ناكيهان أكارسال أنارت الطريق للمرأة بأبحاثها ودراستها

حاولت ناكيهان أكارسال من خلال عملها أن تجعل المرأة حاضرة في جميع مجالات الحياة. لقد كانت نور المرأة ومعرفتها وأملها وجمالها واتحدت مع حقيقة المرأة والحياة والحرية.

مركز الأخبار ـ استشهدت الصحفية وعضو مركز أبحاث الجنولوجيا ورئيسة تحرير مجلة جنولوجيا الأكاديمية ناكيهان أكارسال (زيلان) في هجوم مسلح في مدينة السليمانية بإقليم كوردستان في 4 تشرين الأول/أكتوبر.

ولدت ناكيهان أكارسال في قرية خليكان عام 1976، وهي قرية تابعة لجيهان بيلي في قونية بتركيا. في القرية يعتبر الاستيقاظ بعد شروق الشمس خطيئة. ولا يسكب الماء على رماد النار أبداً. قامت ناكيهان أكارسال بالكثير من الأبحاث حول هذه التقاليد. على الرغم من أن القرية تنتمي إلى الحنيفين، إلا أن ناكيهان ربطت وجود هذه التقاليد بالعلوية والإيزيدية، وأجرت الأبحاث حول هذا من مليتي إلى ديرسم. وربطت حبها لديرسم وشنكال بهذا.

 

كانت مهتمة بقصص النساء منذ الطفولة

أمضت ناكيهان أكارسال طفولتها في القرية، قريتها كانت عبارة عن سهول جافة، وهناك حقول قمح في كل مكان، القمح ذو قيمة كبيرة. وكان سقوط حباته على الأرض يعتبر جريمة كإراقة الدماء. كانت تخرج حافية القدمين مع أطفال القرية بعد هطول المطر حتى تستنشق رائحة التربة، اهتمت بقصص النساء منذ طفولتها. وكانت علاقتها بوالدها تقوم على أساس الصداقة. بقدر ارتباطها بثقافتها، كانت ضد القيم الأبوية، ولم تقبل بها أبداً.

 

كان حبها لأرضها عميقاً جداً

درست المراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في القرية. وكانت متفوقة جداً في المدرسة، ولأول مرة غادرت القرية ممسكة بيد والدها لتقديم امتحان الجامعة. درست في قسم الطباعة والنشر في جامعة غازي في أنقرة. وشاركت في أنشطة اتحاد الشباب الكرد YCK. لقد كانت طيبة ومبتسمة وفضولية على الدوام. عندما بدأت الجامعة، لم تعجبها حياة المدينة الباردة والمادية، ولجأت إلى الأماكن التي توجد فيها حياة مشتركة. بعد البدء في أنشطة YCK ازداد حبها لهذا الجانب. أحبت دراسة الصحافة، لكنها لم تفكر أبداً في إيجاد مكان لنفسها داخل النظام، ولهذا السبب كرست نفسها بالكامل للنضال. وعندما عرفت عن كفاح شعبها، توجهت من خليكان إلى كردستان، ومن كردستان إلى العالم. لقد أحبت أرضها بشكل عميق. لهذا السبب حاولت فهم حقيقة القائد عبد الله أوجلان وترسيخها في شخصيتها.

 

شاركت في تأسيس الجنولوجيا

في الفترة الممتدة بين أعوام 2001 - 2007 اعتقلت بسبب أنشطتها في الجامعة. بعد إطلاق سراحها من السجن، عملت بين عامي 2008 و2014 كمراسلة لوكالة أنباء دجلة (DİHA). في غضون تلك الفترة، ومن أجل تعميق بحثها حول حرية المرأة، حضرت محاضرات قسم دراسات المرأة في جامعة Hacetepey. شاركت في بناء أول وكالة نسائية (Jinha). كانت تكتب في الصحافة الكردية لسنوات وكانت تتصدر الأخبار. لها دور كبير في تطوير الصحافة الكردية، فكانت معلمة وصديقة ورفيقة. كانت تتعامل مع الناس بحب. ولم يقتصر نشاطها على كردستان فقط، فتواصلت مع نساء من مختلف أنحاء العالم وكوّنت صداقات.

