الأزمة السياسية في لبنان إلى مزيد من التأزم والمرأة الأكثر تضرراً
يدخل اللبنانيون إلى عالم المجهول في ظل أزمة سياسية انعكست على مختلف نواحي الحياة، الاقتصادية منها والاجتماعية والأمنية. أما المسؤولون عن إدارة البلاد فيعيشون بعالمهم الخاص، ويستمتعون برفاهية الوقت غاضين البصر عن معاناة الناس وحقوقهم.
كارولين بزي
بيروت ـ العديد من الإعلاميات اللبنانيات سلطن الضوء على الأزمة السياسية اللبنانية في ظل الفراغ الرئاسي الذي يعيشه لبنان، وحكومة تصريف أعمال معلقة بين دستورية جلساتها من عدمها، وتأثير هذه الأزمة على اللبنانيين عموماً والنساء خصوصاً.
"الحوار مدخل الخروج من الأزمة"
التقت وكالتنا بإعلاميات لبنانيات من خلفيات سياسيات مختلفة، أجمعن على أن الأزمة انعكست حدتها على المرأة اللبنانية التي لم تحصل أصلاً على حقوقها بعد.
وقالت الإعلامية رشا الزين "نعيش حالياً في ظل أزمة سياسية تزداد وتيرتها يوماً بعد يوم، ولكن الملفت أنه مع كل ارتطام للأزمة الشعب يتكيف ويتأقلم مع هذه التغيرات"، مؤكدةً على إن هناك تداعيات للأزمة السياسية على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية إذ أن كل الأمور مرتبطة ببعضها البعض.
وأوضحت أن "مجلس النواب السلطة الوحيدة الناشطة في هذه المرحلة، إذ يتوزع نشاط النواب بين جلسات اللجان وجلسات مجلس النواب، لكننا اليوم نتجه نحو المجهول، مثلاً دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسة حوار إلا أن الكتل النيابية لم تلبي الدعوة، وقد سألت عدداً من النواب عن مشاركتهم بالحوار وأكد الجميع بأن الحوار هو المدخل للخروج من الأزمة ولكن هناك خلافات على بعض التفاصيل والنواب غير مستعدين للجلوس إلى طاولة حوار لحل هذه الخلافات. يتعاطى بعض النواب باستخفاف وكأن لدينا في لبنان رفاهية الوقت في ظل كل الأزمات التي نعيشها".
"الأزمة السياسية ولّدت أزمة أمنية"
وأشارت إلى إن "لو كان القرار بأيدينا لما كنا نعيش في هذه الدوامة، كل كتلة نيابية لها مرجعيتها وحساباتها الضيقة"، وسألت عن السبب الذي يعطّل الحوار بما أن الحوار مدخل لحل ملف رئاسة الجمهورية والعديد من الملفات العالقة.
وعن الأزمة السياسية في لبنان التي انعكست على المواطن اللبناني والمرأة اللبنانية تحديداً، وأوضحت بأن المرأة اللبنانية هي جزء من المجتمع". مشيرةً إلى أنه "نتج عن الأزمة السياسية أزمة اقتصادية، اجتماعية وأزمة أمنية".
وأضافت أن "الأزمة السياسية وعدم الوصول إلى حلول أثرت على مرتباتنا التي تآكلت، وتعطيل الحلول انعكست على عدم إيجاد معالجات للأزمات الاقتصادية، مثل مكافحة الغلاء، إذ نخوض جميعاً ميدان العمل ومرتباتنا لم تعد تكفينا".
وحول انعكاسات الأزمة السياسية على الجانب الأمني أيضاً على الرغم من تصريحات وزير الداخلية بسام مولوي المتكررة عن أن الأمن مستتب إلا أن الواقع ينبئ بالعكس أوضحت "نشهد حالة انعدام للأمن، لم يعد باستطاعتي كامرأة أن أخرج ليلاً، أولاً الإضاءة معدومة في الشوارع العامة، ازدادت عصابات السرقة، وهناك اعتداءات وجرائم قتل، هذه الأزمة السياسية ولدت أزمة أمنية نعيشها اليوم".
وأضافت "حتى حياتنا الاجتماعية تغيرت، إذ لم نعد نتواصل مع الأصدقاء أو نخرج معهم، هذه الأزمات كلها متفرعة من الأزمة السياسية، فعندما يكون هناك استقرار سياسي نشهد استقراراً اقتصادياً وأمنياً واجتماعياً".
"نعيش مرحلة انسداد الأفق"
ومن جانبها قالت الصحفية اللبنانية ميساء عبد الخالق "دخلنا في الفراغ الرئاسي منذ 31 تشرين الأول/أكتوبر الماضي ولغاية اللحظة لم ولن يتم انتخاب رئيس للجمهورية على المدى المنظور، ويبدو أن دعوة الرئيس بري للحوار معقدة في ظل رفض الفرقاء السياسيين لها، وفي مقدمتهم حزب القوات اللبنانية".
وأضافت "على جميع الفرقاء أن يحاولوا إيجاد مخرج للتوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية من أجل إخراج البلاد من أسوأ أزمة اقتصادية يشهدها لبنان وهي واحدة من أسوأ ثلاثة أزمات اقتصادية لم يشهدها العالم منذ القرن التاسع عشر".
