تونسيات: ارتفاع نسب العنف خلق مجتمعاً عنيفاً

في ظل تعرض النساء والأطفال للعنف الذي يخلف أثار شديدة على صحتهم الجسدية والنفسية، دعت ناشطات تونسيات إلى البحث عن أسباب تفشي العنف داخل الأسر الذي ازدادت وتيرته وضاعف من حالات القتل في تونس.

زهور المشرقي

تونس ـ شددت نساء تونس على ضرورة تركيز الإعلام على العنف ضد النساء والأطفال داخل الأسرة، والتوعية بمخاطره وأهمية الإبلاغ عنه، وتسهيل الإجراءات لدعم ولوج النساء للقضاء.

بلغ العنف ضد النساء مستويات تنذر بالخطر، وفي تونس شهدت موجة مفزعة من جرائم قتل النساء خلال العام الماضي حيث تضاعفت أربع مرات منذ عام 2018، فقد تم تسجيل أكثر من 24 جريمة قتل ضد النساء خلال العام الجاري، 54% منها نفذت من قبل الأزواج.

وتعرض قرابة 400 مليون طفل في العالم دون سن الخامسة والسادسة لعنف نفسي أو عقاب جسدي في منازلهم بانتظام، و330 مليون طفل منهم يتعرضون لعقوبات جسدية وفقاً لتقارير أممية، وهو ما يؤثر على تطورهم وصحتهم العقلية، وفي تونس يتعرض الأطفال للعنف في منازلهم أكثر من الشارع، بحجة التربية، والذي من المفترض أن تكون بيوتهم أكثر مكان يوفر لهم الحماية والأمان.

وقالت الناشطة النسوية سعاد رجب أن قتل النساء في تونس يعود إلى انتشار المخدرات في السنوات الأخيرة بشكل متزايد، علاوة على أن الأسرة التونسية استسهلت العنف وربت أطفالها على الضرب والعنف، مبينةً أن هناك دراسات تبرز أن 93 بالمئة من الأطفال معنفين من قبل أوليائهم "إن العنف ضدهم سلوك خاطئ ولا ينتج إلا العنف، فالطفل الذي يمارس عليه العنف بشكل متكرر يربى على قبوله له، وبالتالي يمارس الفعل حين يكبر بشكل بشع".

وأشارت إلى أن الجمعيات النسوية والإعلام لم يتطرقا بشكل كافي لمسألة العنف داخل الأسرة ولا لآثاره السلبية على نفسية الأطفال، لافتةً إلى أن بعض الأسر تعتبر العنف وسيلة للتربية وأن ذلك يؤثر بشكل كبير على دماغ الطفل ويبقى نموه العقلي ناقصاً.

وأوضحت أن الأزمات الاقتصادية وتدهور أوضاع الأسر يعد سبب من أسباب تزايد حالات العنف ضد النساء، مبينةً أن المرأة تكون أكثر تأثراً لأنها الحلقة الأضعف في المجتمع، وأبسط مثال هو أن البطالة تستهدفها أكثر من الرجال "كلنا نعلم أن الاستقلالية الاقتصادية للمرأة أمر مهم لمحاربة العنف بشتى أشكاله".

ودعت الإعلام إلى التركيز على العنف داخل الأسرة، وما يمكن أن يترتب عنه لدى الأطفال، مؤكدةً على ضرورة التوعية بخطورته على الأبناء.

وحول كيفية مكافحة ظاهرة العنف، قالت إن تسهيل الإجراءات لدعم ولوج النساء للقضاء من الأسباب الأولية التي قد تدفع إلى ردع المعتدين، إضافةً إلى تكوين الجهات المختصة لمعرفة كيفية التعامل مع ضحايا العنف وعدم التدخل سلبياً بإعادة الضحية إلى بيت المعنف حتى لا تتراجع عن تقديم شكواها "للأسف المجتمع يحاول التأثير على المرأة المعنفة، لكيلا تبلغ عن المعنف خاصةً إذا كان زوجاً أو أحداً من الأقارب".

 

 

وبدورها قالت الكاتبة العامة بجمعية اطاس حميدة السبعي إنه في إطار تخليد الأيام الأممية الـ 16يوماً لمناهضة العنف ضد النساء يجب التركيز على توعية النساء بمخاطر العنف وأهمية الإبلاغ عنه، وأن العنف يطال حتى النساء ذوات الإعاقة، منتقدةً توسع آفة العنف ضد ذوات الإعاقة البصرية والسمعية لعدم قدرتهن على التعرف على العنف والمعنف.

وأكدت على أن هذه الفئة لا تعرف حقوقها والإجراءات التي يمكن اتخاذها للاندماج في الحياة العامة أولاً والتبليغ عن العنف دون الخوف، متطرقة إلى أهمية تكثيف حملات التوعية الموجهة للنساء بعدم قبول العنف والتطبيع معه أو استسهاله.

ويذكر إلى أن السلطات التونسية تخطط لتعزيز آليات حماية نساء ضحايا العنف وأبنائهن في عام 2025، وذلك في إطار مساعيها للحد من تداعيات استفحال هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة.

وأعلنت وزارة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن، عن مشاريع تشييد 17 مركزاً لإيواء النساء ضحايا العنف وأبنائهن، وبطاقة استيعاب تفوق 220 سرير، ضمن القرارات التي تبنتها الوزارة في مشروع قانون الميزانية للعام المقبل، في حين تخطط الوزارة لتطوير مهام مراكز الإيواء والتعهد بالنساء ضحايا العنف والأطفال المرافقين لهن خلال العام المقبل.