مازال صوت بانو شيرواني الأصيل حياً في خراسان
احتلت بانو شيرواني بصوتها العذب والأصيل مكانة خاصة في القلوب. مازالت أغانيها تُعرف كمقياس للفن في خراسان حتى يومنا هذا
مركز الأخبارـ .
ولدت ماهبانو عباسي المعروفة باسم بانو شيرواني عام 1308، أي في عام 1929 حسب التقويم الميلادي في قرية والي آباد التابعة لمدينة قوجان في خراسان ضمن عائلة فقيرة. توفيت والدتها عندما كانت طفلة، قام والد بانو بتربيتها والاعتناء بها. والدها أيضاً كان أحد أشهر الفنانين والمغنين في عصره. تعلمت بانو الغناء من والدها وبدأت بالغناء في الإذاعة الكردية في مشهد عام 1969. في وقت قصير استطاعت أن تحقق لنفسها مكانة بين أكبر فناني خراسان. غنت في الإذاعة بكل من اللغة الكردية، الفارسية، الآذرية، ومعظم أغانيها كانت بلغتها الأم.
غنت 300 أغنية كردية
ألّفت بانو شيرواني الكثير من الأغاني التي غنتها بنفسها، اقتربت بشجاعة كبيرة من العمل الفني. خاصة في الوقت الذي كانت فيه منطقتهم تخضع لسيطرة الذكور استطاعت وبجرأة أن تظهر لجميع النساء أن بإمكانهن التقدم وإثبات ذاتهن دون الخوف من الذهنية الذكورية المهيمن وكيف أنهن يستطعن أخذ مكانة في مجال الفن بصوتهن ولونهن. حققت بانو تقدماً كبيراً في عملها الفني وغنت قرابة 300 أغنية كردية، تم تسجيل جميع هذه الأغاني في إذاعة مشهد.
تنهيدات حزينة
غنت بانو شيرواني الكثير من الأنماط الغنائية نذكر منها ""Ellahmezar هذا النوع من الأغاني يغنى بعد الحرب، بعد النهب والخراب وعلى قبور من قُتل من الأهل والأحبة، ومن أغانيها "way çi rozigar". يقال إن بانو كانت تغني هذا النوع من الأغاني بشكلٍ عذب وصوتٍ خافت. حكت في إحدى أغانيها عن شاب من كرد خراسان وقع أسيراً في يد التركمان. غنت هذه الأغنية بطريقة مؤلمة وحزينة للغاية.
والنمط الثاني هو "Du qerse" هذا النمط كان يغنى بعد المذابح والمجازر الجماعية عندما كان يتم جمع جثث من قُتلوا في هذه المجازر في مكانٍ واحد والدوران حولها والانشغال بالدعاء. نعم هكذا كانت تبدأ رقصة وحفلة نمط Du qerse . كما غنت نمط "Enarekî" هذا النوع كان مرتبطاً بالهجمات والحوادث الغريبة التي كانت تحدث. Herayî هي استغاثة جبلية، أيضاً دليل على الحياة المليئة بالأحداث وعلى تهجير ونزوح الشعب الكردي. باختصار يمكننا القول إن هذه الموسيقى والأغاني التي كانت تغنى في شمال خراسان من أجل الحزن وفي مجالس العزاء في فترة من الزمن، تغيرت شيئاً فشيئاً بعد مضي العديد من السنوات، وتم غناؤها بطرق مختلفة. الآن أغاني الحب هي أحد أنواع الأغاني التي يتم غناؤها وسماعها على نطاقٍ واسع بين أهالي خراسان.
مثل العديد من مشاهير الغناء أمثال عيشة شان، نسرين شيروان، مريم خان وكلبهار اتخذت بانو شيرواني مكانة خاصة في قلوب جميع الكرد بصوتها العذب والأصيل. كانت فنانة فريدة من نوعها وكان صوتها العذب دائماً يعرف كمثال للصوت المثالي. عندما كان أهالي خراسان يسمعون صوت بانو على أثير الإذاعة الكردية في مشهد كانت قلوبهم وأرواحهم تحيا من جديد. كان صوت بانو بالنسبة لأهالي خراسان حلواً جميلاً كتنهيدة الأمهات.
قصة حياة بانو
تحدث الباحث كليم الله تفهودي Kelîmullahê Tevehudî الذي كتب عن تاريخ كرد خراسان في كتابه "ألف ليلة وليلة كردية" على لسان بانو شيرواني عن حياتها وقال "تزوجت من علي أكبر قهرمانلو عندما كنت أبلغ من العمر 20 عاماً. بعدها بسنتين توفي علي أكبر بعد أن أُصيب باليرقان. تركني وحيدة مع ابني الذي كان يبلغ من العمر شهرين فقط. بعدها بعام قمت ببيع بعض الأغنام والمواشي التي كنت أملكها وغادرت القرية. لم يعد باستطاعتي الغناء في القرية. كان القرويون يقولون (لم يمضِ عام على وفاة زوجها وهي عادت لتغني مجدداً) غادرت والي آباد وتوجهت إلى جبال قوجان حيث كان يقيم أخو زوجي والبعض من أقربائه. بهذه الطريقة أردت أن أنسى همومي وأحزاني من جهة؛ ومن جهة أخرى أردت أن أشتري بعض الأغنام؛ لأنشغل برعيها وأتدبر أمور معيشتي أنا وابني بها. ولكن هناك أيضاً لم يساعدني أقربائي وقاموا بإنفاق الأموال التي كنت قد أحضرتها معي من أجل شراء الأغنام.
