تصاميم المباني الحكومية لا تلبي احتياجات النساء تمييز مستمر وعدم مساواة
دعت مديرة إدارة الإعلام باللجنة الوطنية للمرأة ماريا راشد، إلى ضرورة توفير بيئة عمل مناسبة للنساء في المرافق الحكومية باليمن وإجراء التغييرات اللازمة لضمان حقوقهن وتمكينهن كقوة فاعلة في المجتمع.
هالة الحاشدي
اليمن ـ على الرغم من وجود تشريعات وقوانين واضحة تكفل المساواة في الحقوق، لا تزال النساء تحرمن من حقوقهن الأساسية، من بينها الحق في بيئة عمل لائقة، ويعكس تجاهل خصوصية النساء في تصميم المباني الحكومية الثقافة المجتمعية الذكورية التي تؤثر بعمق على السياسات العامة.
أكد خبراء في علم الاجتماع على ضرورة توفير مستوى مناسب من الخصوصية في جميع المرافق يتناسب مع طبيعة المهام التي تؤدى فيها، ومع ذلك غالباً ما تُصمم المجتمعات التقليدية كل شيء وفقاً لاحتياجات الذكور، بما في ذلك القوانين والتشريعات، مما يخلق عدم مساواة وتمييز ويشعر النساء بالاضطهاد.
وأضاف الخبراء أن النظرة الذكورية لصناع القرار تجاه المرأة ودورها في المجتمع قد أدت إلى تجاهل النساء عند تصميم السياسات العامة، سواءً في مرحلة البناء أو التخطيط الاستراتيجي، ويُنظر إلى النساء ككيانات تابعة، وليس كأفراد مستقلين.
وفي هذا السياق قالت مدير إدارة الإعلام باللجنة الوطنية للمرأة ماريا راشد، إن العاملات في المرافق الحكومية، وخاصة في مجالات البنية التحتية والتأهيل، تواجهن مجموعة من التحديات الكبيرة التي تؤثر سلباً على أدائهن وإنتاجيتهن، تعكس هذه التحديات حالة البلاد بشكل عام، حيث أدت الظروف الاقتصادية الصعبة ووقف تصدير النفط إلى انهيار العملة وتركت تداعيات سلبية على كافة جوانب الحياة، وفي الوقت الراهن لم يعد راتب الموظف يسد احتياجاته، مما يزيد الضغوط على العاملات ويقلل من قدرتهن على الأداء بشكل فعال.
وأوضحت أن الميزانيات التشغيلية للجهات الحكومية تعاني نقص حاد، مما يجعل من الصعب تلبية احتياجات العاملين خصوصاً النساء، ومن هنا تسعى اللجنة كجهة حكومية معنية بقضايا المرأة، إلى وضع استراتيجية شاملة تمتد لخمس سنوات تهدف إلى معالجة هذه القضايا الحيوية، تشمل هذه الاستراتيجية إصلاحات في البنية التحتية، بالإضافة إلى إنشاء دور حضانة خاصة بالأمهات العاملات، وهو ما يعد خطوة ضرورية لدعمهن خلال ساعات العمل.
للأسف، تفتقر المرافق الحكومية والخاصة إلى عدد كافٍ من دور الحضانة، مما يزيد من العبء الملقى على عاتق الأمهات، ومع ذلك تبذل اللجنة الوطنية للمرأة جهوداً كبيرة لإقامة مثل هذه المشاريع، لكن الأمر يتطلب أيضاً دعماً أكبر من المجتمعين الدولي والمحلي، حيث يعد الدعم الاقتصادي عاملاً حاسماً في زيادة الميزانيات المخصصة للجهات الحكومية.
وأشارت إلى أنه رغم وجود بعض الوعي في الجهات الحكومية بأهمية قضايا النساء، فإن هذا الوعي لا يزال غير كافٍ، حيث تسعى اللجنة الوطنية للمرأة، من خلال إدارات عامة تعمل على قضايا المرأة في كل وزارة، إلى تعزيز هذا الوعي وتوجيه السياسات الحكومية نحو تحسين الوضع، لأنه من الضروري أيضاً مراعاة احتياجات العاملات، خاصة في ظل غياب المكاتب والمرافق الأساسية المناسبة في العديد من المؤسسات.
وأكدت أن العديد من المباني الحكومية تفتقر إلى التأهيل، وتقوم بعض الجهات بالاعتماد على مبانٍ مستأجرة توفر بيئة عمل ملائمة الذي يستهلك ميزانيات إضافية، لذلك يجب إدخال منظور النوع الاجتماعي ضمن الهيكلية العامة والموازنات التشغيلية لكل جهة لتعزيز توفير فرص عمل النساء "يجب أن نأخذ في الاعتبار العوامل الأخرى المؤثرة، مثل توافر شبكة إنترنت وكهرباء مستقرة، لأن التقصير في تجهيزات الكهرباء أو انقطاعات الطاقة يؤثر بشكل مباشر على أداء الموظفين، مما ينعكس سلباً على إنتاجيتهم بشكل عام".
وفي ختام حديثها قالت ماريا راشد من الضروري تعزيز بيئة عمل مناسبة للنساء وإجراء التغييرات اللازمة لضمان حقوقهن وتمكينهن كقوة فاعلة في المجتمع، رغم أن التحديات قد تكون كبيرة، إلا أن الإرادة الجماعية والتعاون يمكن أن يفتحا آفاقًا جديدة نحو مستقبل أفضل للنساء في المؤسسات الحكومية.