تصل لحد قتلهن... في رمضان النساء رهن أعباء المنزل وعصبية الذكور
"وكأن صومه مختلف ويحق له خلاله فعل أي شيء ومنها قهري وتعنيفي" عبارة كادت تكون ميثاق اجتمعت عليه أغلب آراء النساء اللواتي التقت وكالتنا معهن.
أسماء فتحي
القاهرة ـ تتحمل المرأة أعباء المنزل كاملةً من جهد مبذول من أجل راحة باقي أفراد الأسرة ولا تعبأ لأمر الصيام أو تتأثر به، بينما نجد الرجال يرفعون لافتةً كبرى يكتب عليها "عصبية الصيام" وبموجبها يمارسون العديد من الانتهاكات بحق زوجاتهم بل وأبنائهم بلا رادع وكأن ذلك مبرر مقبول مجتمعياً ومتفق عليه.
خلال شهر رمضان وكالعادة نجد الكثير من الأزمات الأسرية التي يصل بعضها لحد قتل الزوجة تأثراً بالعصبية والأعباء الملقاة على كاهل الزوج ويتم تداول الأخبار حول ما يقوم به الرجال من تعنيف وضرب لزوجاتهم وتستقبل أقسام الشرطة شكاوى أكثر من المعتادة للسبب ذاته بل أن هناك العديد من الجرائم ترتكب أيضاً بدعوى نفس الأسباب الواهية.
وفي التقرير التالي استطلعنا آراء بعض النساء حول طبيعة تعامل الرجل في المنزل خلال شهر رمضان وما تقوم به النساء من أعمال وأعباء في المقابل، وتمكنا من معرفة أن شعارهن خلال هذا الشهر يتمثل في "اجتناب الزوج" حرصاً على عدم تعرضهن لوابل عصبيته وردود فعله الغير محمودة.
البعض ينام النهار كاملاً لتضييع الوقت
قالت جميلة عبد السلام أن أغلب الرجال في أسرتها ينامون طوال النهار هرباً من الشعور بالوقت، ولا يتم إيقاظهم سوى قبل آذان المغرب وفي حذر شديد هرباً من انفعالاتهم، مشيرةً إلى أنها مرت بتجربة سيئة حيث قام زوجها بضربها في العام الأول لزواجها نتيجة تأخرها في إعداد الطعام وكاد الأمر أن ينتهي بانفصالهما لولا تدخل الأهل من الأسرتين، لذلك ترى أن "نومه نهاراً نعمة ولا ترغب في أن يستيقظ ولو ساعة واحدة قبل الإفطار".
فالرجال يحتكرون الشعور بالصوم وينفردون بمشاعر العصبية دون النساء في تقدير جميلة عبد السلام، معتبرةً أنها تتوتر كلما اقترب شهر رمضان خوفاً من كثرة المشاحنات التي تحدث مع زوجها خلاله فهو على حد وصفها "لا يتحمل أن يسمع مجرد الصوت بجانبه ويشتاط غيظاً وينفجر في وجهها إذا اقترب أطفالها من موضع نومه".
نقص النيكوتين وراء الانفعال والحدة في تعامل الرجال
وتعتبر حنان إبراهيم، أن الأزمة الحقيقية وراء عصبية الرجال خلال شهر رمضان تعود إلى امتناعهم عن التدخين ونقص النيكوتين في أجسامهم، وهو ما يجعلهم أقل تحملاً وغير قادرين على التعامل.
واعتبرت أن أكثر ما يؤرق النساء خلال هذا الشهر هو صوم الزوج وحالة "النكد" التي سيتعرضون لها طوال الشهر لذلك فالكثيرات يتحاشين تماماً التعامل مع الزوج، مؤكدة أن الكثيرات تتعرضن للضرب المبرح من قبل الرجال طوال هذا الشهر، لافتةً إلى أن غياب التدخين يجعلهم غير متزنين ويعانون من عصبية مفرطة تنعكس على أسرتهم وقد تدمر حياتهم كلياً.
"انفصلت عن زوجي بسبب عصبيته واستيقاظه نهاراً يعني (النكد)"
وتطرقت حنان إبراهيم إلى تجربة إحدى صديقاتها قائلةً "صديقتي طردها زوجها من المنزل في شهر رمضان على إثر مشاجرة حدثت معه بدون أي سبب حقيقي وكأنه يبحث عن ذريعة للانفجار في وجهها وطردها من المنزل بأولادها وظلت تسير في الشارع بلا هدف أو وجهة لأنها وحيدة إلى أن اضطرت للعودة إليه مرة أخرى ليلاً بعدما فطر وهدأ".
لافتةً إلى أنها رأت بعينيها كيف يتم تدمير الأسرة في لحظة بسبب انفعال الزوج بحجة "صومه" وكأنه لا يحق للمرأة أن تتأثر بما يفعله ووجب عليها التحمل.
وتروي حنان إبراهيم تجربتها الشخصية قائلةً "انفصلت عن زوجي نتاج عصبيته المفرطة، فأنا الآن مسؤولة عن منزلي كلياً وأتحمل كامل مصاريفه وأعباءه ولكن مقارنة بما كان يحدث لي خلال شهر رمضان من زوجي فحالي الآن هو الأفضل، كان زوجي يمضي يومه نوماً وإذا استيقظ ينكد علينا".
وترى أن قوة المرأة وتمكينها اقتصادياً يساعدها على اتخاذ موقف تجاه عجرفة وعصبية الزوج أثناء صومه، فضعف المرأة وفقرها هو السبب الرئيسي وراء تحملها للإهانة المتكررة وشعورها بالقوة هو خلاصها الوحيد من سطوة الذكورية وسلطتها وادعاءاتها الوهمية لأسباب العصبية والاعتداء.
وأكدت أن المرأة تتحمل أكثر من الرجل فهي مسؤولة عن كامل احتياجات منزلها وتراعي الأطفال والعاملات منهن يخرجن ويقمن بوظائف كما يفعل الرجل بينما هو يأتي من عمله ليجد كل شيء في انتظاره لأن هناك محاربة حقيقية تتحمل العبء وتقوم بعشرة وظائف دون أن تشتكي أو تصدر عنها عصبية تطيح بأسرتها كما يفعل هو.
فيما قالت هدى علي "زوجي لا يعمل خلال شهر رمضان وهو أكثر شيء أخافه كلما اقترب وقته، فعصبيته المفرطة تؤثر على أبنائنا وذات يوم قام بضربهم لأنهم يلعبون بالقرب منه وأيقظوه من نومه"، مؤكدة أن السبب الوحيد الذي يجعلها تتحمل هذا العبء المتكرر هو انعدام الدخل "لو كان معي ما أنفق به على أطفالي ما عشت معه ساعة بعدما قام بضربنا لأننا فقط أزعجناه في نومه".