التناصف الأفقي والعمودي بالمجالس المنتخبة على غرار البرلمانات السابقة بما يضمن حظ أوفر في نسب مشاركة النساء، جاء نظام الاقتراع على الأفراد ليجهض هذا المكسب ويكاد يقصي النساء من البرلمان القادم في اتجاه أن يكون أبوي بامتياز.
حول مشاركة المرأة في الانتخابات قالت رئيس فرع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالقيروان سوسن الجعدي خلال حوار مع وكالتنا، بأن مشاركة المرأة في البرلمان القادم ستكون ضعيفة جداً.
التونسيات تخضن تجربة انتخابات تشريعية بنسبة ضعيفة جداً قياساً بما تحظى به المرأة من مكانة معرفية وعلمية واجتماعية، فما هو رأيك؟
في الحقيقة ما نلاحظه خاصة فيما يتعلق بنظام الاقتراع على الأفراد هو تراجع كبير عن مكتسبات النساء، إذ أنه لأول مرة يحدث في بلادنا تراجع كهذا، رغم أننا كنا نرغب في بلوغ التناصف العمودي والأفقي فيما يتعلق بالمجالس المنتخبة ونظام الاقتراع الذي لم يأخذ بعين الاعتبار أن العنف السياسي المسلط على النساء والذي يمنعهن تلقائياً من أن ترشحن أنفسهن. وبالتالي يجب التفكير في أن المرأة دائماً بحاجة إلى تمييز إيجابي، وإلى الإلزام بالقانون أن تكون في القوائم بأي صورة كانت سواء تناصف أو على الأقل تمثيلية في المجالس المنتخبة.
الإشكالية تكمن في أنه سيكون لدينا مجلساً تشريعياً ذكورياً بامتياز تغيب فيه أصوات النساء، ومن ثمة سوف تغيب قضايا النساء عن برامج النواب واستراتيجياتهم، إن كانت المجالس ستكون وفق ما نراه اليوم فلن يكون لديها الفاعلية والتأثير الكبير.
نرغب ونسعى لتحقيق مبدأ التناصف الذي ناضلت من أجله التونسيات، لأنه ليس لدينا استعداداً للتخلي عن مكتسباتنا بسهولة ونريد التقدم إلى الأمام لا أن نعود إلى الوراء فيما يتعلق بحقوق النساء خاصة ونحن اليوم نعيش أزمة اجتماعية واقتصادية كبيرة النساء هن المتضرر الأكبر منها، فحقوق النساء لا تمثل أولوية بالنسبة للحكومة.
كيف تقيمين وضع المرأة التونسية في الحقل السياسي بعد 2011؟
لا يمكننا القول إنها كانت عشرية سوداء برمتها، فبعد عام 2011 تمكنا من إصدار القانون عدد 58 لعام 2017، والذي كان مكسباً للمرأة التونسية بما تضمنه من حماية ووقاية وتعهد بالضحايا، حيث وسع مفهوم العنف فأصبحنا نتحدث عن العنف الجنسي والاقتصادي.
وبقدر سعادتنا بأن رئيسة الحكومة امرأة، إلا إن تسميتها كانت حيلة لإسكات النساء والنخب التي تؤمن بالمساواة، وبحث عن رسم صورة حديثة لتونس، ونلاحظ أنها لا تعمل كما ينبغي وأنها ليست المشاركة التي نرغب فيها في تونس لأن النساء متفوقات ولهن دور كبير، ومن باب الإنصاف أن تكون المشاركة السياسية بنفس الكفاءة، وبحسب ما جاء في أحد التقارير فإن وصول النساء إلى مواقع صنع القرار لا يزال دون الـ 27%، تريد النساء في تونس مشاركة منصفة والوصول إلى مواقع صنع القرار.
هل تعتبرين أن العنف السياسي له دور كبير في تراجع المشاركة السياسية للمرأة؟
عندما ننظر إلى هذه التمثيلية الضعيفة للنساء نجد إنها نتيجة للعنف الذي يتزايد ضدهن وخاصة العنف السياسي الذي يمنعهن من المشاركة، رغم إنهم يرددون دائماً توجد انتخابات فمن يمنعهن من المشاركة، متجاهلين أن هناك عنف مسلط ضدهن على أساس النوع الاجتماعي وينطلق من العنف المنزلي وصولاً إلى العنف الاقتصادي والسياسي وهناك دراسات أثبتت ذلك، وهذا ما يفسر استحواذ الرجال على 88% من نسب المترشحين مقابل 12% فقط للنساء.
