قصيدة "أنا"

قصيدة "أنا" للشاعرة العراقية نازك الملائكة واحدة من الشعراء الحديثين الذين تبنوا مبدأ الحرية في أشعارهم، واقتنعت بفكرة تكسير الشعر العربي القديم من حيث اللغة والإيقاع والتصوير البياني، وقامت بكتابة الشعر الحر.

 
لم تقتصر الشاعرة الحرية في شعرها على الشكل فقط بل بالمضمون أيضاً من خلال قصيدتها "أنا" حيث أطلقت عنان الحرية لقلمها وفكرها في وقت واحد، ونلاحظ من عنوان القصيدة أنها تحررت من كل القيود التي يمكن أن تعيق حضورها وشخصيتها واستقلالها في زمن ذابت فيه الشخصية.
وعانت الشاعرة من القلق وتغربت مكانياً وزمانياً، وتشعر أنها تائهة الروح وضائعة بين ظلمات الليل الكئيب وتقلبات الدهر المتجبر، بسبب ما كان يعاني منه بلدها العراق من أزمة وضيق وحزن، وبسبب التوق إلى الحرية بكافة أشكالها والانسلاخ عن جميع القوالب الجامدة. 
وأوضحت في قصيدتها أن ما كان في البداية قوة هو في النهاية سراب وضعف، لأن النص يمر بمراحل تشبه الإشراق ثم العتمة ثم الانحلال ثم الذوبان، لتشير بذلك للوصول إلى النقطة التي تنتهي فيها الحيرة إلى الحزن والكآبة لانعدام الأمل.
وأكدت بقصيدتها أن الأنا هي الذات وما الذات سوى الأنا الطامح نحو المعرفة التي تغيب وتبتعد كلما اقتربنا منها، وما تزال تبحث عن إجابة للسؤال الذي يشغل العالم كلّه: من أنا؟.
تقول أبيات القصيدة:
الليلُ يسألُ مَن أنا
أنا سرُّهُ القلقُ العميقُ الأسودُ 
أنا صمتُهُ المتمرِّدُ
قنعتُ كنهي بالسكونْ 
ولففتُ قلبي بالظنونْ
وبقيتُ ساهمةً هنا 
أرنو وتسألني القرونْ
أنا من أكون؟
والريحُ تسألُ من أنا؟
أنا روحُها الحيرانُ أنكرنِي الزمانْ 
أنا مثلها في لا مكانْ
نبقى نَسيرُ ولا انتهاءْ