بعد فترة اضطررت إلى ترك ذلك المكان أيضاً، في ليلة مظلمة وبحذاء مهترئ غادرت تلك المنطقة ومشيت على الطريق. حملت ابني على ظهري وتوجهت نحو قوجان. هناك في قوجان ذهبت إلى أحد الفنادق واستأجرت غرفة. بعدها خرجت إلى المدينة للبحث عن عمل. مرض ابني في تلك الأيام. ذهبت إلى طبيب ليجد حلاً لمرض ابني. كان الطبيب يعرفني من قبل، بقلبه المليء بالرحمة رحب بي وأخذني إلى منزله. عملت في منزله. انتقلت مع عائلته عندما قام بنقل مكان سكنه إلى مشهد. كبر ابني وترعرع في مشهد، ومع مرور الوقت كان يخلق لي الصعاب والمشاكل؛ شعرت بالخجل من تصرفاته لذا اعتذرت من عائلة الطبيب وودعتهم وتركت منزلهم. في ذلك الوقت كانت النساء الكرد معروفات في المدن من خلال ملابسهن. كنت أتجول في منطقة الإمام رضا، كنت وحيدة. كنت أجوب الشوارع وأنا أتضور جوعاً وعطشاً، فجأة اقتربت مني امرأة. فيما بعد عرفت أنها عزت مقدم. أخذتني السيدة عزت إلى منزلها، زوجها كان مسؤولاً عن مديرية التربية والتعليم. أخذوني إلى دار التربية حيث كانت توجد هناك روضة للأطفال، قاموا بتسجيل ابني فيها وأنا عملت في منزلهم".
سنوات الإذاعة
تحدثت بانو شيرواني عن أيامها في الإذاعة قائلةً "كل ليلة كنت استمع إلى البرنامج الكردي الذي كان يذاع في ذلك الوقت. كانت الأصوات الكردية التي أسمعها في الإذاعة تعيد إليَ ذكريات الأيام الجميلة وكنت أشعر بالحزن. فكرت في كيفية الوصول إلى تلك الإذاعة. في أحد الأيام ذهبت إلى السوق، توجهت إلى مكان المحطة الإذاعية. وصلت إلى مبنى المحطة، أوقفني حارس البوابة أمام باب إدارة الإذاعة وقال: ماذا تفعلين هنا؟ جاوبته وقلت له إني أريد الغناء. أخذني إلى أحد العاملين في الإذاعة اسمه أمير مجاهد.
كنت أول امرأة تذهب إلى تلك الإذاعة من أجل تسجيل صوتها. كنت كردية ولم أكن أجيد اللغة الفارسية. أخذوني إلى غرفة الصوت وقالوا استعدي للاختبار، في غرفة التسجيل وجدت دفاً، حملته وبإشارة من مجاهد بدأت بالدق على الدف والغناء. كانوا سعداء للغاية عندما انتهت الأغنية، قلت لهم يبدو أنكم راضون عن صوتي إذاً لنبدأ بالتسجيل. قالوا لي بأنهم كانوا يسجلون بالفعل وسيتم بث صوتي في تلك الليلة ويمكنني الاستماع إليه عبر الإذاعة. قال مجاهد "لقد جعلتِ الأكراد والخراسانيين فخورين بصوتك الجميل". تابعتُ عملي في الإذاعة وقمت بإعداد وتنفيذ وغناء المئات من الأغاني الكردية الأصيلة من جديد".
منع النساء من الغناء في إيران
بعد الثورة الإسلامية في إيران مُنعت الموسيقى والغناء على النساء، واضطرت بانو شيرواني إلى ترك عملها. لم يعرف أحد عنها شيئاً لعدة سنوات. بنت بانو لنفسها مكانة خاصة في قلوب جميع الأكراد من خلال صوتها العذب والأصيل. توفيت عام 2003، تاركة وراءها إرثاً ثميناً من الأغاني والألحان. أغانيها الأكثر شهرة كانت "ليلان leylan، ابنة أربع أبراج Keça çar burcê، عزيزي لم نكن نعلم yar me nezanîbû، لا أحد يريدنا kes me naxwaze، حبيبتي yarê، أنا اليوم أسيرة ez îro êsîr im وأغنية يارو يارو "yaro yaro.
"صوت امرأة أخذني نحو شمال إيران"
غنت الفنانة سيما بينا التي تعمل على كافة أنواع الموسيقى في جميع أنحاء إيران العديد من أغاني بانو شيرواني بنفسها. وعملت لسنوات على الفلكلور الإيراني وموسيقى القوميات المتواجدة في إيران. تقول سيما "صوت امرأة أخذني نحو شمال خراسان. هذا الصوت كان صوت بانو شيرواني الذي كان طبيعياً جداً".