الناشطة غادة جشمير في مواجهة السلطة والمحاكم

ناقدة بارزة للحكومة البحرينية تعرضت لأعمال تجسس طالت حياتها الشخصية، الناشطة البحرينية في مجال حقوق المرأة غادة جشمير من أصول إيرانية، ترأست عريضة نسائية للضغط من أجل تغيير الولاية القضائية على شؤون المرأة والأسرة.

مركز الأخبار ـ اعتبرت مجلة التايم الناشطة البحرينية غادة جشمير واحدة من أبطال الحرية في الوطن العربي، لشجاعتها في انتقاد سياسيات الحكومة البحرينية التي وضعتها تحت المراقبة الدائمة والتجسس كما تعرضت للتهديد المباشر.

صعدت الناشطة غادة جشمير المطالب من أجل المساواة، فشكل عدم وجود قانون موحد أو قانون الأحوال الشخصية لديها القضية الأكثر إلحاحاً، كون مسائل الطلاق وحضانة الأطفال تركت لتقدير القضاة الشرعيين التابعين للجمعيات الدينية في البلاد منها جمعية الوفاق الوطني الإسلامية التي اعتبرت أن إصلاح القانون هو من مسؤولية الزعماء الدينيين، الأمر الذي اعتبرته غادة جشمير يتعارض مع حقوق المرأة خصوصاً والأسرة عموماً، حيث ترى أن مكانة المرأة البحرينية ودعمها نحو التقدم للأفضل على كافة المستويات لم يكن بالشكل الذي يليق بالرؤية الثاقبة والنهج الذي قدمه الملك حمد بن عيسى آل خليفة آنذاك لرفع شأن البلاد وتعزيز دور المرأة.

غادة جشمير كونها مدافعة عن حقوق المرأة في البحرين ترأست لجنة العريضة النسائية التي تأسست عام 2002 وهي عبارة عن شبكة من الناشطين تطالب بتدوين قوانين الأسرة في البلاد كونها غير مقننة إلى جانب إصلاح محاكم الأسرة حيث أن القضاء تعود آرائه إلى رجال الدين عند البت بأي قضية، حيث رأت أن هذا الأمر خاصة في تأثيره على الأسرة سيؤدي إلى انعدام الوضوح فيما يتعلق بحقوق الأزواج وواجباتهم.

استطاعت الشبكة في عام 2003 جمع 1700 توقيع بفضل غادة جشمير اليت طالبت بالإصلاح التشريعي والقضائي لهذه المحاكم، وقد رصدت العريضة منذ انطلاقتها مئات الحالات التي أساء فيها علماء الدين المحافظين الذين يعارضون بشكل غير رسمي مساواة المرأة ويفضلون الرجل في أحكامهم، تفسير الفقه الديني وحرمان المرأة البحرينية من حقوقها بشكل تعسفي، فقد وثقت العريضة حرمان النساء من حضانة أطفالهن لمجرد أنهن تعملن أو تتابعن تعليمهن العالي.

وبدلاً من التعاون مع غادة جشمير لمعالجة القضايا التي سلطت منظمتها الضوء عليها، بعد أن قدمت عشرات الشكاوى إلى وزارة العدل ومكتب الملك تصف فيه سوء معاملة القضاة مع القضايا، تم محاكمتها عام 2005 وواجهت عقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عاماً، أسقطت عنها في منتصف العام ذاته، ليتم وضعها تحت المراقبة الدائمة مع منع السلطات البحرينية وسائل الإعلام المحلية والصحافة نشر أي خبر يتعلق بها.

ادعت غادة جشمير أن وزير الديوان الملكي قام بتهديدها بشكل مباشرة ومطالبتها بإنهاء عملها العام حتى أن الأمر وصل بالسلطات بوضع كاميرا تجسس في منزلها والتنصت على هاتفها الشخصي إلى جانب محاولة رشوتها وابتزازها.

 

الجرأة في انتقاد الحكومة وسياستها

نظمت غادة جشمير على مدار أربع سنوات احتجاجات ووقفات إلى جانب حملات الإضراب عن الطعام للفت انتباه المجتمع الدولي لمعاناة النساء في ظل نظام محاكم الأسرة آنذاك، كما ترأست الشراكة الاجتماعية البحرينية لمحاربة العنف ضد المرأة التي تنضوي ضمن إطارها المنظمات النسائية وحقوق الإنسان في البحرين.

ونظراً للدور المحوري الذي لعبته في الحركة العالمية للمدافعين عن حقوق الإنسان بما فيها حقوق المرأة، تعرضت لانتهاكات في أبسط حقوقها بما فيها الحق في الحياة والسلامة البدنية والحرية والأمن الشخصي وحرية التعبير إلى جانب الانتهاك الذي تعرضت له على أساس جنسها، فقد واجهت عام 2005 الاعتقال بتهم جنائية تقف خلفها دوافع سياسية على خلفية نضالها في سبيل حقوق المرأة البحرينية، كل هذه التهم لتهديد حريتها وحقوقها كمدافعة وجعلها عبرة لغيرها من المدافعات الأخريات عن حقوق الإنسان.

وقد اختارتها مجلة فوربس كواحدة من العشر نساء الأكثر قوة وتأثير في العالم العربي عام 2006، وفي ذات العام دعت في بيان أن إصلاحات الحكومة "اصطناعية وهامشية"، حيث جاء فيه "إن الحكومة تستخدم قضية قانون الأسرة كأداة للمساومة مع الجمعيات الإسلامية المعارضة، وهذا واضح من خلال حقيقة أن السلطات تثير هذه المسألة في الذي يريدون فيه صرف الانتباه عن القضايا السياسية، في حين لم يتم اتخاذ خطوات جادة للموافقة على هذا القانون إلا أن الحكومة ودميتها المجلس الوطني ليس لديهم مشكلة في السنوات الأربعة الماضية للموافقة على القوانين المقيدة للحريات الأساسية، لأجل هذا فإنه لا يؤمن شخص في البحرين بالمنظمات الحكومية مثل المجلس الأعلى للمرأة، استخدمت الحكومة حقوق المرأة كأداة زخرفية على المستوى الدولي، في حين تم استخدام المجلس الأعلى للمرأة لعرقلة الجمعيات النسائية غير الحكومية ومنع تسجيل الاتحاد النسائي لسنوات عديدة، حتى عندما تم تسجيل الاتحاد في الآونة الأخيرة كان خاضعاً لقانون الجمعيات".

في عام 2014 حُكم عليها في 10 دعاوى منفصلة تتعلق بنشر تغريدات على حسابها "تويتر" آنذاك، حول الفساد الذي تغرق فيه مستشفى الملك حمد الجامعي في جزيرة المحرق شرق العاصمة المنامة، وبعد عامين أيدت محكمة الاستئناف عقوبة السجن عشرة أشهر بحقها وكانت قد أمضت من مدة العقوبة ثلاثة أشهر في عام 2014، لتقوم السلطات البحرينية باعتقالها في مطار البحرين الدولي عام 2016 بعد عودتها من المملكة المتحدة حيث كانت هناك تتلقى العلاج وقضت الفترة المتبقية من الحكم الصادر بسجنها لمدة عشرة أشهر.