الكوتا النسائية... قانون يكرس حق المرأة بالتمثيل السياسي
وقّع عشر نواب من كتل نيابية مختلفة في المجلس النيابي اللبناني على اقتراح قانون الكوتا النسائية في الانتخابات البلدية القادمة، بهدف تقديمه إلى المجلس النيابي وإقراره، لتعزيز وتفعيل دور المرأة في السياسة المحلية.
سوزان أبو سعيد
بيروت ـ حاولت المنظمات الحقوقية والنسائية لسنوات طويلة جعل مطلب الكوتا النسائية أو الجندرية قانوناً نافذاً من شأنه تكريس حق المرأة بالتمثيل السياسي، واليوم ولأول مرة بات هذا المطلب قريباً للتحقق أكثر من أي وقت مضى، في الوقت الذي لا يزال فيه يقع في أدنى تصنيف التمثيل السياسي للمرأة في جميع أنحاء العالم.
قام عشر نواب من كتل نيابية مختلفة بتوقيع اقتراح قانون الكوتا النسائية في الانتخابات النيابية والبلدية المختلفة الذي طوره خبراء قانونيون وحقوقيون، خلال مؤتمر نظم من قبل منظمة فيفتي فيفتي في العاصمة اللبنانية بيروت، في السابع من كانون الأول/ديسمبر الجاري.
وسيتم وضع القانون المقترح على جدول أعمال اللجان النيابية للنقاش والبحث قبل الاتفاق على صيغة نهائية يتم إقرارها قانونياً في جلسة عامة لمجلس النواب، وتطالب النسويات والسياسيات بالاستعجال في تبني القانوني قبيل حلول موعد الانتخابات البلدية التي من المزمع إجراؤها في أيار/مايو المقبل.
وقد تم تقديم الاقتراح الذي وقع من قبل نائبة عن حزب أمل، ونائبتين من الأحزاب التغييرية، ونائبين عن التيار الوطني الحر، نائبين عن حزب الكتائب اللبناني، وثلاثة نواب من الحزب التقدمي الاشتراكي؛ بعد 4 سنوات من العمل على إعداد تعديلات للقانون الانتخابي لتطبيق الكوتا النسائية كتدبير خاص مؤقت، وذلك بهدف تعزيز تمثيل ومشاركة المرأة في السياسة، والمساواة الجندرية والعدالة والشمولية، وتصحيح الخلل في التمثيل النسائي خصوصاً في المجالس البلدية القادمة.
تقول عضو المكتب السياسي في حزب الكتائب لينا فرج الله أن "حزب الكتائب اللبنانية اختار الالتزام بالكوتا النسائية في المؤتمر العام وانتخاباته الداخلية، وفي المرحلة الأولية أي خلال الأعوام 2011 و2015 و2019 بلغت نسبة مشاركة النساء نسبة الـ 20%، بينما في العام الجاري وصلت نسبة تمثيلهن إلى الـ 25%"،
وأشارت إلى أن انتخاب المرشحين على صعيد المكتب السياسي والقيادي يتم كل أربع سنوات وبنسبة النصف زائد واحد في الدولة الأولى للانتخابات، لافتةً إلى أنه ليس هناك التزام بنسبة الكوتا لذا بعد صدور النتائج كانت تعقد الدورة الثانية ليتم الزام تطبيق نسبة الكوتا، لأنه في القانون الانتخابي يحتاج كل مرشح سواء كان رجلاً أو امرأة للحصول على عدد أصوات معينة "خلال المؤتمر العام الذي عقد عام 2019 و2023، لم نحتاج للخضوع لدورة ثانية للانتخابات، حيث تم انتخاب 16 مرشح في الدورة الأولى بنسبة النصف زائد واحد، ولم نحتاج كنساء في كل المؤتمرات إلى إلزامية تطبيق الكوتا، حث كانت تطبق من الدورة الأولى".
أما على صعيد المناطق والأقاليم والأقسام المختلفة وضمن العمل الداخلي والمجالس والندوات والمصالح، فإن الحزب مجبر على تمثيل نسبة 30% من النساء في كل لجنة تنفيذي كما أوضحت لينا فرج الله، لافتةً إلى الدور الذي قدمته المحامية والناشطة في مجال حقوق المرأة في لبنان لور مغيزل على مدى 70 عاماً، حيث كانت من بين النساء اللواتي اقترحن قانون مشاركة المرأة في الانتخابات ترشحاً واقتراعاً، وهي من الأعضاء المؤسسين للمجلس النسائي اللبناني.
وأضافت "اهتمامنا بدور المرأة في التنمية المحلية والبلديات، انعكس على الحزب، حيث تشكل النساء نسبة 47% من أعضائه، فنحن نؤمن بأن دور المرأة لم يعد محصوراً بإدارة المنزل فقط، فهي أصبحت تعمل في كل المجالات، لذا نعمل على دعم ومساندة المرأة في البلديات"، وتوجهت للنساء من جميع الطوائف والانتماءات السياسية في لبنان برسالة حثت فيها على "ضرورة لعبهن دورهن في إدارة بالبلديات، لحل كافة المشاكل التي تعاني منها بلداتهن ومناطقهن سواء على صعيد التنمية أو المناخ أو التربية أو النظافة أو الإعمار".
