انجي حسن أفلاطون... رائدة الفن التشكيلي في مصر

تعد الفنانة التشكيلية المصرية انجي حسن أفلاطون من أبرز رواد الحركة الفنية التشكيلية في مصر والعالم العربي، نشأت في بيئة ارستقراطية لكنها لطالما ما وقفت إلى جانب الطبقة الفقيرة في بلدها عبر مشوارها الفني وذلك من خلال رسوماتها المعبّرة عنها، حظيت بتقدير عالٍ في كافة أنحاء العالم وأقامت نحو 25 معرضاً للوحاتها حول العالم

 
مركز الأخبار ـ .
انجي حسن أفلاطون ورحلة الإبداع الفني
ولدت بشخصية متمردة رغم نشأتها في بيئة ارستقراطية، ظهر حبها للفن التشكيلي منذ الصغر فدخلت هذا المجال من أبوابه الواسعة، نادت بفرشاتها وألوانها بالمساواة الاجتماعية لأبناء بلدها من الطبقة الفقيرة، حتى حظيت بشهرة وتقدير عالٍ في جميع أنحاء مصر والعالم لتستحق ما هي عليه اليوم، كما ويحتفي محرك البحث الشهير غوغل بذكرى ميلادها الذي يصادف السادس عشر من نيسان/أبريل من كل عام.
نشأتها وتحصيلها العلمي
ولدت انجي حسن أفلاطون في قصر من قصور القاهرة لعائلة من الطبقة الارستقراطية، درس والدها العلوم في سويسرا وأسس قسم علم الحشرات في كلية العلوم بجامعة القاهرة، كما كان عميد الكلية، أما والدتها فكانت مصممة أزياء وعملت في اللجنة النسائية لجمعية الهلال الأحمر المصري حينها، فيما يقال إن جدها الأكبر كان وزير الجهادية والبحرية في عهد الخديوي إسماعيل، وأن محمد علي باشا هو من أطلق عليه لقب "أفلاطون".
وباعتبارها من عائلة ارستقراطية، فمن الطبيعي أنها تعلمت ودرست في أرقى المدارس، كـ مدرسة القلب المقدّس الفرنسية الداخلية في مراحلها الدراسية الأولى، ومن ثم انتقلت إلى مدرسة الليسية الفرنسية حيث حصلت على شهادة البكالوريا.
بداية ميولها للفن
استشفَّ والدها فيها نزوعها نحو فن الرسم منذ صغرها أي قبل أن تدرسه دراسة أكاديمية، وعليه استقدم لها معلماً، لكنها رفضت الأسلوب الإملائي في الفن، لتلتحق بعدها بأستوديو "جاتروس امبير" في القاهرة والذي أصبح في عام 1941 أكاديمية خاصة للفن، إلا أن إحساسها بتقييد حريتها في التعبير أثناء دراستها للفن، كان السبب في ترك الاستديو وذلك بعد شهر واحد من التحاقها به.
التقت انجي أفلاطون في بداية الأربعينيات، بأبرز الفنانين الذين أثروا في الحركة الفنية آنذاك ومن بينهم المخرج والسيناريست كامل التلمساني، والذي أقنعها بدراسة الفنون الجميلة، وقد كانت من أوائل الطالبات اللاتي التحقن بكلية الفنون الجميلة في جامعة القاهرة.
انجي أفلاطون والمدرسة السريالية
تبنت انجي أفلاطون منذ بدايتها نهج المدرسة السريالية والتي تختص في الفن الحديث والأدب، وأخذت تتمرد على أنماط الرسم التقليدية وتصوّر كل ما يخطر في بالها بطريقة روائية كما يظهر في لوحاتها (الوحش الطائر) عام 1941، (الحديقة السوداء) عام 1942، (انتقام شجرة) عام 1943، وفي نفس الوقت انضمت إلى جماعة الفن والحرية والتي ضمت بين أعضائها مشاهير الفن التشكيلي في مصر، مثل محمود سعيد وفؤاد كامل ورمسيس يونان ومجموعة من النقاد من بينهم البير قصيري وجورج حسين ولطف الله سليمان.
انجي أفلاطون لسان أبناء الطبقة الفقيرة
كونها من الطبقة الارستقراطية لم يمنعها ذلك من التفكير بالطبقة الفقيرة في مصر، فبدأت تحمل أدوات الرسم وتتجول بها في قرى ومدن بلدها، وأخذت تنادي بحقوقهم بفرشاتها ولوحاتها التي غلب عليها الطابع الواقعي الاجتماعي، وعليه قدمت في عام 1951 معرضها الخاص الأول، وكانت بعض لوحاتها المعروضة تعبّر عن القومية والانتماء للوطن.
