المساواة والمشاركة في صنع القرار أبرز أهداف جمعية "وردة بطرس"
على يد مجموعة من الناشطات في العمل النسائي والوطني انطلقت جمعية "مساواة وردة بطرس للعمل النسائي" في مسيرتها منذ العام 2005 وحصلت على ترخيص من وزارة الداخلية اللبنانية في العام 2009
كارولين بزي
بيروت ـ .
"هكذا وُلدت جمعية "مساواة وردة بطرس للعمل النسائي"
عن أهداف الجمعية ونشاطاتها تتحدث رئيسة الجمعية الدكتورة ماري ناصيف الدبس لوكالتنا "بدأ العمل النضالي بين مجموعة من السيدات المناضلات في العام 2000 من خلال اجتماعات عقدناها من أجل تعديل القوانين المجحفة بحق المرأة، واستندنا حينها إلى موافقة الدولة اللبنانية على اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة في العام 1996".
وتضيف "اعتبرنا حينها أنه من الضروري أن يكون هناك جمعيات تتعاطى الشأن السياسي، بما أن أغلب أهداف الجمعيات في لبنان اجتماعية. أطلقنا في العام 2000 "اللقاء الوطني للقضاء على التمييز ضد المرأة"، وهذا اللقاء قام بدراسة القوانين ووضعنا اقتراحات معينة في كيفية تنظيم هذه القوانين وإعادة صياغتها بما يتلاءم واتفاقية سيداو".
تتابع "اتفقنا في اللقاء الوطني على أن نؤسس جمعية وأن تحوز هذه الجمعية صفة سياسية واضحة من خلال تسميتها، إذ حملت الجمعية اسم أول شهيدة للحركة العمالية اللبنانية وهي الشهيدة وردة بطرس التي استشهدت في العام 1946 وذلك خلال خوضها معركة حقوق عمال الريجي وحق الطبقة العاملة اللبنانية في قانون للعمل ينظم أوضاعها. بعد استشهاد وردة بطرس وجرح أصدقائها تم تنظيم إضراب شامل كردة فعل على القمع والوحشية من قبل السلطة السياسية حينها، وأدى هذا الإضراب إلى صدور قانون العمل للمرة الأولى".
وتستطرد قائلةً "قانون العمل الذي صدر حينها على الرغم من أهميته كان ناقصاً، ونحن نعمل حالياً على تعديل مجموعة من المواد وتحديداً المادة 7 في قانون العمل، التي تنص على استثناء كل من الخدم في البيوت، النقابات الزراعية وصيادين الأسماك من هذا القانون، ونسعى للاعتراف بهم كعمال وعاملات يشملهم قانون العمل".
"نركز على القضايا الوطنية والسياسية والاجتماعية"
وتوضح أن نشاطات الجمعية تتناول ثلاثة قضايا، القضية الوطنية والقضية السياسية والقضايا الاجتماعية.
ففي إطار القضية الوطنية، تقول "نحن مع الدفاع عن الوطن بكافة الأشكال وفي مختلف الميادين، وبالتأكيد مع القضية الفلسطينية. بالنسبة للقضية السياسية، نحن نطالب بحق المرأة بالمشاركة بفعالية في جميع مواقع صنع القرار، ومطلبنا الحالي هو كوتا نسائية مرحلية ومؤقتة لدورتين في المجلس النيابي والمجالس المحلية وصولاً إلى المناصفة".
وتسأل "لماذا المرأة غائبة حالياً عن مراكز صنع القرار؟ لأن نظامنا هو نظام كوتا طائفية وفي هذا النظام لا تعترف الطوائف بالمرأة كعنصر مساوي للرجل، كما ترفض أن تكون المرأة ممثلة لها. إذ لا يوجد مساواة بين المرأة والرجل على صعيد القوانين الشخصية، لذلك هدف حركتنا المطالبة بقانون مدني موحد للأحوال الشخصية، لكي نصبح مواطنات في هذا المجتمع".
"المساواة في القطاع العام أنجزت بفضل تحركاتنا"
وتضيف "فيما يتعلق بالقضايا الاجتماعية، نحن نركز بشكل أساسي على الحقوق وهي حقوق الانسان ولاسيما حق المرأة بالعمل لأننا نواجه مشكلة كبيرة في لبنان نتيجة الأزمة الاقتصادية وانتشار فيروس كورونا، إذ أن أكبر نسبة عاطلة عن العمل هي من النساء، ونصف المجتمع اللبناني بات تحت خط الفقر، والأكثر فقراً هن النساء في لبنان".
وتتابع "من أبرز أهدافنا هو حق التعليم، وكنا قد أجرينا دراسة حول الأمية، ووجدنا أن نسبة الأمية تزداد ولاسيما في الأرياف وخصوصاً عند الفتيات، إذ يدفعهم ذويهم إلى ترك المدرسة من أجل العمل أو الزواج. وناضلنا من أجل إقرار قانون تعليم إلزامي ومجاني حتى نهاية المرحلة الأساسية، لكي تستطيع الفتاة أن تختار عندها أن كانت ستكمل في التعليم العام أو المهني. إلى جانب حق التعليم، هناك حق العمل والطبابة وقانون ضمان الشيخوخة".
وتلفت إلى أن المساواة في القطاع العام أُنجزت بفضل التحركات التي نظمتها الجمعية والمطالبة بتعديل أنظمة وقوانين الموظفين في القطاع العام.
