المرأة السعودية حطمت جدران السلطة ونظام الوصاية

القوانين المعمول بها في السعودية ما يتعلق بالأسرة والمرأة تعد مجحفة فحتى وقت قريب لم يكن مسموح للمرأة بقيادة السيارة وهو أمر ليس موجود في أكثر دول العالم تخلفاً وتعامل المرأة كقاصر مهما بلغت من العمر ويجب أن تحصل على الإذن في أدق تفاصيل حياتها من "الولي"

مركز الأخبار ـ الناشطة السعودية في حقوق المرأة سمر البدوي أول امرأة في بلادها ترفع دعوة قضائية للمطالبة بحق المرأة في التصويت والترشح، ودعوة العضل بحق والدها، كما شاركت في حملة قيادة المرأة للسيارة واعتقلت على خلفية نشاطاتها السلمية.

 

نشاطها في إسقاط النظام الأبوي

العنف والتهميش أبرز ما تعرضت له الناشطة سمر البدوي مواليد عام 1981 لمدة 15 عاماً على يد والدها منذ كانت تبلغ من العمر ثلاثة عشر عاماً، في كل مرة كانت تهرب إلى أقاربها وتجبر على العودة إلى والدها بعد تهديدهم لها بعدم استقبالها، كما حرمت من أبسط حقوقها منها حق التعلم بحجة أن الفتاة المتعلمة ستتمرد على واقعها وتخرج عن سيطرة وليها وأن إبقاء حياتها معتمة هو الحل الأبرز لتبقى مطيعة ولا تعترض على قرارات ولي الأمر المجحفة بحقها.

اضطرت في إحدى المرات للهروب إلى ملجأ "دار الحماية الاجتماعية" لرعاية النساء المعنفات في مدينة جدة، وقد أكد مصدر غير قضائي تابع لدار الحماية أن سمر البدوي كانت تتعرض للضرب والشتم من قبل والدها الذي كان يتعاطى المخدرات وخسر أمواله وفقد وظيفته عدة مرات.

بموجب قانون الوصاية تمكن والدها عام 2008 من رفع دعوى عقوق بسبب هروبها من المنزل نتيجة العنف الممارس عليها لكنها نجحت بإسقاط التهمة الموجهة ضدها ليُعاود المحاولة مرة أخرى في العام التالي لكن سمر بدوي لم تحضر الجلسات، لتقوم هي أيضاً برفع دعوى ضد والدها بسبب تعنيفه لها وطالبت برفع وصايته عنها، لكن لم يناصرها القضاء وأهملت قضيتها كما تم اعتقالها عام 2010 خلال حضورها إحدى جلسات الدعوى التي رفعتها وتم الزج بها في سجن بريمان بجدة.

وصفت منظمة حقوق الإنسان سجنها بـ "الاحتجاز المشين الغير شرعي"، حيث بقيت معتقلة قرابة السبعة أشهر ليتم إطلاق سراحها بعد حملات تضامن قامت بها منظمات حقوق الإنسان العالمية والسعودية التي باءت بالفشل إلى أن قام عمها بكفالتها، وكانت قد قدمت عريضة طالبت فيها عدم إعادتها إلى والدها ونجحت في نزع ولاية والدها عليها بموجب ما يقتضي حكم قضائي مصدق من محكمة التمييز، وتزوجت في ذات العام من الناشط الحقوقي المعتقل حالياً وليد أبو الخير واستمر زواجها منه خمسة أعوام تقريباً.

وشاركت سمر البدوي عام 2016 مع آلاف النساء السعوديات في حملة "أنا ولية أمري" التي طالبن من خلالها إسقاط نظام ولاية الرجل على المرأة كونه نظام خطر وعبء على النساء فهو لا يقتصر على التمييز ضدهن أو اقصاءهن بل يعيق أيضاً وصولهن للخدمات الصحية والقضائية أو تعرضهن لأي عنف أو أذى، بالإضافة لما سبق تعرضت للاعتقال من قبل السلطات السعودية بسبب نشاطها الحقوقي السلمي في الدفاع عن حقوق الإنسان ومشاركتها بحملة إسقاط الولاية، فقد تم حبسها في سجن ذهبان في جدة عام 2016 وأفرج عنها في ذات العام وبعد عدة أشهر تم استدعاءها مرة أخرى من قبل هيئة التحقيق والادعاء العام بجدة على خلفية ذات الأسباب.

 

كفاح المرأة السعودية للقضاء على القوانين الرجعية

لم يكن قانون الوصاية هو العائق الوحيد أمام المرأة السعودية، فالدولة استخدمت الدين لتهميش دور النساء وإقصاءهن المتعمد عن الحياة الاجتماعية والسياسية، فقد تمكنت سمر البدوي من رفع دعوى إلى ديوان المظالم ضد وزارة الشؤون البلدية والقروية نتيجة رفض الوزارة قبول ترشحها لانتخابات البلدية لعام 2011، وصرحت وقتها أنه لا يوجد أي سبب قانوني ينص على حرمان المرأة من حقها في التصويت والترشح وأن رفضها أمر غير قانوني بحسب ما ورد في المادتين الـ 3 و24 من الميثاق العربي الإسلامي اللتان تشيران للانتخابات العامة والخاصة في مكافحة التمييز العنصري.

