كمال الأجسام ليست حكراً على الرجال
الفتيات عموماً، يمارسنَّ الكثير من التمارين الرياضية في سبيل الحصول على جسد رياضي رشيق وجميل، فرياضة خفيفة كالمشي أو الهرولة بمعدل ثلاث مرات أسبوعياً لمدة نصف ساعة تقريباً تحقق المنافع المطلوبة
دانا أبو عياش
الأردن ـ ، لكن هناك فتيات اخترنَّ رياضة قاسية مثل كمال الأجسام ورفع الأثقال، للحصول على عضلات لافتة وبارزة إضافة لجسد رشيق، ومنهن من انتقلنَّ بهذه الرياضة إلى الاحترافية.
دانا سمبولوغلو (27) عاماً، بكالوريوس رياضة وحالياً مدربة لياقة بدنية وهي البطلة الوحيدة لكمال الأجسام في الأردن. تقول لوكالتنا "إن شغف الرياضة موجود لدي منذ الصغر، عندما سافرت لليونان وهو موطن أبي للدراسة عام 2012، سجلت لأول مرة في النادي الرياضي ومنذ ذلك الوقت أغرمت بهذه الرياضة ووجدت نفسي فيها".
بدأت لاعبة كمال الأجسام الأردنية دانا سمبولوغلو مسيرتها في عام 2018، عندما شاركت في أول بطولة لها في كندا (بطولة ستيفاني ورس فولد ناتشيريل كلاسيك)، وأحرزت المرتبة الثانية وحازت على ميداليتين فضيتين. وفي عام 2019 شاركت في بطولة (أوليمبيا للهواة) في لاس فيغاس وأحرزت المرتبة السادسة.
عوائق كثيرة تواجهها المرأة فيما يتعلق بممارسة الرياضة كهواية، ليصبح الحديث عن الاحتراف ترفاً. واجهت دانا سمبولوغلو كغيرها من الفتيات اللواتي يمارسنَّ هواية أو مهنة ليست مألوفة لمجتمعاتنا، بالأخص كمجتمع محافظ وعشائري كالمجتمع الأردني، "واجهت العديد من التحديات والصعوبات والانتقادات وحتى الرفض خلال مسيرتي التي تقدر بعشرة سنوات تقريباً، سواء من الناس المحيطين بي أو المجتمع الذي أعيش به". وتضيف "والدتي أردنية، كانت تستصعب قبول ممارستي لهذه الرياضة، وكان لديها تخوف من ردة فعل المجتمع وكيف سأواجه الانتقادات وردود فعل الناس، وبقيت رافضة لهذه الرياضة حتى بدأت المشاركة في البطولات ورأت نجاحي وانجازاتي ومنذ ذلك الحين وهي تساندني، ووالدي وكونه يوناني أي من ثقافة منفتحة، تقبل الفكرة، وكان الداعم والمساند الرئيسي لي من اليوم الأول الذي اتخذت فيه قرار الدخول لهذا المجال".
الرياضة النسائية تعاني الأمرّين لغياب الدعم والأموال والبرامج المخصصة، وإهمال المسؤولين لها، ونظرة المجتمع السلبية للرياضة النسوية بحكم العادات والتقاليد التي ترى المرأة أقل شأناً من الرجل، فإن الملامة على الحالة المزرية للرياضة النسائية تلقى على الدور الضعيف للمؤسسات وغياب التركيز الإعلامي عليها.
فتقول دانا سمبولوغلو رغم العقبات الكثيرة التي تقف بوجهها والتي لها أول وليس لها آخر هي عدم منحها فرصة للاحتراف في هذه الرياضة، "أواجه تمييزاً من ناحية الدعم المادي والدعم في البطولات، في اتحاد كمال الأجسام نفسه أنا ليس لي مكان، لأن وجودي مخالف للعادات والتقاليد وأنا الوحيدة في الأردن ولا توجد فتاة أخرى تتنافس معي، ولأنني امرأة فلا يوجد لي مكان في الاتحاد الأردني".
