شغفها وعشقها للعبة كرة القدم حول حلمها إلى واقع
أسست فريقاً نسائياً لكرة القدم، فتبعتها العديد الفتيات اللواتي يحملن نفس حلمها, وسعت بكل جهدها لتكون الأولى في مجال شغفها، فتجاوزت جميع المعوقات والصعوبات، لترتقي بحلمها نحو الأفضل
روبارين بكر
الشهباء ـ ، إنها الشابة دنيا بكر.
لطالما كانت لعبة كرة القدم حكراً على الرجال، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط وفي شمال وشرق سوريا، تعد دنيا بكر من النساء اللواتي كسرن هذه القواعد والعادات بلعبها بكل حرفية، وارتقت بحلمها إلى العالمية في هذه اللعبة، وأسست فريقاً للاعبات، ليشهد يوماً ما عشب الملاعب أن نساءً شغوفات، طموحات، لاعبات ماهرات مررن من فوقه نحو الهدف الأسمى وهو إيصال الكرة إلى صدر الشباك، وإيصال وجودهن إلى نبض العالم، ليتدفقن بوضوح في كينونته، التي لما كانت لتكتمل إلا بهن.
لاعبة فريق تل رفعت في الشهباء دنيا بكر من ناحية معبطلي في مقاطعة عفرين، عن انطلاقتها في الساحة الرياضية تقول "منذ طفولتي أعشق لعبة كرة القدم ومُتعلقة بها، وحاولت مراراً السعي لممارستها, وأن أحظى بلقب لاعبة كرة القدم، وعبر مُشاهدة المباريات بدأتُ تعلم أساسيات اللعبة".
وعن دعم ومساندة عائلتها، تُشير دنيا بكر إلى أنها تنتمي إلى عائلة رياضية، وهذا ما شكل لديها الدافع أيضاً للتطلع بأن تكون لاعبة كرة قدم "اسرتي منحتني الدعم والمعنويات الكافية لممارسة اللعبة".
المجتمع في الشرق الأوسط مُتحفظ لدرجة كبيرة في عاداته وتقاليده التي تُقيد المرأة، ويرفض انخراط الفتيات للعب في لعبة كرة القدم، لأنه يرى بأنها لعبة فقط للرجال، في حين أن ثورة روج آفا "ثورة المرأة" أثبتت أن المرأة قادرة على التألق في كل الألعاب ولم تؤطرها بشخص الرجل فحسب.
وفي توضيح عن سبب عدم إتمامها لدراستها، تقول دنيا بكر "كنت طالبة في كلية الآداب بجامعة حلب، لكن اندلاع الأزمة السورية وتصاعد حدة الصراعات والحرب الدائرة في حلب حال دون إتمامي لتعليمي"، مبينةً أن ذلك جعلها تُفكر بتشكيل فريق للسيدات مكون من رفيقاتها وجاراتها في عفرين حتى لا تبقى مكتوفة الأيدي، وتدريبهن بكل جد ومعنويات عالية.
وشكلت دنيا بكر فريق السيدات في لعبة كرة القدم بناحية المعبطلي بمقاطعة عفرين، وفي عام 2014 تم تشكيل منتخب عفرين للسيدات.
وعن مشاركة الفريق في البطولات، أوضحت دنيا بكر إلى أنه "بعد تشكيل الفريق وتلقي اللاعبات لتدريبات مكثفة، توجهن إلى مدينة آمد في شمال كردستان للمشاركة في المهرجان، وأحرزن المرتبة الثالثة في البطولة".
ونوّهت دنيا بكر قائلةً "شكل فوز المنتخب شعوراً مختلفاً، فرغم الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة استطاعت اللاعبات تخطي ذلك ليُحققن شعبية أكثر بعد سنوات من التهميش، ويصبحن لاعبات محترفات ومتألقات".
وحول نتائج فوز المُنتخب العفريني للسيدات في بطولة مزوبوتاميا، تقول دنيا بكر "نتيجة للفوز الذي حققه المنتخب بدأت فرق عدة بالتشكل على إثرها ومنها فريق ناحية راجو بعفرين"، منوهةً إلى أن لعبة كرة القدم تحتاج لجهد كبير ومواجهة لمصاعب عديدة.
وتجدر الإشارة إلى أن منتخب عفرين للسيدات شارك في بطولة مزبوتاميا للرياضة في مدينة آمد بشمال كردستان عام 2014.
وتتابع "من المصاعب والمعوقات التي نعاني منها هو رفض المجتمع وتزمته بحجج واهية مثل العادات والتقاليد المُتحجرة والتي تُفسر أن كرة القدم لعبة مضرة بالسيدات، وذلك لتقييدها وإبعادها عن الحياة ومجالاتها"، موضحةً أنه ضمن الأزمة السورية كان المنتخب أو الفريق يفتقر لأرضية محكمة وإمكانيات تؤمن لهنّ أريحية اللعب.
وأضافت دنيا بكر أن "العديد من لاعبات فرق عفرين بالرغم ما تعرضت له المقاطعة من احتلال لم تتخلينّ عن حلمهنّ، بل منهنّ من شارك في نوادي رسمية، منهنّ من اخترنّ طريق التدريب، وبتنّ مدربات لفرق أخرى، لم تغدو الحرب والنزوح يشكل عائقاً أمام رغبات النساء".
هذا وتعرضت مقاطعة عفرين بشمال وشرق سوريا في الـ 20 من كانون الثاني/يناير 2018، لهجوم عنيف استهدف قرى ونواحي عفرين من قبل الاحتلال التركي ومرتزقته، مُستخدمة كافة الأسلحة المتطورة والمحرمة دولياً، وأسفر عن ذلك احتلال المقاطعة في الـ 18 من آذار/مارس 2018، بعد مقاومة بطولية أبرزت مدى ارتباط الأهالي بالأرض مدة 58 يوماً، وتهجير الآلاف من أهالي عفرين نحو مقاطعة الشهباء.
وأكدت دنيا بكر أن ما عانته السيدات في عفرين على يد الاحتلال التركي ومرتزقته لم يستطع تحييدهن عن مواصلة النضال والمقاومة بكل عزيمة وتصميم، كما وأن الذهنية الذكورية السلطوية لم تستطع تحقيق أهدافها في إبقاء النساء ضمن أطر ضيقة "على كل فتاة أن تحقق أحلامها بعيداً عن المعتقدات المجتمعية التي تحول دون بلوغها أهدافها وعليها تخطيها"، مبينةً أنه يجب على كل امرأة أن تكون ثورة في كل المجالات التي تنخرط فيها.
وهنأت دنيا بكر كافة نساء العالم في جميع مجالاتهنّ الحياتية والعملية باليوم العالمي للمرأة، مطالبةً كل امرأة بمواصلة طريقها وعدم التخلي عن أهدافها والعمل على تحقيقها مهما بلغ الثمن.