انجي أفلاطون وحقوق المرأة المصرية
كانت انجي أفلاطون إحدى المناصرات النسويات الرائدات في مصر آنذاك، حيث عملت على ضمان مراعاة حقوق المرأة، وتجلى ذلك في بعض لوحاتها والتي كانت تعبّر عن هيمنة الرجل على مقدرات المرأة، فيما كتبت عدة كتب سياسية بعنوان "ثمانون مليون امرأة معنا" عام 1948، قدمت فيه رؤيتها للقضية النسائية في مصر والخارج، و"نحن النساء المصريات" عام 1949، والذي كان تحليلاً عن قمع النساء، و"السلام والجلاء" عام 1951، والتي تناولت فيه المآسي والفظائع التي ارتكبها الانجليز في الحرب العالمية الأولى والأمريكان في الحرب العالمية الثانية.
تبنيها للفكر الماركسي 
تبنّت انجي أفلاطون الفكر الماركسي اليساري بالرغم من نشأتها في بيئة ارستقراطية، والتحقت بمنظمة "اسكرا" الشيوعية أي "الشرارة"، والتي تشكلت في تلك الفترة وسط طبقة المجتمع الفقيرة ضد الرأسمالية الإقطاعية.
نظمت في عام 1945 مع مجموعة من النساء ما أطلق عليه "المؤتمر الأول للاتحاد النسائي الديمقراطي الدولي" في العاصمة الفرنسية باريس، والذي طالب بطرح قضايا المرأة العاملة والفقيرة على العالم.
الرسم من خلف القضبان
اعتقلت انجي أفلاطون في عهد الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر وسجنت لأكثرِ من أربعِ سنوات في منتصف الخمسينيات، على خلفية آرائها السياسية، الأمر الذي ترك فيها أثراً كبيراً، والذي زاد من عزيمتها على مواصلة فنها خلف جدران السجن، فقد كان اصدقاؤها يقومون بتهريب الطباشير الملوّنة والزيوت إليها داخل السجن، فأبدعت برسم العديد من اللوحات الفنية هناك، منها لوحة "شجرة خلف الحائط" ولوحة "ليلة خلف قضبان السجن" ولوحة "الصور النسائية في السجن".
خرجت من السجن عام 1963 وابتعدت عن مشاركتها في السياسة، إلا أن ذلك لم يمنعها من التعبير عن بعض الأمور السياسية في أعمالها الفنية.
وظائف مختلفة
عملت انجي أفلاطون في العديد من الأعمال المختلفة في حياتها، كمعلمة رسم في مدارس الليسية الفرنسية حتى عام 1948، ثم مصوّرة، ومن ثم حصلت على منحة تفرّغ من وزارة الثقافة المصرية عام 1965.
المعارض الخاصة
أقامت نحو 25 معرضاً خاصاً داخل مصر وخارجها، كمعرض روما في إيطاليا عام 1967، ومعرض في مدينة دوسلدورف في ألمانيا، وبرلين الشرقية في ألمانيا أيضاً، وموسكو في روسيا عام 1970، ومعرض في نيودلهي في الهند عام 1979، ومعرض بأكاديمية روما عام 1981، كما أقامت معرضاً شاملاً لأعمالها الفنية بقاعة أخناتون في مصر في عامي 1942و 1985 987، ومعرض في الكويت عام 1988.
مشاركتها في المعارض الدولية
شاركت انجي أفلاطون في عدة معارض جماعية دولية، منها بينالي ساو باولو في البرازيل عام 1953، بينالي فينيسيا في إيطاليا عامي (1952 و1968)، بينالي الإسكندرية في مصر لدول البحر المتوسط الدورة الرابعة عام 1961 والدورة السادسة عام 1965، معرض الفن المعاصر ببلغراد في صربيا عام 1974، صالون (المستقلين) بباريس رقم (87) عام 1976، كما شاركت في معرض الفن المصري المعاصر بباريس، بالإضافة لمشاركتها مع عدد من الفنانين المصريين في معرض ألاباما في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1988. 
أشهر لوحاتها 
جمع الذرة، حاملة شجرة الموز، جمع البرتقال، الشجرة الحمراء، سوق الجمال، صياد بلطيم، لن ننسى، زوج الأربعة، روحي انتي طالق.
جوائزها
حصدت انجي أفلاطون العديد من الجوائز خلال مسيرتها الفنية، ومن أبرزها جائزتان من صالون القاهرة في عامي 1956 و1957، وجائزة في مسابقة المناظر الطبيعية عام 1959.
كما حازت على جوائز دولية، أبرزها وسام "فارس للفنون والآداب" من وزارة الثقافة الفرنسية في عامي 1985 و1986.
وفاتها
توفيت انجي أفلاطون في السابع عشر من نيسان/أبريل عام 1989 بعد يوم واحد فقط من عيد ميلادها الـ 65، تاركة خلفها إرثاً عريقاً من أهم اللوحات الفنية التشكيلية في العالم.
ونظم أتيليه القاهرة معرضاً لإحياء ذكراها عام 1989، فيما اُفتُتح معرض كبير لأعمالها في واشنطن عام 1944، ويُعد هذا المعرض الأول للفنون في واشنطن للنساء، بالإضافة إلى أنه وفي كل عام يحتفي محرك البحث الشهير غوغل بذكرى ميلادها.