إن النظرة للرياضة النسوية ما زالت دونية، وعلى الرغم من أهمية الرياضة للنساء من النواحي النفسية والجسدية، فإنها ما زالت مرفوضة مجتمعياً، خاصة إذا أريد لها أن تمارس بشكل علني. عن ذلك تقول دانا سمبولوغلو "المجتمع يراني على أني فتاة خارجة عن العادات والتقاليد، ولا احترم القواعد المجتمعية".
دانا سمبولوغلو مختلفة عن نظيراتها وكأنها تسير عكس التيار فهي تحترف رياضة كمال الأجسام في هذا البلد الذي لا يحبذه المجتمع للنساء، لكن دانا تواصل ممارستها لهذه الرياضة دون اكتراث، "بالنسبة لي أنا أؤمن بشيء واحد، وهو أن كان هناك شيء يجلب لك السعادة، ويجعلك تصل للسلام الداخلي بينك وبين نفسك، افعله ولا تدع رأي الآخرين يؤثر بك، لأننا نعيش حياة واحدة وهذه حياتي وهذا ما قررت أن أعيشها، ولن أخضع لرأي الناس وأعيش في سجن لأرضيهم".
إن الرجل يستطيع ممارسة الرياضة في أي مكان، سواء في الحدائق أو الساحات العامة، وهو ما لا تستطيع المرأة فعله في ظل القناعات في المجتمع الأردني بشكل عام. حتى وإن لجأت الفتيات للأماكن المغلقة والمخصصة لممارسة الرياضة نرى نظرة الاستغراب والتمييز، تقول دانا سمبولوغلو "كنت أرى نطرة الاستغراب والاستهجان في أعين الشباب المتواجدين معي في النادي الرياضي عند رؤيتي وأنا أرفع الأثقال"، وتضيف "صادفت الكثير من الشباب الذين شعروا بالإهانة لوجود فتاة تحاول الوصول لنفس مستوى اللياقة البدنية التي لديهم، وأسمع تعليقات مستمرة بأنني أحاول منافستهم والتشبه بهم"، وتقول "لم يكن هدفي يوماً منافستهم أو التشبه بهم، ما أفعله نابع من شغفي وحبي لهذه الرياضة".
دون الاكتراث لنظرة المجتمع لها ولشكل جسدها والتعليقات التي تطال أنوثتها، تقول "أحاول أن أثبت وأغير من هذه النطرة عن طريق تماريني وتصرفاتي وملابسي، هذه الرياضة تعطيني ثقة عالية بنفسي، وتجعلني أحب نفسي أكثر وأشعر بأنوثتي أكثر؛ لأن هذه الرياضة تعطي للجسم استقامة فتبرز جمال جسد المرأة أكثر، هذا بالنسبة لي ولكثير من الناس الذين يرون ذلك".
جرأة وكسر لأطر المألوف وشيء من التحدي، مكنوا دانا سمبولوغلو من رفع الأوزان لتصبح الأولى في الأردن كمحترفة في هذه الرياضة، "أنا أفتخر بأنني أدخلت هذه الرياضة إلى الأردن وأصبحت البطلة الأولى والوحيدة في كمال الأجسام فيها والآن نضوج هذه الرياضة وكبرها هي مسؤولية تقع على عاتقي الآن".
بعضلات مفتولة اقتحمت دانا سمبولوغلو دانا عالم رياضة كمال الأجسام الذي يعد في بلادها حكراً على الرجال، لكنها تأمل أن تحقق شيئاً للمرأة هناك، "أحلم بالوصول الى الاحتراف الذي سيوصلني لعالم المحترفين وهذا ما سيجعلني استمر وأشارك في بطولات وأفوز بها واجمع نقاط تأهلني للمشاركة في أكبر بطولة في العالم وهي بطولة (Miss Olympia Las vegas)".
واختتمت دانا سمبولوغلو حديثها بالقول "أتمنى من مجتمعنا والمجتمع الشرقي بشكل عام أن يتقبلوا الأشياء الجديدة وإعطاء فرصة لها قبل الحكم عليها ورفضها".