زواج القاصرات من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال

تقول الناشطة في مجال حقوق المرأة والأخصائية الاجتماعية سعدة جلالي إن "زواج القاصرات يعتبر اغتصاباً صامتاً، ففي حين أن الطفل لا يزال غير ملم بالقضايا الجنسية، فإنه يضطر إلى ممارسة الجماع دون علم".

هوجين شيخي

سنه ـ انتشر زواج الأطفال في العديد من المجتمعات منذ القدم بسبب الثقافة الأبوية وقلة الوعي بعواقب هذا الزواج، وفي إيران وشرق كردستان أحد أسباب تشجيع الحكومة لزواج الأطفال هو محاولة زيادة عدد السكان والذي وصل إلى مستويات مثيرة للقلق في السنوات الأخيرة.

غالباً ما يواجه الأطفال الذين يُجبرون على زواج الأطفال اضطرابات عقلية، لأن هؤلاء الأزواج يواجهون فجأة هذا التغيير دون المرور بالمراحل الطبيعية للنمو والاستعداد جسدياً وعقلياً وفكرياً للزواج، وفي معظم المجتمعات التقليدية، الدور الرئيسي للمرأة هو الإنجاب، ولم يتم تحديد المشاركة الاجتماعية والتعليم والعمل للمرأة كأساسيات.

حتى أن الزواج في سن صغيرة كان مصدر فخر للعائلات، ولكن في الفترة الحالية، يزداد تزويج القُصر وخاصة الفتيات لأسباب تتعلق بالفقر والحرمان من التعليم وانتشار المخدرات والعادات والتقاليد وكذلك التعاليم الدينية المتوافقة مع النظام الأبوي.

 

"انتهاك جسيم"

قالت الناشطة في مجال حقوق المرأة والأخصائية الاجتماعية سعدة جلالي أن زواج القُصر وخاصةً الفتيات يعد أحد الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال "زواج القاصرات تحت حماية القانون والأوامر الدينية هو بيع رسمي للأطفال يتعرضون فيه لأشد أشكال العنف في طفولتهم، ويكونون شهوداً صامتين على موت الطفولة والندم على ما فاتهم، ولقد قرأت مرة مقالاً تحدثت فيه إحدى ضحايا زواج القاصرات وقالت أن عمرها كان 13 عاماً عندما أتى شخص إلى منزلهم لشراء دراجة فقال له والدها أريد من يشتري ابنتي أيضاً".

 

"زواج الأطفال لا يعني شيئاً سوى تشريع الاغتصاب"

وأضافت "هناك العديد من القصص عن هذه الوفيات الصامتة، آرزو هي إحدى الفتيات اللواتي أصبحن ضحية للنظام الأبوي وتزوجت في سن الـ 13 بعد وفاة والديها واعتنى بها عمها مع شقيقتها التي تم تزويجها في سن الـ 12 وقد تعرضت للعنف من قبل زوجها والطلاق وتخلت عنها عائلة عمها لتصبح تحت الرعاية الاجتماعية، كما أنجبت طفلها الأول في سن الخامسة عشرة، ولكيلا تعاني من مصير أختها، قالت في حديث دار معها (أخشى أن أذهب لرؤية أختي لأن عمي يقول إنها غير شريفة، ويهددني بالقتل إن ذهبت(".

ولفتت إلى أنه "في المجتمع الأبوي، يُنظر إلى المرأة على أنها مصنع تكاثر، فيتم التركيز على زيادة السكان من خلال زيادة معدل الخصوبة، وما زواج الأطفال إلا تشريع للاغتصاب والاعتداء الجنسي والنفسي ففي هذه العلاقة الجنسية غير المتكافئة، يتم اغتصاب الأطفال بشكل يومي، وفي الغالب يكون الزوج أكبر بكثير من الفتاة".

وترى أن "الطفل بمجرد دخوله مرحلة المراهقة تتشكل شخصيته الاجتماعية، لكن من يقع ضحية لهذه العلاقات الوحشية يدخل مرحلة البلوغ، دون أن يعيش هذه الفترة، ولأن هويته الشخصية لم تتشكل بالشكل الصحيح فهو غير متأكد من معتقداته ورغباته، مما يؤدي لفقدان الثقة بالنفس وتصبح حياة الفتاة مسيطر عليها بشكل كامل من قبل الرجال".

 

التربية هي الأساس

وبينت سعدة جلالي أن "الزواج في سن مبكرة هو نتيجة للعنف الأسري وتسرب الفتيات من المدارس، ففي ظل الثقافة التقليدية السائدة في المجتمع، يتم تعليم الأطفال منذ الصغر أن يكونوا مطيعين وخاضعين، وأن دور الفتاة الأساسي هو أن تكون زوجة وأم وعليها طاعة رجال العائلة".

وأكدت أنه حتى لو لم يتم تعنيف الفتيات من قبل أزواجهن إلا أن ذلك لا يلغي الأذى النفسي الذي تتعرض له الفتاة "الحياة المشتركة لهؤلاء الأطفال تفرض تغييراً في السلوك والأفكار والمشاعر".

واختتمت الناشطة في مجال حقوق المرأة والأخصائية الاجتماعية سعدة جلالي حديثها بالتشديد على فكرة مهمة وهي أن زواج القاصرات اغتصاب للطفولة وعبودية مطلقة في إطار الأسرة "يتم تزويج الفتاة بينما لا تزال غير ملمة بالقضايا الجنسية، لتصبح العلاقة اغتصاب يومي، والقانون الإيراني لا يمنع زواج القاصرات حيث سن الـ 18 مقبول لافتتاح حساب بنكي أو المشاركة في الانتخابات ولكن عند الزواج لا يتم تطبيق أي قانون يتعلق بالسن".