رواية "بنت الخياطة"
صورت الكاتبة المرأة بصورها المتعددة وعلاقتها بذاتها وبالرجل وبالمجتمع من حولها، ومدى قوتها في تجاوز الآلام، والتهادن من أجل أن تمضي الحياة التي عليها أن تكون عنصراً أساسياً في تسييرها.
جمانة حداد شاعرة ومترجمة وصحافية لبنانية، ورئيسة تحرير مجلة "جسد" المتخصصة في آداب الجسد وفنونه. منذ العام 1995 أصدرت تسع مجموعات شعرية.
قصت في روايتها "بنت الخياطة" الصادرة عن دار هاشيت أنطوان عام 2020 قصص أربعة أجيال من النساء يتوارثن الآلام في كواليس التاريخ الدامي للأرمن، لتطرح فكرة موت الانسان وهو على قيد الحياة بعد مروره بكوارث ومصاعب وهموم تميت المشاعر، لكنه يبقى مستمر في مسيرته فقط لأنه يتنفس دون أي مشاعر.
دارت احداث الرواية على مدى أكثر من قرن، هي رواية أربع أجيال من النساء، تجري في عروقهن دماء واحدة، كنّ يتناسخن الموت المؤقت وهن يحملن في ارحامهن آلام وآمال كثيرة، وبأجنة جديدة في أرحامهن يعتقدن أنهن يمنحنها الحياة التي حُرمن منها، وأن شموس هذه الأجنّة ستكون أكثر إشراقاً وسمائها أكثر زرقة، ولعل طرقها أقلّ تلوثاً بالدماء، وقلوبها تعرف حباً لا ينتهي في القبور، لكن سوء الحظ ينتقل إلى هذه الأجنة كما تنتقل الجينات من جيل إلى آخر.
في هذه الرواية تنقل الأقدار بطلاتها الأربع قسراً في خطٍّ جغرافي، تحيك حوله الكاتبة أحداث روايتها لتتماهى ببراعة مع أحداث تاريخية معروفة في المنطقة، بدءا من المجازر التي ارتكبها الأتراك في حق الأرمن وتهجيرهم من عنتاب، ومروراً بحلب حيث استقر الناجون، ثم مجزرة دير ياسين (1948) وهجرة الفلسطينيين إلى لبنان حيث امتداد أحداث الحرب الأهلية (1975 – 1990)، وبعدها الحرب/الثورة في سوريا (2011) وحتى الغزو الداعشي الذي اختتمت به أحداث روايتها.
من الأحداث الكبرى التي رسمت تاريخ المنطقة، نفذت الكاتبة إلى تلك التفاصيل الصغيرة والأحداث اليومية في حياة الأشخاص والتي تدور في كواليس التاريخ الدامي الذي عاش فيه أبطال الرواية، فبرعت في تصوير مشاهد التشرد والخوف والحاجة، وفي مقابل ذلك العزم على الحياة وإكمال الرسالة حتى تسليم الراية للجيل التالي.