لافينيا لويد دوك... كرست حياتها من أجل الصحة العامة ودعم قضايا المرأة
لافينيا لويد دوك ممرضة ومعلمة ومؤرخة، وناشطة اجتماعية أمريكية دعت إلى مساواة المرأة مع الجنس الآخر، كانت مثال يحتذى به من قبل النساء اللواتي يطالبن بحقهم في العمل ومشاركتهم في حق التصويت
مركز الأخبارـ .
عملها في التمريض
لافينيا لويد دوك التي ولدت في 26شباط/فبراير 1858، في مدينة هاريسبرج بولاية بنلسفانيا، درست الفنون والموسيقى والأدب واللغة، لتدخل بعدها مدرسة التمريض بمدينة نيويورك، كانت ممرضة تملك منظوراً ووجهة نظر خاصة حول حرية المجتمع وكانت تعتقد أن التمريض عمل سياسي، كافحت في رحلة حياتها من أجل تحقيق ذلك، فبالنسبة لها الديمقراطية تعني في الوقت نفسه حياة حرة، ووفقاً لرأيها كي يكون المجتمع حراً يجب أن يخلو من جميع العلاقات السلطوية المهيمنة، عندها فقط تستطيع العيش حياة صحية سليمة، لذا أعلنت الكفاح من أجل صحة جيدة وعززت نضالها ومناهضتها للسلطة.
استجابة للظروف والخدمات السيئة في مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية؛ افتتحت في مدينة بلفيو بولاية آيلو عام 1873 مدرسة للتمريض، درست فيها لافيينا لويد دوك، وتخرجت منها عام 1886، لتعمل كممرضة لمجموعة من المنظمات الخيرية، كما عملت كمشرفة ليلية في مستشفى بلفيو، وخصوصاً أثناء انتشار وباء الحمى الصفراء في مدينة جاكسونفيل بفلوريدا.
عملت مع الممرضة جين ديلانو خلال الفيضانات التي حصلت في ولاية بنسلفانيا في عام 1888، وفي مستشفى جونز هوبنكنز عملت تحت إشراف الممرضة والمشرفة إيزابيل هامبتون، لتبدأ في عام 1890 بتدريس الممرضات المنتسبات إلى التمريض في السنة الأولى، عملت بلا كلل من أجل معايير وممارسات أفضل لتعليم التمريض، وعينت رئيسة للجنة الوطنية للممرضات المنتسبين التي تأسست عام 1896.
سنحت لها الفرصة بإلقاء كلمة في احتفال بمعرض كولومبيا في شيكاغو عام 1893، شجعت فيها على إعلان التمريض مهنة لتأسيس دور في المجال الطبي، ومن خلال الدراسات التي عملت عليها أصبحت لافينيا لويد دوك من أهم المؤرخين في التمريض، وكانت مناضلة من أجل قضايا المرأة ومناصرة لحقوقها.
بعد مغادرتها لمستشفى جون هوبنكنز عام 1896، عملت مع صديقتها الممرضة ومؤسسة الدار الصحي "House on Henry Street" ليليان والد، وتقع الدار شرق مدينة مانهاتن، التي تأسست إثر زيادة الأمراض بين السكان الذين يعيشون في ظروف قاسية.
ناضلت من أجل ظروف العمل السيئة وعمالة الأطفال
لافينيا لويد دوك دعمت خلال مسيرتها الطويلة النشاط المهني والاجتماعي، والسياسي بعد رؤيتها للظروف المعيشية السيئة من فقر وعنف وأمراض معدية بين العمال المهاجرين الذين تركوا منازلهم لكسب لقمة عيشهم، وإيواءهم في مساكن صغيرة تفتقر لأدنى مقومات الحياة، لتقديم الرعاية الصحية الكاملة لهم، وبناء مجتمع صحي خالي من الأمراض والأوبئة.
واهتمت مع صديقاتها بصحة المجتمع، والأطفال العاملين وجميع العمال وكنّ يقلن "أينما تواجدت ظروف العمل السيئة وساعات العمل الطويلة وعمالة الأطفال؛ ستتواجد دائماً مشكلة اجتماعية صحية، لذلك يجب علينا تقسيم جهودنا والنضال على هذه القضايا".
بحلول أواخر القرن التاسع عشر كانت لافينينا لويد دوك من أوائل الذين تحدثوا عن انتشار وباء الأمراض التناسلية في تلك المساكن، وقدمت العديد من الخدمات وساهمت بنشر طرق الوقاية من تلك الأمراض، ودعمت استخدام وسائل منع الحمل للنساء، وتقديم برامج المنظمات تحت مفهوم التعليم المجتمعي لتنمية الفرد وتعليمه كيفية الوقاية من هذا المرض، فطلبت العون من المتخصصة عن تحديد النسل مارجريت سانجر لمساعدتها في تخفيف الضغط على العاملات المهاجرات والحد من حالات الحمل الغير مرغوب فيها.
بنضالهن المشترك قدمن العديد من الخدمات
تكاتفت النساء والممرضات والأطباء كلهم وجمعوا قواهم لتدريب الناس وتوعيتهم لعلاج الأمراض المنقولة جنسياً والأمراض الأخرى، لم تكن المضادات الحيوية قد اكتشفت حتى ذلك الوقت، لذا تم تدريبهم على كيفية النظافة للحد والتخفيف من هذه الأمراض.
ووفقاً لتقارير وسجلات رسمية في عام 1914، فإن العاملين الصحيين في قرية "House on Henry Street" قدموا الرعاية اللازمة واعتنوا بثلاثة آلاف و535 مريضاً من مختلف الأعمار، وكانت نسبة الوفيات بينهم 8.05 بالمئة، في الوقت نفسه كان المشفى الرسمي في نيويورك يُعنى بألف و612 من المرضى، الذين وصلت نسبة الوفيات بينهم إلى 31.2 بالمئة.