كما أكدت المحامية لمى حريز عضو المجلس القيادي في الحزب التقدمي الاشتراكي على أنه من بين الداعمين لقانون الكوتا النسائية ويحث منذ سنوات على إشراك المرأة في العمل السياسي "في عام 2014 أقرينا الكوتا الجندرية في النظام الداخلي لمنظمة الشباب التقدمي، وبدأنا بتفعيل ما يعرف بالكوتا طوعياً داخل الحزب، وفي عام 2021 أقر الكوتا الجندرية، وأتى هذا الأمر لاحقاً لإقرار الكوتا الطوعية التي تم ادخالها على النظام الداخلي للحزب، ولو أنها بصورة مرحلية ومؤقتة لتكون لديها الحجة القانونية المناسبة للمرحلة القادمة".
وأوضحت أن عدم تطبيق قانون الكوتا النسائية حتى الآن في لبنان يدل على مدى تعمق العقلية الذكورية في المجتمع، مشيرةً إلى أن إقرار الكوتا أمر ضروري لتوعية المجتمع بأهمية وجود المرأة وإشراكها في العمل السياسي، وأنها قادرة على العمل بفعالية كبيرة، "يعتبر إقرار الكوتا على مستوى البلديات أمراً أساسياً لإدراجه على جدول عمل مجلس النواب وإقراره بأسرع صورة ممكنة، لأن وجود المرأة فيها ضروري لصنع السياسات التي تعنى بالمواطنين/ات مباشرة لإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي على البلديات متابعتها".
وأكدت على أنهم سيشهدون سياسات غير مسبوقة، مشددة على ضرورة تواجد المرأة في كافة المؤسسات والقطاعات والمجالات وصنع القرارات وإدارة المجتمع "من المؤكد أن إشراك المرأة في الحياة السياسية سيكون له أثر على كافة المستويات، ولكن يجب أن تكون هناك استراتيجية وطنية تتحمل مسؤوليتها كافة الجمعيات المعنية بهذا الملف، وكافة النساء الموجودات في مواقع القرار، وعلى المجلس النيابي التعامل بصورة جدية مع اقتراح القانون الذي وقع عليه عشرة نواب بأن يتم إدراج الاقتراح ضمن جدول الأعمال والتصويت عليه كما هو، لأن القانون تم مناقشته ومراجعته، وعدم الإطالة في مناقشته داخل مجلس النيابة لأنه لم يتبقى وقت لإجراء الانتخابات البلدية".
وقالت الناشطة السياسية وعضو مجلس قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي مروى أبي فراج "كان قد أقر اقتراح قانون الكوتا الجندرية منذ حوالي عشر سنوات، ولكن لأول مرة تتم الموافقة عليه من قبل أكثر من عشرة نواب، وطبعا الحزب التقدمي الاشتراكي كان في طليعة هذه الأحزاب اللبنانية التي طبقته ضمن نظامها الداخلي، ومنذ عام 2014 طبق ضمن منظمة الشباب التقدمي، وكان لي الشرف أن أكون أنا من تقدم بهذا القانون آنذاك، وتم خلال العام الجاري انتخابي بناءً على الكوتا النسائية ومبدأ المساواة بين الجنسين".
وأشارت إلى أنه بالرغم من أن "النظام الداخلي للحزب التقدمي الاشتراكي يطبق الكوتا التي تنص على تمثيل النساء بنسبة 30% إلا أنه في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في حزيران الماضي، تم تمثيل النساء مناصفةً، ونرجو أن تكون النتائج إيجابية ويتم المناصفة بين النساء والرجال في البلديات التي يصل عدد أعضائها إلى 12، أي في حال تم تطبيق هذا القانون ستكون هناك 49 بالمئة من النساء".
ولفتت إلى أن القانون جاء متأخراً قليلاً أي بعد 46 عاماً من إقرار اتفاقية "سيداو" وحوالي 20 عاماً من توقيع لبنان على الاتفاقية، مشيرةً إلى أن هذا الاقتراح مؤقت إلى حين أن يصبح هناك تكافؤ في الفرص والمعاملة، مشيرةً إلى أن الفقرة (ج) من مقدمة الدستور اللبناني ينص على أنه هناك مساواة وأن كل اللبنانيين واللبنانيات من المفترض أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات، إلا أن نسبة مشاركة النساء في المجال السياسي لا تتجاوز الـ 6%.
وفي ختام حديثها وجهت رسالة لكافة النساء قائلةً "على اللبنانيات أن تتخلصن من الخوف الذي يتملكهن، وأن تترشحن لأننا نملك الفرصة لتحقيق ما نصبو إليه، ونحصل على حقنا في المشاركة بصنع القرار وإدارة البلاد والنهوض به، يجب أن يكون لدينا تمثيل عادل للنساء والرجال في شتى المجالات، أدعو الجميع للترشح ودعم النساء والفئة الشابة الذين سيكونون على القوائم الانتخابية".