وأشارت إلى أن "نحن في حكومة تصريف أعمال وهناك جدل دستوري قائم في ظل رفض فريق سياسي وهو التيار الوطني الحر، حول انعقاد جلسات لحكومة تصريف أعمال، في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية، حتى لو عقدت جلسات في مجلس النواب هناك مناكفات أيضاً في المجلس حول مواضيع متعددة وخلافات بين الكتل النيابية وأيضاً على خلفيات سياسية".
وأضافت "الواقع السياسي والواقع الاقتصادي معقدان وهذا ما أدى إلى انعكاسات على المستوى الداخلي، وهو ما يعيق الحوار والوصول إلى حل في البلاد، وبالتالي كلنا يعلم أنه من دون إجراء إصلاحات لن يستطيع لبنان الحصول على المعونات من صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي".
"النساء يكافحن للتعايش مع الواقع المرير"
وعن كيفية انعكاس الأزمة السياسية على المواطن اللبناني وتحديداً المرأة قالت "أدت الأزمة السياسية إلى ارتفاع أسعار السلع بشكل جنوني، على الرغم من اتخاذ الجهات الرقابية ووزارة الاقتصاد الإجراءات اللازمة ولكن هذه الإجراءات غير كافية في ظل انسداد الأفق وفي ظل استفحال الأزمة الاقتصادية والمالية، وهناك أزمة مصارف ومصير هذه الودائع بات مجهولاً".
لم تؤثر الأزمة السياسية على المرأة العاملة فقط، بل أيضاً على المرأة ربة المنزل، وأوضحت "النساء اللواتي لا تعملن هن نساء مناضلات ومكافحات، لأنهن في ظل الصعوبات التي يواجهها الزوج في تأمين متطلبات الحياة اليومية للأسرة مع ارتفاع الأسعار، النساء هن المناضلات الحقيقيات في خلق التوزان للأسرة، أي تأمين الاحتياجات بما تيسر، وهذا ينعكس تعباً نفسياً وعبئاً عليهن، هن تكافحن في محاولة للتعايش مع هذا الواقع المرير".
"الصحة النفسية والتبعية"
سلطت الإعلامية اللبنانية جويس نوفل الضوء على الوضع السياسي في لبنان، ووصفته بالصعب، إذ انعكست حدته على كافة المستويات الاقتصادية والمالية والاجتماعية وحتى النسائية.
وقالت "نحن كنساء نعيش في مجتمع لم يتحرر كلياً بعد من الذهنية الأبوية، فكيف في ظل هذه الأزمات التي أثرت على كل المواطنين وزادت حدتها من معاناة المرأة".
وأوضحت "نعاني في لبنان منذ ثلاث سنوات في المشهد السياسي، والواقع إلى تأزم في ظل الفراغ الرئاسي وحكومة تصريف أعمال، وهناك فوضى دستورية تحدث عنها البعض بسبب جلسات حكومة تصريف أعمال، كما هناك خوف من فوضى أمنية".
وأكدت على أن الأزمة تؤثر على المرأة من الناحية النفسية، "نعيش تحت ضغط كبير، تغير نمط حياتنا فجأة ووجدنا أنفسنا غير قادرين على استيعاب ما نعيشه، علماً أننا مجبرون على التكيف مع الواقع، وهناك ضغوط كبيرة من الناحية الاجتماعية، وبالتالي هذا المسار بأكمله أصبح يؤثر على الجميع ولكن المرأة بمستويات أعلى".
وأشارت إلى أن "المرأة العاملة في مختلف الميادين والتي حصلت على بعض من حريتها، كانت قد بدأت الشعور باستقلالية مادية ومعنوية، وبسبب الأزمة السياسية التي انعكست أزمة اقتصادية ومالية، وجدت المرأة نفسها ترتبط مجدداً بطريقة غير مباشرة بالرجل ان كان والدها أو شقيقها أو شريكها وهذه مشكلة كبيرة جداً".
"الواقع إلى مزيد من التأزم"
وأكدت على أن "المشهد السياسي لا يُنبئ إلا بمزيد من التعقيد والتأزم، علماً أن البعض اعتبر أنه مع انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون الوضع سيتحسن إلا أن الواقع يُظهر بأن الوضع سيزداد تأزماً، وذلك بسبب رفض الحوار من قبل كتل نيابية أساسية في البلاد، والفوضى الدستورية حول دور حكومة تصريف الأعمال".
وأوضحت أن "هناك خوف من تفلت أمني لأسباب عدة منها الوضع الاقتصادي والاجتماعي والمالي، ما يدفع بالبعض إلى اللجوء السرقة أو القتل وهي حالات نشهدها اليوم في مجتمعنا، إذ أظهرت الإحصاءات بأن نسبة الجرائم ارتفعت كثيراً في مختلف المناطق وفي كافة المجتمعات".
وأكدت على أن "الأزمة السياسية إلى مزيد من التوتر، إلا إذا وصلنا إلى التسوية التي اعتاد عليها اللبنانيون، وشهدنا عودة إلى المسار الطبيعي وتصالح الفرقاء السياسيون، ولكن ذلك لن ينفي التأثير السلبي الذي يأتي دائماً على حساب الشعب اللبناني الذي يتحمل بعضاً من المسؤولية".