ناقشت هؤلاء الناشطات الممرضات، مفهوم الأبوية الذكورية في القطاع الخاص وقيّمن حركة الصحة بالكلمات التالية "مع بدء النقاش حول الديمقراطية، ستتراجع قوة الأبوية الذكورية، فبحسب السلطات المواطنون هم فقط من الجنس الذكري أي من الرجال، والمفاهيم التي رسختها الأبوية الذكورية في المجتمع لا يمكن حلها إلا بالتعليم الديمقراطي، غالبية سكان قرية هنري ستريت كانوا من النساء، ومعظمهن كن عاملات، في داخل كل واحدة منهن كانت هناك رغبة في إيجاد الحلول وتطوير كل من التواصل، الحل الغذائي، دعم السلام، والتنشئة الاجتماعية، العدالة والشعور بالمواطنة في تلك القرية".
فالنضال المشترك للافينيا لويد دوك وصديقاتها هو الذي أنشأ منظور الديمقراطية ونظام دعم المرأة، وهو الذي فتح طريق النضال أمام الممرضات والعمال ونشطاء السلام والاشتراكيين.
جسدت في كتاباتها طرق الحفاظ على الصحة
عملت لافينيا لويد دوك كمحررة في المجلة الأمريكية للتمريض لمدة 20عاماً، دعت من خلالها إلى تحسين طرق التدريس وتشجيعهم على استخدام الكتب المدرسية.
تضمنت المجلة التي عملت فيها سِيَر ذاتية عن حياة الممرضات ونضالهن ومشاركة آرائهن ووجهات نظرهن مع المجتمع من خلال الندوات والمقالات التي أقاموها بداية من النظافة، وصولاً إلى العلوم الصحية، كانت لافيينا لويد دوك متيقنة من أن الجهل له تأثير سلبي للغاية على النساء ولابد من تثقيفهم وتوعيتهم على معرفة الجوانب الحياتية في المجتمع.
كما أنها كتبت العديد من المقالات التي نشرت في الأعداد الأولى من المجلة، ألّفت كتاب تاريخ التمريض ضمن أربعة مجلدات، قامت بكتابة أول مجلدين لها عام 1907 مع الممرضة الكندية ماري أديلايد نونتج، لتكمل المجلدين الآخرين بمفردها عام 1912.
تعاونت مع الممرضة والمؤلفة إيزابيل ستيوارت في كتابة "تاريخ تمريض الصليب الأحمر الأمريكي"، ونشرت أيضاً كتاب النظافة والأخلاق "Hygiene and Morality" عام 1910، كان هذا الكتاب دليل للممرضات وغيرهم من النساء التي تضمن لمحة عامة عن الجوانب الاجتماعية والقانونية والطبية للأمراض التناسلية وكيفية الوقاية منها.
ألّفت بعدها كتاب عن علم العقاقير في الطب تحت اسم "Materia Medica" لتتوسع في المعرفة عن الأدوية وإيجاد الدواء المناسب لكل مرض، واستقالت من المجلة الأمريكية للتمريض في عام 1923.
نضالها ووقوفها إلى جانب المرأة
ابتعدت لافينيا لويد دوك في العقد الخامس من عمرها عن مهنة التمريض، لتبدأ التركيز على المسائل الاجتماعية، وتصبح ناشطة في الإصلاح الاجتماعي، وتنضم إلى مجلس أليس بول الاستشاري لحزب المرأة الوطني.
حق المرأة في التصويت كان من أهم القضايا في حياتها، فكان لابد منها أن تعترف بالمساواة في الحقوق بين الجنسين لأنه يعد أساس تطوير جميع الجوانب إن كانت سياسية أو اجتماعية.
فشاركت في العديد من الاحتجاجات والاعتصامات، داعية إلى حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين ومن ضمنها حقها في التصويت، وشاركت في إضراب نيويورك للقمصان (تي شيرت) عام 1909 للوقوف بجانب النساء اللواتي غادرن عملهن.
وانضمت عام 1907 إلى رابطة النقابات النسائية، وفي عام 1917 انتقلت إلى واشنطن العاصمة لتنضم إلى المجلس الاستشاري للحزب الوطني للمرأة.
ولكن على إثر مشاركتها في الاحتجاجات والاعتصامات وكذلك في التظاهرات المسلحة، اعتقلت عدة مرات كان أولها في 25حزيران/يونيو عام 1917، وأيضاً في 17 آب/أغسطس من العام ذاته، واعتقلت مرة أخرى في السادس من آب/أغسطس عام 1918.
ولتسليط الضوء على حق المرأة في التصويت والمساواة بين الجنسين، ألفت كتاب "The Suffragist"، تضمن تعديل المساواة في الحقوق ومشاريع القوانين الأخرى التي تؤثر على المرأة بما في ذلك تشريعات العمل الوقائية وقضايا جنسية.
لافينيا لويد دوك أمضت حياتها من أجل خدمة المحتاجين وإحداث تغييرات يحتاجها المجتمع فكانت حياتها مليئة بالعمل الجاد والحرية، عادت في عام 1922 إلى ولاية بنلسفانيا لتعيش مع شقيقاتها في مزرعة العائلة حتى وفاتها في 17نيسان/أبريل 1956بمدينة تسامبرزبرغ في ولاية بنسلفانيا عن عمر يناهز 98 عاماً بعد إصابتها بالتهاب قصبي رئوي وكسر في الورك.