لذا مازلنا في تونس بحاجة إلى قوانين تضمن مشاركة المرأة في الحياة السياسية، فرغم المكتسبات لا زالت نسبة البطالة في صفوفهن تفوق بكثير نسب البطالة بين الرجال، كما يغيب الضمان الاجتماعي والحماية اللازمة لحقوقهن، حتى إنهن تعملن في أكثر المهن الشاقة في الوقت الذي يكون وضعها المهني الأكثر هشاشة.
نحن بحاجة إلى قوانين تضمن المشاركة الفعلية للمرأة في المجالس المنتخبة، لأنها توصل صوت غيرها من النساء وتضع استراتيجيات بعيدة المدى، فلابد من أن يؤخذ البعد الجندري في التنمية وفي المشهد السياسي، فنحن نريد لبلادنا أن يتماشى خطابها وسياستها مع المعايير الدولية والالتزام بها خاصةً وأن تونس في 2014 رفعت التحفظات على "سيداو" والمادة 7 تحدثت عن مشاركة المرأة في السياسة وفي تأدية الوظائف العليا.
سجلت المرأة تراجعات في الانتخابات على جمع المستويات، فما هو المطلوب لوضع حد لتلك التراجعات؟
المسيرة مازالت متواصلة لتعزيز حقوق النساء الفاعلة وليست الصورية، سوف نناضل من أجل أن يكون هناك تمثيلية في الحكومات لإيصال صوت النساء وقضاياهن، فنحن لسنا راضين على هذا المسار الذي لم يعزز حقوق النساء، ولابد من تحسين أوضاعهن في العدالة الاجتماعية.
نطالب بتعزيز حقوق النساء من أجل تنمية عادلة، أي اذا لم تدعم وضع النساء فانت لن ترتقي بوضع البلاد لأن تاريخ هذا البلد مخالف لتاريخ المنطقة العربية برمتها وكل البلاد العربية تنظر الينا بأعجاب كبير، ونحن بقدر ما ندافع عن المساواة بقدر ما نريد ترسيخ ثقافة مجتمعية تدافع عن المساواة وتشريك النساء ودور الثقافة الاجتماعية يتأكد عندما نرى العنف المسلط ضدهن في تزايد وبروز ظاهرة قتل النساء والتطبيع معهما خطير جداً، لذلك يجب ترسيخ ثقافة اجتماعية لمكافحة العنف ومنحها الاولوية للحد من هذا الوباء الذي يؤثر على المرأة والأسرة والأطفال معا كما يجب أن يكون من اولويات الحكومة لمكافحته.
مع ضعف أقبال المرأة للترشح على الانتخابات التشريعية، هل تتوقعين ضعف اقبال المرأة على التصويت؟
أتوقع أن يكون إقبال النساء على التصويت ضعيفاً، لأن السياق العام لا يشجعهن، فهن تعانين من العديد من المشاكل من بينها الاجتماعية والاقتصادية، كما أصبحت جميع حقوقها مهددة وتعاني من العنف، بالإضافة إلى تفاقم ظاهرة قتل النساء وهو ما سلط الضوء على عدم تطبيق المؤسسات المعنية القانون رقم 58 خاصة في جانبي الوقاية والإحاطة، وأكبر مثال على ذلك قضية المرأة التي قتلت على يد زوجها في محافظة الكاف، حيث كانت قد تقدمت بالشكوى ثلاث مرات لمركز الأمن، مشيرةً إلى أن زوجها هددها بالقتل والحرق، وكلامها موثق في ثلاث محاضر بحث، لكن لم يتم ردعه وغابت إجراءات الحماية للضحية، فقتلت وخلفت ضحايا جدد وهم أطفالها فالعنف ضد المرأة هو مسؤولية الحكومة ويجب أن تهتم به لأنه لديه نتائج خطيرة.