تزامناً مع اليوم العالمي لمناهضة العنف... مطالبات برفع وتيرة النضال
رغم مرور عقود على النضال النسوي ضد العنف والتمييز الممارس ضدهن، إلا أنه لم يسفر عن نتائج بعد، فالنساء بحاجة ملحة لتوحيد جهودهن في سبيل الوصول إلى الحرية وتحقيق إنجازات عظيمة والحصول على حقوقهن.
يسرى الأحمد
الرقة ـ تساهم النساء في النهوض بمجتمعهن لقدرتهن على تحليل الأحداث وإحلال الأمن والسلام، وسد الثغرات التي تستغلها السلطات المهيمنة لتمرير أجندتها وتنفيذ مآربها على حساب إبادة الشعوب وهو ما يدفع بالقوى المهيمنة لارتكاب جرائم بحق الرياديات.
فما حدث مع الأخوات ميرابال اللواتي تم اغتيالهن من قبل رئيسة جمهورية الدومينيكان رفائيل تروخيو عام 1960، اللواتي ناضلن ضد سلطة الرجل، تم من خلاله الإعلان عن الخامس والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، يوماً عالمياً لمناهضة العنف ضد المرأة.
تقول الإدارية في لجنة الصلح التابع لمجلس تجمع نساء زنوبيا في مدينة الرقة حلا العليان "عانت المرأة على مر العصور من العنف والتمييز بكافة أشكاله، وسلبت منها حقوقها المشروعة من قبل الذهنية الذكورية، لقد دفعت النساء وخاصةً في الشرق الأوسط ضريبة العادات والتقاليد البالية، فقد تعرضن لكافة أشكال العنف وتم تهميشهن".
وعن أشكال العنف الممارس بحق النساء أوضحت "للعنف أشكال عديدة، فمنها اللفظي كالإساءة بالكلمات الجارحة والشتائم، أما العنف الجسدي والجنسي كالاعتداء بالضرب والتحرش والاغتصاب وغيرها، كما هناك عنف نفسي كالحرمان من حق العمل والتعليم ومنعها من تحقيق أحلامها والوصول لأهدافها".
وحول تداعيات العنف التي رافقتها الكثير من القضايا الاجتماعية تقول "فرضت السلطة الذكورية على المرأة العديد من الأحكام والقيود التي عكست سلباً على المجتمع، كتزويج الفتاة قسراً وهي لا تزال طفلة، ونتيجة لعدم إدراكها المسؤولية الملقاة عليها ينتهي هذا الزواج الذي يشهد الكثير من العنف الممارس بحق الزوجة، إما بالطلاق أو الانتحار كردة فعل للتخلص من الضغوطات التي تفوق طاقتها وهو يعد وجه آخر للعنف"، مشيرةً إلى أنه تم إهانة المرأة وإذلالها ووضعها في قوالب نمطية بغية الإضعاف من إرادتها وقوتها لثنيها عن لعب دورها في المجتمع.
وللحد من العنف ضد النساء المنتشر حول العالم، يحمل تجمع نساء زنوبيا في شمال وشرق سوريا، على عاتقه مسؤولية القضاء عليه بالعديد من الأساليب "نعمل بشكل مستمر على نشر الوعي في المجتمع والحث على أهمية تحرر المرأة، ووضع آلية لحمايتها من العنف"، مضيفةً "على المرأة أن تلتف حول الحركات النسوية التي تمثل صوتهن وتناشد بحقوقهن بالإضافة إلى ضرورة تسلحهن بالفكر والوعي بأهمية تحررهن والانتفاضة بوجه كل أشكال العنف"، لافتةً إلى أن الحملات التوعوية التي يطلقونها لا تقتصر على اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة.
مفاهيم خاطئة تبرر الجرائم بحق المرأة
ومن جانبها تطرقت عضو لجنة المرأة في مؤسسة المؤتمر الإسلامي الديمقراطي بتول الحمزاوي إلى ما عانت منه المرأة عبر التاريخ "تعرضت النساء في العصور الجاهلية لأشكال عديدة من العنف، بدءً من وأد البنات وهن على قيد الحياة، فضلاً عن جرائم القتل المرتكبة بحقهن تحت مسميات مختلفة مستخدمين الدين والعادات والتقاليد غطاءً لهم".
وأشارت إلى أن "الدين الإسلامي يحث على الأخلاق والرحمة والتسامح، أي أنه لم يحض على قتل النساء والفتيات، إن الرجال يحرفون الدين وفقاً لمعتقداتهم وآرائهم الشخصية في سبيل تبرير ممارستهم للعنف".
وبدورهم كمؤسسة معنية بقضايا المرأة يسعون لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي شرعت ممارسة العنف "نعمل بكل جهد على توعية المجتمع وتصحيح المفاهيم الخاطئة، ووضع تفسير صحيح للشرائع الدينية، بالإضافة إلى توعية المرأة وتعريفها بحقيقتها لتكون قادرة على التصدي لكافة أشكال العنف".
ونوهت ممثلة حزب التآخي الكردستاني وفاء باشا "لطالما كانت المرأة ضحية الحروب والصراعات الطائفية بين السلطات المهيمنة، فقد شهد التاريخ على العديد من الإبادات الجماعية والانتهاكات الوحشية بحق مختلف القوميات والأديان والأطياف كالشركس والأرمن والإيزيديين والكرد، وشهد أبشع الجرائم المرتكبة بحق النساء والأطفال خاصة، من العنف والاغتصاب والتهجير والتطهير العرقي وإجبارهم على اعتناق ديانات أخرى، ولاتزال هذه الممارسات قائمة حتى يومنا الراهن، وخير دليل على ذلك مجزرة شنكال التي ارتكبت من قبل داعش بحق الإيزيديات في الثالث من آب عام 2014".
وأوضحت أن النساء والفتيات تعرضن خلال مجزرة شنكال للاغتصاب والسبي والبيع في أسواق النخاسة، كما قتلت العشرات منهن، داعيةً النساء في كافة أنحاء العالم لتوحيد صفوفهن ورفع وتيرة النضال للوصول إلى الحرية والقضاء على العنف الممارس ضدهن بكافة أشكاله.
فيما وصفت الأمين العام لحزب سوريا المستقبل سهام داود القرن العشرين بـ "الدموي"، حيث شهد أكبر نسبة من جرائم القتل بحق النساء "شهد قرن العشرين حروباً عدة، وأينما وجدت الحرب يوجد عنف يمارس بحق النساء خاصة ضد الناشطات والسياسيات والمقاتلات والقياديات في الصفوف العسكرية".
وأضافت "النساء اللواتي تتمتعن بالقوة والإرادة دائماً تكن عرضة للاستهداف من قبل السلطات أكثر من غيرهن لأنهم يخافون من المرأة الحرة والمناضلة والساعية للحصول على حقوقها ولعب دورها في المجتمع، وأكبر دليل على ذلك ما تتعرض له نساء شمال وشرق سوريا، من استهدافات من قبل الاحتلال التركي، مخترقاً بذلك القوانين والمواثيق المتعلقة بحقوق الإنسان"، مشيرةً إلى أن تحرير المجتمع يمر من تحرير المرأة التي تعتبر نواة المجتمع، وهي القادرة على تغيير واقعه.
وفي ختام حديثها شددت على أهمية توحيد صفوف النساء والاستمرار بالنضال للقضاء على كافة أشكال العنف والتمييز بحقهن، مطالبةً جميع التنظيمات النسوية والحقوقية العمل جاهداً لحماية النساء والحد من الانتهاكات الممارسة ضدهن، وتسليط الضوء على قضاياهن.