أخذت العمل في علم المرأة الجنولوجيا والذي يعتبره القائد عبد الله أوجلان جزءاً مهماً على عاتقها أكاديمياً ومؤسسياً واستمرت فيه. عندما بدأ تأسيس الجنولوجيا، شاركت في أنشطة أكاديمية الجنولوجيا. عملت ليل نهار في بداية إنشاء مجلة جنولوجيا. وكانت عضو في هيئة تحرير المجلة من جهة وتكتب وتنشر فيها من جهة أخرى. من أجل تحويل مجلة جنولوجيا إلى منصة لحرية المرأة، بحثت دائماً عن طرق جديدة.

 

كتبت في العديد من الصحف والمجلات

في شمال كردستان وإقليم كردستان وروج آفا، أجرت أبحاثاً في العديد من المجالات ودربت الآلاف من الأشخاص، وأصبحت كاتبة في العديد من الصحف والمجلات، في عام 2018، ذهبت إلى عفرين وشنكال وعملت على جمع الأبحاث التي قامت بها هناك في كتاب. على الرغم من أنها كانت معجبة ومحبة لثقافة هورامان، وثقافة المقاومة للمرأة في شرق كردستان وكانت تعمل وتجري الأبحاث على تلك المنطقة؛ إلا أنها لم تتمكن من الذهاب إلى شرق كردستان وشعرت دائماً بهذا النقص.

 

عملت في مكتبة المرأة

منذ عام 2019 وحتى يوم اغتيالها، عملت بلا توقف لتطوير أعمال الجنولوجيا في إقليم كردستان. على الرغم من أنها تعلمت حديثاً اللهجة الصورانية؛ قدمت عشرات التدريبات والدورات والندوات حول الجنولوجيا في إقليم كردستان. ونظمت معسكرات الجنولوجيا مع الشباب. على مدى العامين الماضيين، وبحماس كبير كانت تحاول الجمع بين الأبحاث التي أجرتها حول قيم نساء كردستان، والثقافة الشفوية. عملت بلا كلل لبناء منظمة تقود نهضة المرأة. لهذا عملت على بناء مركز أبحاث المرأة والأرشيف، وكأنها تحفر بئراً بإبرة. رغم العديد من العقبات والصعوبات، اعتمدت على ثورة إقليم كردستان التي اعتقدت أنها ستكون ثورة نسائية، وواصلت طريقها دون أن تفقد الأمل أبداً. إلى جانب هذه الأعمال والأنشطة، حاولت أن تنهي كتابة عمل على شكل رواية، كان عبارة عنه لقاء مع حقيقة عبد الله أوجلان، لكنها تركتنا قبل أن تكمله.

واصلت بحثها عن المعرفة والإيمان والمشاعر طوال مراحل حياتها. أينما ذهبت أخذت معها مشاعرها وعلمها وتركت بصمتها. استطاعت التعبير عن مشاعرها وأفكارها معاً وبطريقة جيدة. رسخت المعرفة التي اكتسبتها من تاريخ المرأة وجعلتها حاضرة في جميع مجالات الحياة. كانت هذه المعرفة ترفض سلطة الرجل، وتحمي صوت المرأة والمجتمع، وتزيد من الوعي البيئي. من خلال بحثها عن المعرفة والحقيقة، حاربت دائماً ضد المؤامرات التي قامت بها القوة الرجعية عبر التاريخ، وضد الإبادة الجماعية والغزاة.

 

"لن نترك نضالها غير مكتمل"

ستنمو قطراتها المنسابة من ينبوع مشاعرها ومعانيها، وتنفجر مع حقيقة المرأة والحياة والحرية في كل مكان. هذا الهجوم ضد نضال النساء المتنامي وحريتهن. هذا الهجوم هو انتقام من الناشطات الفدائيات. كانت ناكيهان أكارسال نور المرأة ومعرفتها وأملها وجمالها. مواصلة كفاحها يعني الحفاظ على الجمال والحرية. كان تعلقها بأشجار التوت قوياً مثل شوقها لطفولتها. ستتخذ المرأة الكردية من طاقة ناكيهان أكارسال التي أعجبت بشجرة التوت الموجودة في حديقة مبنى مركز البحوث والأرشيف والمكتبة النسائية، منارة لهن.