برفين دمر تجربة فريدة في رياضة الفروسية
تعد الفروسية من الرياضات التي تعرض المرأة للانتقاد عند ممارستها، إلا أنها بعد محاولات عديدة تمكنت من تغيير نظرة المجتمع وخوض غمار هذه التجربة بكل مهارة وجرأة.
يسرى الأحمد
الرقة ـ تحدت برفين دمر من مقاطعة الحسكة بإقليم شمال وشرق سوريا كافة المعوقات وتخطت الخطوط الحمراء في رياضة الفروسية وامتطت الخيل لتخوض تجربة مميزة وفريدة من نوعها في مجتمع ينتقد المرأة على أبسط أفعالها وأقوالها.
فطرة المرأة تجعلها تنجذب إلى كل ما يشعرها بروح المغامرة كما أنها استطاعت بناء علاقة وثيقة مع الطبيعة والحيوان، فمنذ الأزل حملت داخلها حب شديد تجاه الخيل، وعلى الرغم من ذلك فإن المجتمع لم يتقبل امتطاء المرأة للخيل حتى ولو كان ذلك مجرد هواية.
الفارسة برفين دمر البالغة من العمر 23 عاماً هي طالبة في كلية الهندسة الزراعية بجامعة الشرق بمقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، من الفتيات القلائل اللواتي يمارسن رياضة الفروسية فهي لم تصغي للانتقادات وكسرت النمطية التي تلف الفروسية بأنها حكر على الرجال فقط، وسعت لتأكيد حق المرأة في ممارسة ما يحلو لها من الرياضات.
وحول شغفها في امتطاء الخيل قالت "بعد إقامة نادي للفروسية في مقاطعة الرقة شجعني ذلك للانضمام إلى التدريبات وخوض تجربة مميزة وفريدة من نوعها، وقد نالت إعجابي الأجواء الحماسية والشيقة خلال سباق الخيول في المضمار وكل هذا حفزني على الاستمرار خاصةً أن لدي شغف منذ طفولتي تجاه تربية ورعاية الحيوانات كما أن الخيول من الحيوانات الأليفة ولها انسجام وتقارب كبير مع الإنسان".
وعن العلاقة التي تربطها بالخيل تقول "تجذبني أنواع الخيول التي من الصعب على أي فارس أو مدرب ترويضها، إلا أنني أتعامل معها بكل مهارة فأجعلها تستجيب لي بسهولة وليونة، أسلوبي في ترويض الخيول انعكس بشكل إيجابي على شخصيتي وأحدث فيها الكثير من التغيير والاختلاف الذي كنت أسعى لتحقيقه".
وذكرت برفين دمر بعض فوائد الفروسية "لركوب الخيل العديد من الفوائد خاصة على الصحة النفسية كالشعور بالهدوء والسكينة والراحة النفسية، وفي الأوقات التي كنت اتعرض فيها للكثير من الضغوطات بسبب الدراسة كنت أقصد النادي كفسحة أفرغ فيها الطاقة السلبية واستبدلها بأخرى إيجابية، كما أن هذه الرياضة من شأنها تقوية عضلات الجسم وخاصة الساقين واكتساب قوة وتوازن".
وعن التدريبات التي تلقتها في نادي الفروسية "الاطلاع على قواعد الأمان لركوب الخيل أولى خطوات ركوب الخيل وكذلك ارتداء الملابس الوقائية كخوذة الرأس والسترة وغطاء الساقين وحمل الكرباج ووضع السرج على ظهر الخيل واللجام على فمها، وعلى الفارس أن يتحلى بالصبر والحذر الكافيين ليكون قادر على التعامل مع الخيل بسلاسة فهو معرض لردود فعل غير متوقعة أثناء التدريب أو في مضامير السباق قد تؤدي إلى الموت أحياناً"، وأضافت "يتراوح طول المضمار من 402 متر إلى 3 كيلو متر، حيث كنت أقوم بعدة جولات في اليوم الواحد وهذه بداية جيدة بالنسبة لمتدربة، تعلقي وشغفي بركوب الخيل كان سيد المواقف رغم المخاطر التي تلف هذه الرياضة لكنها زادتني قوة وإصرار وتمكنت من التغلب على مخاوفي وتطور مهارتي وقدرتي في الفروسية".
وتطرقت للاهتمام الذي حظيت به "بعد غياب دام عدة أعوام للعديد من الرياضات جراء سيطرة داعش، عملت الإدارة الذاتية على دعم مختلف الرياضات، وتمكنت من الانضمام لبرامج التدريب التي استمرت ثلاثة أشهر تلقيت فيها الكثير من الدعم المعنوي والتشجيع من قبل المدربين لتطوير وتنمية مهارتي كوني أول شابة تمارس هواية الفروسية في الرقة".
وعن نظرة المجتمع تجاه المرأة التي تمارس رياضة الفروسية تقول "في مجتمعنا تعتبر الفروسية حكر على الرجال فقط بحجة أنها تتطلب بنية جسدية قوية والمرأة بنظره مخلوق ضعيف لا تتكيف بنيتها مع هذه الرياضة، إلا أنني لم أعر انتباه لهذا الكلام الذي اعتبره بعيد كل البعد عن المنطق ومنافي للعقل".
وعن الصعوبات التي واجهتها قالت "اعترضتني صعوبات جمة في البداية منها التنسيق بين مواعيد التدريب في نادي الفروسية وبين دراستي في الجامعية، إلا أنني تمكنت في النهاية من تحقيق هذا التنسيق وتلافيت أمر التأخر عن الدراسة بل ساعدني التدريب على التخلص من ضغوطات الدراسة كما أنني تمكنت من الحصول على معدل جيد جداً في دراستي".
وعن العبرة التي استخلصتها خلال ممارستها للفروسية قالت "يجب على المرء أن يكون ذا إرادة قوية وإصرار وعزيمة ليخطو خطوات ناجحة نحو تحقيق أهدافه وأحلامه، وعلى كافة النساء اللواتي تمتلكن هوايات دفينة ممارستها، وعلى كل امرأة أن تتحلى بالثقة والجرأة حتى تتمكن من الاستفادة من الفرص التي تتاح لها في ظل الإدارة الذاتية التي أولت اهتمام كبير بالمرأة وتنمية قدراتها في كافة المجالات".