طريق محفوف بالعراقيل والمخاطر... واقع الإعلاميات في ليبيا
ليس من السهل أن تعيش المرأة العاملة في مجال الإعلام بسلام خاصة في بلد كليبيا، فعلى الرغم من التطور والتقدم الهائلين في هذا المجال إلا أن عمل المرأة في الإعلام لا زال غير مقبول.
هندية العشيي
بنغازي ـ تواجه الإعلاميات في ليبيا صعوبات وتحديات عديدة، تؤثر على أدائهن وطموحاتهن في هذا المجال، خاصة بعد سنوات من الصراع والحروب التي شهدتها البلاد، أبرزها عدم توفير الحماية لهن والعنف الجسدي والإلكتروني.
وفاء بوجواري إعلامية ليبية وواحدة من أبرز الشخصيات العاملة في مجالها، لم تكن مسيرتها العملية سهلة، فقد تحدت وواجهت العديد من العراقيل الاجتماعية والأمنية والسياسية منذ تخرجها عام 1997 من كلية الإعلام بمدينة بنغازي.
وعلى الرغم من التزاماتها العائلية إلا أنها استطاعت بقدراتها وإرادتها استقطاب الدعم والتشجيع من المحيطيين بها، وتسجيل اسم إعلامي كبير تقتدي به الأجيال المتعاقبة، حيث قالت وفاء بوجواري "منذ بدء دراستي في كلية الإعلام، حظيت بدعم كبير من عائلتي والكادر التدريسي بالجامعة، الذين كانوا داعمين بارزين للنساء والطالبات في قسم الإعلام، خاصة الطالبات الأمهات أو المتزوجات اللواتي يصعب عليهن حضور المحاضرات أو المشاركة في المشروعات العملية للكلية".
عملت وفاء بوجواري بعد تخرجها في الإعلام لأكثر من 25 عاماً وكان بداية مسيرتها مراسلة للإذاعة المسموعة، وكانت تنقل نشاطات البلدية خلال الأسبوع وتتواصل مع عدد كبير من المسؤولين والناشطين/ات في عدد من المدن، لنقل الأخبار والمعلومات التي تهم البلديات عبر برنامج مرئي "كان لدي شغف ورغبة كبيرة لإثبات وجودي في العمل الإعلامي كامرأة".
تقلدت وفاء بوجواري منصب مديرة الإنتاج في واحدة من القنوات الفضائية الليبية بعد عام 2000، ثم انتقلت للعمل في الإذاعات المسموعة التي رأت أن فرصتها كانت أكبر لكتابة اسمها في قوائم أفضل الإعلاميين في ليبيا، خاصة مع الدعم الذي تلقته من زملائها بالعمل.
كما عملت مع عدة قنوات فضائية ليبية خلال الخمس سنوات الماضية، ورغم رفض بعض الإعلاميين الرجال لوجودها إلا أنها استطاعت الاستمرار في عملها وتقديمه بالشكل المطلوب مع دعم عدد كبير من الإعلاميين/ات لدورها الهام داخل هذه المحطات الفضائية.
وعلى غرار باقي الإعلاميات في ليبيا واجهت وفاء بوجواري العديد من التحديات والصعوبات "الصعوبات تشتد وتكون أكثر حدة عندما تكون في وجه المرأة فقط لكونها امرأة"، مضيفةً "لازالت المرأة في ليبيا مقيدة اجتماعياً كون النظرة النمطية تجاه النساء من قبل المجتمع لا زالت تسيطر على واقعهن، رغم التطور الكبير وانخراطهن في مجالات ومهن مختلفة".
وأكدت أن المرأة الليبية استطاعت أن تكسر هذ القيود وخاصة الإعلاميات والمراسلات اللواتي تعملن لساعات متأخرة خارج منازلهن، أو تدخلن لساحات المعارك والميادين لنقل الأخبار والمعلومات وأداء عملهن بالشكل المطلوب.
كما تطرقت وفاء بوجواري للقيود التي قد تتعرض لها النساء ذوات المناصب القيادية سواء في المؤسسات الحكومية أو الخاصة "قد يرفض بعض الرجال إدارة النساء للمناصب أو وجودهن في أعلى الهرم الوظيفي، وذلك باعتباره موقف ينقص من شأن هؤلاء الرجال الذين يرفضون تلقي التعليمات والأوامر من امرأة داخل العمل ولكنهم يتقبلونها من رجل بشكل سلس".
ولفتت إلى بعض التحديات التي تواجه النساء بشكل عام في ليبيا داخل أسرهن، حيث ترى أن هناك بعض العوائل ترفض انخراط نسائها وفتياتها في بعض المهن والوظائف "قد تحد الأسرة من طموحاتهن وتمنعهن عن تحقيقها، مثلاً عند انضمام فتاة للكلية العسكرية أو الأمنية رغبة منها في الدفاع عن وطنها، تواجه على الفور الرفض من قبل العائلة والمحيط المجتمعي بالإضافة للاستهجان، فالبعض يرى أن هذه المهن لا يجب على النساء الانخراط فيها".
واستنكرت وفاء بوجواري هذه الردود التي تعتبرها عنف أسري يسلط على الفتيات لمنعهن من تحقيق طموحاتهن، رغم التطور الكبير والقدرات العالية التي أثبتتها النساء في عدة مجالات عسكرية وأمنية وغيرها، داعيةً إلى ضرورة تفعيل روح التعاون والتقبل والإيجابية داخل العمل بين الرجال والنساء العاملين في المجال الإعلامي.