"نعمل على إقرار قانون رفع سن الزواج إلى 18 سنة"
لدى جمعية "مساواة وردة بطرس للعمل النسائي" أهداف أخرى تنشط من أجل تحقيقها، وتشير ماري الدبس إلى مجموعة من القضايا ولاسيما تلك التي تحفظ لبنان عليها ومنها حق المرأة اللبنانية في إعطاء الجنسية لأطفالها، وتعتبر معركة كبيرة مرتبطة بقانون الأحوال الشخصية. وتقول "نظمنا بعض التحركات فيما يتعلق بالزواج المبكر ونطالب بإقرار قانون رفع سن الزواج إلى 18 سنة". وتضيف "صدرت دراسة مشتركة عن جمعيتنا ولجنة حقوق المرأة اللبنانية تتناول أسباب وآثار والنتائج السلبية للزواج المبكر على القاصرات اللبنانيات والفلسطينيات والسوريات في لبنان. نظمنا لقاءات متعددة على كافة الأراضي اللبنانية، وكان هناك شهادات حية لنساء تزوجن بسن مبكر، تحدثوا فيها عن تجاربهن".
لا تنكر ماري الدبس بأن خطوة المجلس الإسلامي الشرعي إيجابية فيما يتعلق برفع سن الزواج، معتبرةً بأن "الحملات التي تنظمها الجمعية مع جمعيات نسائية أخرى أثرت في تغيير بعض القضايا لدى بعض الطوائف الأساسية في لبنان، ولكن ذلك لا يلغي بأن التمييز بين المرأة والرجل باقٍ، ما لم يتم إقرار قانون موحد للأحوال الشخصية".
ينص الدستور اللبناني على أن لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية لا دولة طائفية، واستناداً إلى الدستور تقول ماري الدبس "يجب أن يكون هناك تعديل للقوانين بهدف الوصول إلى دولة مدنية".
"سنتقدم بمشروع قانون يتعلق بالدعارة والاتجار بالبشر"
من ضمن نشاطات الجمعية، هناك تحركات مشتركة بينها وبين المؤسسات النسائية والنقابية والاجتماعية، وتقول "نظمنا مؤخراً ندوات وتحركات للمطالبة بقانون موحد للأحوال الشخصية. شكلّنا لجنة ونظمنا مؤتمرات في قصر الأونيسكو وكان من بين الحضور رجال دين. كما كان لدينا تحركات مع اللقاء الوطني ولجنة حقوق المرأة ووزارة التربية والهيئة الوطنية لشؤون المرأة، وشكلنا مجموعة للعمل على موضوع تطور البغاء في لبنان، وأجرينا دراسة حول الموضوع وكنا على تواصل دائم مع قوى الأمن الداخلي. قمنا بزيارة البلديات للاطلاع على كيفية معالجتهم لهذا الموضوع، وكنا نعلم بأن هناك مؤسسات كانت تؤمن ملجأً لنساء أُجبروا على العمل بالبغاء وهربوا.. ثم قمت بإعداد دراسة باسم المشاركين وقمنا بإرسالها إلى مؤسسة البحر المتوسط في اسبانيا التي تضم كل الجمعيات والهيئات في الشرق والغرب، ويدعمها الاتحاد الأوروبي، ولاقت الرسالة تفاعلاً ايجابياً".
وتتابع "قمنا بالتحضير لمشروع قانون يتعلق بالدعارة والاتجار بالبشر وكنا سنتقدم به إلى مجلس النواب ولكن الأزمات التي نعيشها في لبنان حالت دون ذلك".
وتضيف "منذ العام 2018 إلى العام 2020 نظمنا تحركات متواصلة للضغط من أجل منع زواج القاصرات، حضرنا مشروع قانون علماً أننا تقدمنا سابقاً بمشروع قانون وسنقدم مشروعاً جديداً".
"نعمل على ابرام الاتفاقية الدولية لمكافحة العنف والتحرش في ميدان العمل"
وعن مشاريعهم الآنية، تقول "حالياً لدينا مشروع مشترك مع الاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين في لبنان من أجل ابرام الاتفاقية الدولية 190 والتوصية 206 المتعلقتين بمكافحة العنف والتحرش في ميدان العمل".
وتوضح "نتعاون كجمعية وردة بطرس مع الاتحاد المغربي للشغل والاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد الوطني للعمال والمستخدمين في لبنان، هناك اتحادات نسائية ونقابية في الكويت والعراق وليبيا ومصر وفلسطين، شكلنا مجموعة أطلقنا عليها اسم "دينامية عمل المرأة في العالم العربي"، وسنرسل عريضة للأمم المتحدة في 21 حزيران/يونيو تبناها الاتحاد الأوروبي، ووقع عليها نحو 600 شخصية من العالم العربي، علماً أننا عندما بدأنا كنا 13 شخصاً فقط. وهذا أمر مهم بأن يعمل كل بلد بمفرده على موضوع التحرش والعنف وأن يكون هناك تعاون بيننا في العالم العربي من أجل الحد من هذه الظاهرة ولاسيما أن المشاكل التي نعاني منها في العالم العربي متشابهة".
ضمن نشاطات الجمعية، هناك تحركات مستجدة ولاسيما بعد انفجار مرفأ بيروت، إذ تقدم جمعية "مساواة وردة بطرس" تبرعات عينية ومالية لأكثر العائلات تضرراً من انفجار المرفأ، وبعض هذه المساعدات عبارة عن حليب وملابس للأطفال.
وتلفت إلى أن مؤسسة دار السلام التي تضم مجموعة من المغتربين اللبنانيين المتواجدين في أوروبا وبشكل أساسي في ألمانيا، قدمت للجمعية مساعدات وتقوم حالياً بتوزيعها.
وتختتم رئيسة جمعية وردة بطرس الدكتورة ماري ناصيف الدبس حديثها قائلةً "نحاول أن نتحرك خارج الإطار العام للمجلس النسائي اللبناني والجمعيات التقليدية ونحاول أن نعمل في إطار النضال في سبيل توعية المرأة بحقوقها، لكي تتحرك وتناضل من أجل الحصول عليها".