لويزة حنون صوت وصورة الجزائر الحديث

أول امرأة أثبتت وجودها في المشهد السياسي الجزائري، لويزة حنون أول امرأة ترشحت لمنصب الرئاسة في الجزائر والعالم العربي، ناضلت من أجل فصل الدين عن السياسة وكانت ضد التفسخ السياسي.

مركز الأخبار ـ لويزة حنون زعيمة حزب العمال الجزائري، ناشطة في مجال حقوق الإنسان طالبت بحل سلمي للحرب الأهلية الجزائرية، تعرضت للاعتقال والسجن لكنها بقيت صامدة على مواقفها السياسية ومبادئها الإنسانية.

 

"هدفي إنقاذ البلاد من دائرة الإرهاب الحالية"

تبدو لويزة حنون متحررة تماماً من الطموحات الشخصية، يحركها إحساسها بالمسؤولية أكثر من التطلعات المعتادة لغرور السياسي، وبعد أن أكدت دعمها لأي مرشح لديه نفس المنظور بشأن السلام، حددت أن الخصخصة سبب حقيقي للفقر الذي يغذي العنف، حيث قالت "هدفي إنقاذ البلاد من دائرة الإرهاب الحالية، ورؤية السلام والديمقراطية الحقيقية يسودان في الجزائر".

في منطقة "الشقفة بولاية جيجل شرقي الجزائر" ولدت السياسية والناشطة لويزة حنون عام 1954 وسط عائلة فلاحية بسيطة مهمشة، لتجد العائلة نفسها مجبرة على الانتقال والاستقرار في مدينة عنابة خاصة بعد اشتداد القصف الفرنسي على المنطقة عام 1959، ولم يكن من السهل عليها إقناع عائلتها بمتابعة تعليمها والالتحاق بالجامعة، لذلك لجئت إلى الإضراب عن الطعام حتى استطاعت أن تقنع والدها في السماح لها بالذهاب إلى الجامعة، حصلت على شهادة في الدراسات العليا في الحقوق، وكان يعد ذلك إنجازاً عظيماً بالنسبة لفتاة تعيش في مجتمع ريفي.

بدأت مسارها النضالي في المرحلة الجامعية وكانت مهمة في نشاطها السياسي والنقابي، انخرطت مبكراً في الدفاع عن حق إنشاء نقابة طلابية مستقلة، وشاركت في تأسيس جمعية للنساء العاملات، وعلى خلفية أنشطتها السياسية خاصة دفاعها عن الاستقلالية النقابية تم تسريحها من عملها في المطار، في الوقت الذي كانت فيه السلطة مقيدة للنشاط السياسي المعارض آنذاك إلا أن ذلك لم يكن كافياً لإيقافها أو تثبيط عزيمتها في الاستمرار بالدفاع عن مواقفها، وتم إعادتها إلى العمل بشرط نقلها إلى العاصمة عام 1980، وعملت في الخطوط الجوية الجزائرية لمدة أربعة عشر عام.

 

الفكر السياسي اليساري طريق التغيير

انضمت لويزة حنون سراً إلى "المنظمة الاشتراكية للعمال" بعد تأثرها بالفكر السياسي اليساري، الأمر الذي تسبب باعتقالها عام 1983 بتهمة المساس بالمصالح العليا للدولة والانتماء لتنظيم من المفسدين، ليتم الإفراج عنها واعتقالها مرة أخرى من قبل قوات الأمن وأفرج عنها بعد ثلاث أيام فقط في أحداث ثورة الخبز عام 1988 على خلفية مطالبتها بوضع دستور جديد للبلاد، كما طالبت الحكومة بتحقيق السلم وتوفير ظروف معيشية أفضل خاصة في ظل السياسات الاقتصادية المجحفة التي فرضها صندوق النقد الدولي على الجزائر حيث خلفت ملايين العاطلين عن العمل.

وأعلنت عام 1990 عن تأسيس حزب العمال كامتداد للمنظمة الاشتراكية للعمال بعد القبول بالتعددية الحزبية وأصبحت زعيمة له، فكان أول ترشح لها في انتخابات 1997 حيث فازت بعضوية البرلمان، عام 2004 ترشحت للرئاسة فكانت أول امرأة في الجزائر والعالم العربي تترشح لهذا المنصب وقد حلت في المرتبة الثالثة، عادت عام 2009 للترشح وحصلت على المرتبة الثانية، ولطالما عبرت عن رفضها للتيارات التي تستغل الدين لأغراض سياسية ومبادئ حزبية، وكانت شديدة المعارضة للخلط بين المال والسياسة ما عُرف بالتفسخ السياسي، وفي الانتخابات التشريعية لعام 2012 اتهمت السلطة بمصادرة أصواتها ومقاعدها، لتعود بعد عامين للترشح للانتخابات الرئاسية وتمكنت من تحطيم الرقم القياسي لشخصيات بارزة في المعترك السياسي الجزائري، باستثناء عبد العزيز بوتفليفة الذي فاز بمنصب الرئيس.

 

المرأة والسلام على قوائمها 

في نضال لويزة حنون النقابي كان للمرأة العربية وقضاياها نصيب كبير، فقد طالبت بالمساواة بين الجنسين في المسؤوليات والنضال والحقوق، كما وجهت جهودها لإلغاء قانون العائلة الذي يجعل من المرأة الجزائرية مواطنة من الدرجة الثانية، كما ساهمت عام 1989 بتأسيس جمعية "المساواة أمام القانون بين النساء والرجال"، التي وضعت قضية "حقوق المرأة" على رأس أولوياتها النضالية، وتولت رئاستها.

حضورها لم يكن على الساحة السياسية للجزائر وقضايا المرأة فقط بل في حقوق الإنسان أيضاً، حيث كانت عضواً في اللجنة الدولية ضد القمع إلى جانب عضويتها في لجنة النساء العاملات ولجنة أفريقيا للوفاق الدولي للعمال والشعوب، كما كانت مساهماتها واضحة في الفعاليات المناهضة للحروب، ولطالما حذرت من الربيع العربي وثوراته حيث اعتبرت أن ما وقع فيه العالم العربي ليس ثورة أصلية بل "امتداد لمكائد الإمبريالية الأمريكية الرأسمالية".   

بالنسبة للويزة حنون السلام قوة جاذبة مركزية وأساس الحياة التي تقوم عليها كل الطموحات الإنسانية الأخرى، معبرةً عن وجهة نظرها بشأن السلام في بلدها الجزائر الذي مزقته الحرب، بقولها "السلام هو أولويتي القصوى وشرط أساسي على رأس جدول أعمالي الانتخابية لمنصب الرئاسية، نريد استعادة الثقة والأمل للجزائريين، وكبح العنف ووضع حد لحرب العصابات التي يتم إشعالها تحت عباءة الإرهاب والأصولية الدينية".