نقص مياه نهر الفرات يهدد سبل العيش في المنطقة

تراجع منسوب المياه في نهر الفرات بشكل كبير مما أدى إلى خروج مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية عن الخدمة.

دلال رمضان  

كوباني ـ تشتكي نساء القرى المحيطة بنهر الفرات بشمال وشرق سوريا من نقص منسوب المياه الذي يلقي بظلاله على الأمن الغذائي لأهالي المنطقة، الذين يعتمدون على الزراعة بشكل أساسي، بعد أن خرجت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية عن الخدمة.

منذ كانون الثاني/يناير عام 2021 قطع الاحتلال التركي مياه نهر الفرات عن مناطق شمال وشرق سوريا لينخفض بذلك منسوب المياه الواردة إلى أقل من 200 م3 في الثانية، ضارباً بعرض الحائط الاتفاقية الموقعة بين الطرفين التركي والسوري والتي تنص على أن تحصل الأخيرة على ما لا يقل عن 500 متر مكعب في الثانية من مياه نهر الفرات.  

ومنذ بداية شهر نيسان/أبريل 2021 قل الوراد المائي لنهر الفرات لمستوى 4 أمتار ونصف شاقولي، ونتيجة لذلك تأثرت السدود الثلاثة المقامة على النهر وهي تشرين والفرات والحرية، مما شكل خطراً على جميع مناحي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وبذلك يعمل السد لمدة 6 ساعات فقط، كما انخفضت ساعات ضخ مياه الشرب أيضاً.

وخرجت مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية عن الخدمة مما يهدد سبل معيشة نسبة كبيرة من أهالي شمال وشرق سوريا، ومن المتضررين نساء القرى المحيطة بنهر الفرات في مدينة كوباني اللواتي قلن إن هذا الانخفاض أثر على الأوضاع المعيشية لأسرهن بشكل كبير. 

تقول خانم خلو من ناحية قنايا التابعة لمقاطعة كوباني "نعتمد في معيشتنا على مياه نهر الفرات لسقاية البساتين والحقول" موضحةً بأن النساء بتن تجدن صعوبةً في توفير المياه "بعد انخفاض منسوب المياه لم يعد بإمكاننا الزراعة كما في السابق، كما أن الآبار نضبت أيضاً".

وبينت أنه كلما قلت المياه تراجع الموسم الزراعي في المنطقة وانخفضت فرص العمل مما يدفع أهالي القرى للهجرة لعدم وجود مورد اقتصادي يعتمدون عليه، موضحةً أنه "قبل انقطاع مياه الفرات كانت هناك مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، وكنا نزرع كل شيء نحتاج إليه في حياتنا اليومية من خضار وفواكه، ونبيعها أيضاً، أما اليوم ما نزرعه لا يكفي لأسرنا".

وأشارت إلى أنه في هذا العام زرعوا البساتين والسمسم إلا أنهم لم يحصلوا على المياه الكافية لسقايتها "موسم السمسم يحتاج لمياه وفيرة للسقاية لذلك فشل موسمنا لهذا العام". مؤكدةً أن الاحتلال التركي يتعمد قطع المياه عن مناطق شمال وشرق سوريا "لنا حصة بمياه نهر الفرات فهناك عدة بلدان تتشارك فيه وبينها اتفاقية لكن الاحتلال التركي لا يلتزم بشيء".

وشكت من الصعوبات التي باتوا يواجهونها خلال العامين الماضيين "ماذا نفعل؟ فالاحتلال التركي يحاربنا بشتى الوسائل فمن جهة يحاربنا بالمياه، ومن جهة أخرى يقصفنا بالمدافع والدبابات والطائرات المسيرة، ويقتل المدنيين".   

ومن جهتها أشارت أمينة مسي إلى أن العائلات تشتري مياه الشرب التي يرتفع ثمنها كلما طالت مدة انقطاع المياه، مستنكرةً لجوء الاحتلال التركي لهذا النوع من الحروب "في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي تمر بها المنطقة وحصارها من جميع الجهات يتعمد الاحتلال التركي التضييق علينا من خلال قطع المياه"، واصفةً حرب المياه بـ "اللاإنسانية".

وبينت أن أهالي القرى يعانون صعوبات كثيرة لسقاية بساتينهم من شراء المازوت وتوفير المياه "زرعنا هذا العام بساتيننا لكنها يبست" موضحةً أن المحاصيل كانت جيدة قبل انقطاع المياه فيما لا تستطيع النساء اليوم تدبر أمورهن المعيشية أو تأمين المونة الشتوية.

وأضافت "نعتمد في معيشتنا على الزراعة والرعي أما اليوم وبسبب انقطاع المياه أصبحت حياتنا صعبة، ولا يوجد شيء آخر نعتمد عليه لتوفير قوتنا اليومي، إذا استمر الحال على ما هو عليه سنضطر للهجرة".

فيما تسأل ناديا بكي "لماذا هذا الصمت الدولي وهذه المواقف الخجولة تجاه سياسة الاحتلال التركي الذي يحاربنا بلقمة عيشنا وماذا يريد؟". مبينةً أنه "إن لم تتوفر المياه لن تكون هناك زراعة أي أنه لن توجد حياة في القرى".

وطالبت ناديا بكي الدول والمنظمات الحقوقية بوضع حد لممارسات الاحتلال التركي في مناطق شمال وشرق سوريا "نحن بشر نريد العيش بسلام على أرضنا، لا نجد ماء ولا يمكننا العمل في الأراضي الزراعية كذلك، لأن مناطقنا قريبة من المناطق التي يسيطر عليها مرتزقة الاحتلال التركي، فبين الحين والآخر تنزل علينا القذائف، وتقصف الطائرات المسيرة المدنيين".

الجدير بالذكر أن الدولة التركية أقامت 5 سدود عملاقة على نهر الفرات في إطار مشروع الغاب الذي بدأت العمل فيه في سبعينيات القرن الماضي، وما زال العمل جار على سدين آخرين.