رواية "مرّة"

الصمت المرّ يمكن أن يكون تمرداً، هذا ما أوضحته نغم حيدر في روايتها الأولى "مرّة".

نغم حيدر كاتبة وطبيبة أسنان سورية من مواليد دمشق عام 1987، شاركت في مسابقة وزارة الثقافة السورية للقصة القصيرة لعام 2010 وحازت على المركز الثاني، كما شاركت في ورشات العمل التي أقامتها الروائية اللبنانية نجوى بركات ضمن مشروعها "محترف كيف تكتب رواية" في عام 2014 لتنجز عملها الروائي الأول والذي حمل عنوان "مرّة".

واختارت الكاتبة بطلة الرواية "عزيزة" امرأة عادية تعيش في أيامها المتشابهة وهي تأدي أدوارها المعتادة كأم وزوجة وابنة، تخجل من جسدها المترهل بسبب الولادات المتتابعة حين اتخذ زوجها امرأة ثانية أصغر سناً وأجمل شكلاً، حاولت التغاضي عن كل ذلك والاستمرار بالعيش كأن شيئاً لم يكن، لكن ثمة شيئاً ما تغير في أعماقها. 

لم تكن الكاتبة تريد رواية قصة تلك المرأة فقط، بل كانت تريد تقديم رصداً لتفاصيل العيش اليومي في حياة الزوجة الأولى كامرأة مهمشة بعد تضحيات كثيرة قدمتها على مر السنين.

شيئاً فشيئاً يكتشف القارئ أن "نور" جارة "عزيزة" هي الزوجة الثانية، لكنها قررت الاستمرار في حياتها الطبيعية متغاضية عن الإهمال والنقص الذي تعيشه هي وأطفالها، ودوامة المقارنة التي لا تنتهي بينها وبين الزوجة الثانية، إضافة للتلف الذي أصاب قلبها وروحها والشرخ الذي أصاب علاقتها كامرأة بجسدها وأنوثتها.

وكذلك علاقتها بأمها التي كبرت في السن وفقدت الذاكرة فأصبحت بحاجة لمن يرعاها كالطفل، نسيت أنها أهملت ابنتها في طفولتها وصباها مما جعل منها تلك الشخصية الضعيفة والمهزوزة التي تخشى المطالبة بحقوقها والدفاع عن كيانها.

وبين كل تلك الضغوط قررت "عزيزة" التمرد بصمت على واقعها وعلى زوجها وشكل جسدها وأمها، لتؤنس كل ما يحيط بها وتجعله متحركاً ذو روح، متمسكة بالحياة لنفسها ولكيانها.

فميا كان عنوان الرواية يرمز إلى المرّ الذي عاشته بطلة الرواية بعلاقتها مع زوجها والزوجة الثانية وأمها وحتى جسدها ومحيطها، كل ذلك معاً يخلق امرأة غاضبة ومتمردة بصمت.