رواية "برتقال المر"
تروي قصة فتاة طموحة عاشت طفولة قاسية لكنها بالعزم والإصرار استطاعت أن تحقق ذاتها وتنموي موهبتها وتخرج من مجتمع ريفي منطوي إلى الانفتاح.
للكاتبة اللبنانية بسمة الخطيب التي درست الصحافة وعملت في مجالها، كما عملت في الإنتاج التلفزيوني وكتبت السيناريو، لها مجموعتان قصصيتان الأولى بعنوان "دانتيل لسهرة واحدة" والثانية بعنوان "شرفة بعيدة تنتظر"، بينما كان روايتها الأولى بعنوان "برتقال مرّ"، صدرت عام 2015 عن دار الآداب ببيروت.
تدور أحداث الرواية حول فتاة ريفية تهوى طهي الطعام ليصبح مهنتها وتخرج به من الريف إلى المدينة لتحقق حلمها بالاستقلال الذاتية وبناء حياة خاصة.
فكانت الرواية عبارة عن استحضار ذكريات تراودها من الماضي، منذ كانت في الخامسة من عمرها ونجت من الموت، تفاصيل حياتها فيما بعد وما حملته من صعوبات ومآسي كبيرة، فكان الكاتبة تفصل بين الماضي والحاضر بخيط أسود رفيع.
استخدمت الكاتبة تكنيكاً فريداً في الرواية مع استمرار السرد، حيث تناثرت الحكايات دون ناظم، الذاكرة وحدها هي ما يجمعها كلها، لتشكّل في النهاية عالماً كاملاً، يحكي قصة قرية صغيرة وينقل الحياة فيها وعادات أهلها وتقاليدهم وأغانيهم وأمثالهم الشعبية ولهجتهم وطريقتهم في الحياة، والمهن التي يزاولونها من صيد العصافير إلى تقطير زهور النارنج.
عاشت البطلة كشجرة البرتقال المرّ بكل الخيبات التي وسمت طفولتها وهي تخلط الأرقام وتبعثر ترتيب الحروف في الكلمة، توبخها معلّماتها ويتهمنها بالكسل والغباوة، تبتعد عنها زميلاتها ويسخرن منها، علاقتها مع أمها تتسم بالكراهية، كل تلك الأسباب جعلتها منعزلة ووحيدة، لكن كان عليها أن تفعل كما شجرة النارنج ذات الثمار المرّة التي لا تؤكل، أن تدافع عن بقائها ووجودها، هكذا وجدت هي في تعلّم الطبخ وإتقانه وسيلتها للوجود.
فكان موضوع الرواية نابع من المحظور ومن اليُسْرِ المُعَسَّرْ في ذات المجتمع القروي المكبل بالعرف والتقليد ومعاناة النساء فيه، ولترسم صورة شفافة تعكس واقع الإنسان وبالأخص هواجس ومخاوف الأنثى في بعض الجوانب، وهذا الجانب الأنثوي في الرواية ترسمه ريشة صريحة وشفافة لواقع المجتمع العربي الذي مازال متحفظا بالعنصرية الجنسية ضد المرأة.