المفاوضات الفلسطينية... النساء مغيبات ودورهن محدود
أكدت سهير خضر أن القرارات الفلسطينية كانت وما زالت تعتمد على رجال السياسة بسبب الطابع الذكوري، الأمر الذي يستدعي تدخل حازم وموقف ثابت من الأطر والاتحادات النسوية لتغيير المشهد السياسي وإعطاء النساء حقهن وفقاً للكفاءة والمنافسة وليس بحسب الكوتا.
رفيف اسليم
غزة ـ تشهد الساحة السياسية الفلسطينية منذ بدء مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة تغييب نسوي تام، فلا وجود للمرأة في مراكز صنع القرار أو ضمن الوفود المشاركة في الدول المستضيفة، على الرغم من أن غالبية الضحايا هم من النساء والأطفال.
سهير خضر مسؤولة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في غزة، قالت إن مشاركة المرأة في المجال السياسي ما قبل الحرب على قطاع غزة كان قد بدأ بالتحسن ليس بالشكل المطلوب لكنها أوجدت قاعدة يمكن الانطلاق منه، إلا أن تدهور الأوضاع الحالية ساهم بشكل كبير في توسيع الهوة القائمة وكأن الجهود المبذولة تبخرت.
وأوضحت أن المرأة الفلسطينية سبقت الرجل بالعمل السياسي والنضالي والنماذج كثر وهن شادية أبو غزالة وليلى خالد وغيرهن ممن كان التاريخ شاهد على بطولاتهن، على الرغم من ذلك لم تأخذ المرأة حقها في تولي مراكز صنع القرار التي تؤهلها فيما بعد لتكون متواجدة في المفاوضات سواء الحالية أو السابقة.
وبالعودة للاطلاع على وفود المفاوضات المرسلة مسبقاً لن يجد الباحث وفقاً لسهير خضر، سوى أسمين وهما حنان عشرواي وزهيرة كمال، على الرغم من أنه غالبية ضحايا النزاعات هن من النساء وأطفالهن، بالمقابل لا تتواجد من تمثلهن في اتخاذ القرارات وإنهاء معاناتهن وحقن دمائهن، خاصة خلال الإبادة الحالية التي ترتكب في قطاع غزة.
ولفتت إلى أنه خلال تجربة مفاوضات الانقسام بين الأحزاب الفلسطينية وهي المشكلة الأبرز في تاريخ الشعب الفلسطيني لم يكن هناك تواجد نسوي في المفاوضات التي كانت تجري آنذاك، على الرغم من أنها عانت من ويلات الانقسام كما الرجل إلا أنها غابت عن الحوار الوطني الذي لم يثمر بنتيجة فعلية حتى اليوم.
وأوضحت أن صنع القرار الفلسطيني كان وما زال يعتمد على رجال السياسة بسبب الطابع الذكوري الذي يسيطر على المجتمع، مما يستدعي تدخل حازم وموقف ثابت من الأطر والاتحادات النسوية لتغير المشهد السياسي وإعطاء النساء حقهن وفقاً للكفاءة والمنافسة وليس بحسب الكوتا التي لا تصل إلى المناصفة بين الرجل والمرأة.
ومن المعوقات التي تمنع المرأة الفلسطينية من الوصول لمراكز صنع القرار بحسب سهير خضر، هو العامل الذاتي للمرأة، فيجب أن تقتنع النساء بقدراتهن على تولي مناصب صنع القرار، ومن ثم يأتي دورهن في التغلب على المعوقات التي يفرضها المجتمع بهيمنته الذكورية، مؤكدة أنه على التنظيمات أيضاً تحمل تلك المسؤولية والمساهمة في إيجاد حل لها.
واستكمالاً لتلك المعوقات، بينت أن الامتناع عن إقامة الانتخابات العامة منذ ما يقارب 18 عاماً ساهم في تعميق مشكلة عدم وصول النساء الفلسطينيات لمراكز صنع القرار، وقد انعكس ذلك أيضاً على كل من الأطر والنقابات ومشروع إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، بالتالي لم تتمكن المرأة من نيل حقها الطبيعي في الترشح والانتخاب.
ويكمن حل تلك المشكلة وفقاً لسهير خضر، بأن تقوم الاتحادات والأطر النسوية في العمل الجاد لانتزاع الحق السياسي للفلسطينيات في التمثيل بالهيئات العليا، وتدعمها بذلك الفصائل من خلال إبرام مواثيق شرف على دمج النساء ورفع نسبة تمثيلها في المعترك الذي تعيشه المرأة داخل الحزب، مشيرة إلى أن تلك الخطوة قد تم اعتمادها مسبقاً وحققت نتائج إيجابية.
ولفتت إلى أنه يجب تغير بعض القوانين التي تحكم المرأة كقانون الأحوال الشخصية على سبيل المثال ودعمها في التمكين الاقتصادي الذي بدونه لن تستطيع الالتفات إلى حقها السياسي، وكذلك الحال في المجال الصحي فالكثير من النساء لا تستطعن نيل حقهن في العلاج كما هو الحال اليوم فهناك ألاف الجريحات دون علاج.
وأكدت أنه من الضروري تغير نظرة المجتمع تجاه المرأة ومنحها استقلالية فكرية واقتصادية، مع التركيز على التدريبات التي توسع مفاهيمها الفكرية حول حقوقها السياسية وتفعيل دور المؤسسات الحقوقية لتنفيذ قانون رقم 1325 الذي ينص على حماية النساء خلال أوقات النزاعات المسلحة.
وأوضحت أن إسرائيل تركز على قمع المرأة الفلسطينية سواء بالضفة أو القدس ويظهر ذلك جلياً من المقاطع المصورة التي تظهر أوضاعهن خاصة المعتقلات في السجون واللواتي تحرمن من أبسط حقوقهن الإنسانية، وكذلك الحال في قطاع غزة فيظهر من خلال حربه الديموغرافية تركيزه على قتل المرأة ليحقق توازن بين التواجد الفلسطيني وتواجد شعبه على الأرض.
واختتمت مسؤولة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية في غزة سهير خضر حديثها بالقول إنها تتوقع أن يكون وضع النساء الفلسطينيات أفضل بعد انتهاء الحرب على غزة، وفقاً للنضالات والتضحيات التي قدمتها طوال تلك المدة من قتل وتهجير وتعذيب لتقابله بالصمود في أرضها، وذلك يبقى مرهوناً بنضال الاتحادات والأطر النسوية.