كما شاركت عام 2011 في حملة "سأقود سيارتي بنفسي" التي انطلقت في السعودية التي انفردت بهذه القضية كونها البلد الوحيد في العالم كانت تمنع النساء من قيادة السيارات، فكانت سمر البدوي تقود سيارتها تضامناً مع الحملة غير آبهة للقوانين المجحفة بحق المرأة محاولة لفت انتباه منظمات حقوق الإنسان والمساواة بين الأجناس، وقدمت الدعم القانوني للسائقات في إجراءات المحكمة فقد تم اعتقال العشرات من النساء في مناطق متفرقة من البلاد وتم الإفراج عنهن بعد دفع كفالات مالية وتعهد خطي بعدم التكرار.

طالبت بإلغاء القرار الإداري القاضي بمنع المرأة من حق الحصول على رخصة قيادة نظراً لعدم وجود قانون صريح يمنع المرأة من القيادة، وجاء ذلك بعد أن رُفض طلبها للحصول على رخصة القيادة فرفعت دعوى ضد وزارة الداخلية وبذلك تكون أول امرأة سعودية تكسر حاجز الخوف وتتجرأ على رفع مثل هذا النوع من الدعوات في بلد ذي طابع اجتماعي وسياسي متشدد يجرم ويكفر المرأة بسبب مطالبتها بأبسط حقوقها ويحملها ما لا طاقة لها به، تكللت مساعي الناشطات بالنجاح فقد تمكنت المرأة في السعودية أخيراً من الحصول على رخصة القيادة عام 2018.

حصلت سمر البدوي عام 2012 على الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة فهي تعد أول امرأة وشخص يقوم برفع دعوى قضائية للمطالبة بحق التصويت والترشح في السعودية، ولأنها طالبت بتعليق إجراءات الانتخابات حتى صدور قرار الديوان قبول طلب تسجيلها ناخبة ومصوتة في الانتخابات، قُبل بالرفض بحجة أن الدعوى "سابقة لأوانها".

تم حظرها من السفر خارج البلاد لفترة غير معلومة عام 2014 أثناء توجهها لحضور منتدى الاتحاد الأوروبي السادس عشر حول حقوق الإنسان في بلجيكا، كان هذا الاجراء تعسفي كونه لا يستند على أسباب أو تحقيق مسبق ليتبين في وقت لاحق أنه تم منعها من السفر على خلفية كلمة ألقتها في إحدى دورات مجلس حقوق الإنسان طالبت فيها بالإفراج عن زوجها وبقية النشطاء الحقوقيين في السعودية بالإضافة لتطرقها للسياسات التي تحرم المرأة من حقوقها الأساسية.

حصلت على جائزة "هرانت دينك الدولية" عام 2015 لنشاطها في مجال الدفاع عن حقوق المرأة واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان، فبفضلها وبفضل العديد من النشاطات النسويات حصلت المرأة في السعودية على حق الترشح والتصويت عام 2015، وأصبحت سلمى بنت حزبي العتيبي أول امرأة منتخبة في البلاد عندما فازت بمقعد في المجلس البلدي بمدينة مكة بينما انتخبت عشرين امرأة في مجالس البلدية، كما نالت المرأة حق الترشح لمجلس الشورى عام 2013 لكن بموجب ثلاثين مقعد فقط ولكن اشترط على النساء أن يكن ملتزمات بتعاليم الدين الإسلامي دون أي مخالفة مع التقيد بقواعد الحجاب الإلزامي مع الفصل بين الجنسين سواء في الدخول إلى مبنى المجلس أو الجلوس واستخدام شبكة الاتصالات الداخلية للتواصل مع الأعضاء الرجال في المجلس.

وفي عام 2018 قامت السلطات السعودية بشن حملة اعتقالات بحق الناشطات وكانت من بينهن سمر البدوي وإيمان النفجان ولجين الهذلول دون وجود أي أمر قانوني للاعتقال أو شرح للأسباب، حيث بقيت في السجن الانفرادي في مكان مجهول قرابة الشهر ليعلن لاحقاً عن تواجدها في سجن ذهبان ومنعت وقتها من توكيل محامي للدفاع عنها، حيث أكدت منظمات حقوقية أن الناشطات المعتقلات تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي وغيره من سوء المعاملة الجسدية والنفسية أثناء الاستجواب، وبقي مصيرهن مجهولاً إلى أن تم الإفراج عنها إلى جانب الناشطة نسيمة السادة في منتصف عام 2021 وتواجه حظر سفر لمدة خمس سنوات بالإضافة إلى قيود على التحدث علناً عن تجربتها.

تعد سمر بدوي مصدر إلهام للعديد من النساء السعوديات المطالبات بتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة وإنهاء نظام الوصاية عليها في بلد يعارض التغيير ويضايق الناشطات ويهددهن بالعقاب والاحتجاز التعسفي وحملات التشهير والمحاكمة الجائرة.