وسائل الإعلام ودورها في توثيق "مقاومة العصر" وإيصال صداها لكافة أنحاء العالم
السير على طريق الصعب في سبيل توثيق الحقائق وأحداث الحرب، العمل بوفاء وإخلاص لإصدار صدى مقاومة العصر هذه التفاصيل وغيرها
روبارين بكر
الشهباء ـ الكثير من مقتطفات جرت ما وراء عدسة رصد أيام مقاومة العصر في عفرين بشمال وشرق سوريا خلال 58 يوماً من المقاومة والهجمات.
يقال إن إحدى الطلبة في الصين أثناء شن الدولة التركية ومرتزقتها هجماتهم على مقاطعة عفرين بشمال وشرق سوريا سأل معلمه ما هذه المدينة التي تتعرض بهذا الشكل للقصف وأين تقع، من خلال الخريطة أشار المعلم للطالب لمدينة عفرين، فتعجب ودهش من جغرافية عفرين الصغيرة مقارنةً بما تتعرض له من هجمات عنيفة بالطائرات والأسلحة الثقيلة، فكيف تمكنت مقاومة العصر وصمودها بوجه الاحتلال التركي إصدار هذا الصدى والتأثير بالعالم أجمع؟
مقاومة العصر في مقاطعة عفرين التي استمرت 58 يوماً كان لها تأثيراً وصدى على المستوى العالمي، في كل مكان سمع الشعب بمقاومة أهالي عفرين والجميع كان يرغب بمعرفة الأحداث والمجريات لحظةٍ بلحظة، كان لوسائل الإعلام المتواجدة في المنطقة فضل كبيراً في إصدار هذا الصوت والصورة، وفضح حقيقة نوايا تركيا وكشف حربها النفسية والخاصة عن طريق إعلامها.
كانت مهمة الإعلام في تلك الأثناء في غاية الصعوبة والخطورة، إذ أن المراسلين في المنطقة انتشروا في كل ناحية من نواحي عفرين، وساهموا في رصد جميع جوانب الحرب والمقاومة التي شهدتها عفرين من مقاومة المقاتلين في جبهات القتال، استهداف الاحتلال التركي للمدنيين، الإضرار التي خلفها القصف وغيرها الكثير.
ولإخفاء صوت الحقيقة في 22 كانون الثاني/يناير 2018 أصيب مراسل قناة روناهي TV زكريا شيخو برصاص جيش الاحتلال التركي أثناء تغطيته لأحداث وقصف الاحتلال التركي على ناحية راجو بمقاطعة عفرين في انتهاكٍ لحقوق الصحفيين ومنعهم من ممارسة عملهم المهني.
وحول هذا الموضوع تحدثت لوكالتنا المراسلة تولين حسن التي رصدت لحظات المقاومة والحرب على عفرين في جبهات ونواحي مختلفة.
بدأت تولين حسن حديثها بالإشارة إلى أنه في يوم الـ 20 من كانون الثاني/يناير، بدأت هجمات جيش الاحتلال التركي ومرتزقته على مقاطعة عفرين، يوماً امتزجت فيه أصوات الطائرات بصرخات الأهالي والجرحى، صدم الأهالي من القصف الهمجي لعفرين الآمنة بالعشرات من الطائرات وبعشوائية وعنف.
"مقتطفات من مقاومة العصر ستبقى راسخة في ذاكرتي"
وأوضحت تولين حسن أن خيارهم كمراسلين كان البقاء والصمود لتوثيق المجريات والأحداث التي تشهدها المنطقة، وكذلك توثيق مقاومة العصر التي دامت 58 يوماً، "هناك الكثير من اللحظات والمقتطفات الراسخة في ذاكرتي، من المقاتلات اللواتي اتخذن مكاناً في جبهات القتال، الأمهات اللواتي ساندن أبنائهن والأهالي الذين توافدوا من شمال وشرق سوريا ليكونوا دروعاً بشرية لحماية عفرين".
السير لطريق الموت في سبيل توثيق الحقائق وأحداث المقاومة
وذكرت تولين حسن بعضاً من تلك المقتطفات "بعد استهداف طائرة لجيش الاحتلال التركي على يد مقاتلي وحدات حماية الشعب والمرأة، وثقت ذاك المشهد من ثم توجهت لتصوير بقايا الطائرة" ووصفت المشهد بالقول "كان السير لذلك المكان كالسير للموت، حيث أنه دقائق من ساعة لكنه كان بالنسبة لي لحظات نهائية حيث أن الطائرات الحربية كانت تحوم في سماء المنطقة، وكنت شاهدة على همجية القصف التركي إذ أن بقايا الطائرة ومن فيهم لم يبقى منها سوى رماد من حدة الاستهداف الذي وقع بعد سقوط الطائرة".
"لم أكن أعلم بأن كلمات مقاتلة معي ستصبح وصية"
وأوضحت أنه خلال متابعتها مقاومة المقاتلين لم تكن على دراية أن كلمات إحدى المقاتلات ستصبح وصية "بعد رصدي لآراء مقاتلات وحدات حماية المرأة في جبهات ناحية جندريسه، طلبت مني المقاتلة فيان صوران أن التقط لها صورة وهي ترفع إشارة النصر وجعلتني أعدها أن انشر صورتها تحت مقولة عفرين ليست لوحدها، في تلك اللحظات لم أفكر قط أن تلك كلمات تلك المقاتلة ستكون وصيتها الأخيرة، فبعد أربعة أيام وصلت المقاتلة فيان صوران لمرتبة الشهادة، وعهدت على نفسي أن أحقق ما كانت تحلم به وأنفذ وصيتها من خلال نشر كلماتها وصورها التي تشيد بالمقاومة حتى في لحظة الشهادة".
كما تحدثت عن وصول أول وفد من شمال وشرق سوريا نحو مقاطعة عفرين وسط القصف الهمجي والعوائق التي يفرضها الاحتلال التركي على أهالي المنطقة واستهداف القافلة وقالت "أتذكر يومها بقي أهالي عفرين في الشوارع حتى الساعة 3 بعد منتصف الليل وهم ينتظرون القوافل القادمة من شمال وشرق سوريا ويرددون شعارات المقاومة والصمود".
العمل بوفاء وإخلاص لإصدار صدى لمقاومة العصر
عن عملهم الإعلامي وواجبهم تجاه مقاومة الشعب والمقاتلين وإظهار ما كان يرتكبه الاحتلال التركي من جرائم واستهداف مباشر للمدنيين أوضحت "في تلك الأثناء لم يكن المهم من يلتقط المشهد أي أن العمل كان بكل إخلاص ووفاء والحرص الوحيد بتسليط الضوء على جميع الأحداث التي تقع على أرض عفرين ونشرها للرأي العام".
وأشارت إلى أن جميع الوسائل الإعلامية من المرئية، المسموعة والمقروءة سعت بكل ما تملكه من إمكانيات من إيصال صوت أهالي عفرين ومقاومتهم للعالم أجمع إلى أن باتوا قضية رأي عام، متحدين جميع العوائق والصعوبات التي كان يسعى الاحتلال التركي لزرعها أمامهم باستخدام الأسلحة وطائراته الحربية.
ونوهت المراسلة تولين حسن في ختام حديثها أنها "تابعت الكثير من الهجمات التي استهدفت مناطق مختلفة من شمال وشرق سوريا وحملات عسكرية عدة، إلا أنه وخلال مسيرتي الإعلامية فأن رصدي لمجريات وأحداث هجمات الاحتلال التركي على عفرين لأكثر من شهرين كان لها تأثيراً مختلف على شخصيتي وعملي".