تضييقات ومحاكمات... العمل الصحفي في تونس بات جريمة
أكدت أميرة محمد أن العمل الصحفي في تونس تحول إلى جريمة تحاكم بقوانين غير القوانين المنظمة للمهنة.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ يحتفل الصحفيين/ات التونسيون باليوم العالمي لحرية الصحافة بطعم المرارة جراء ما شهدته المهنة من تضييقات ومحاكمات في السنوات الأخيرة.
يصادف الثالث من أيار/مايو من كل عام اليوم العالمي لحرية الصحافة، وهو اليوم الذي حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" لتذكير الحكومات بضرورة احترامها لحرية الصحافة، وضمان بيئة إعلامية حرة وآمنة للصحفيين، حيث يتعرض الصحفيون في عدة بؤر ساخنة حول العالم للكثير من التهديدات، بدءاً من الضغوط السياسية والنفسية وانتهاء بالاعتقال وحتى الاغتيال والقتل.
وأوضحت عضو نقابة الصحفيين التونسيين أميرة محمد "للأسف بعد 13عاماً من الثورة في تونس نحيي اليوم العالمي للصحافة ولدينا صحفيين في السجن وهما الصحفية شذى بلحاج مبارك مودعة بالسجن إلى حد الآن ولم يصدر بحقها أي حكم في قضية ظلم في اتهامات خطيرة لا تمت لمهنتها بصلة وتحاكم بقوانين غير القوانين المنظمة لمهنة الصحافة، وكذلك الصحفي محمد بوغلاب حكم عليه بـ 6 أشهر سجناً مع بطاقة إيداع ثانية في قضية أخرى وكلها متعلقة بالنشر وعلى خلفية عمله الصحفي".
وبينت إنه يوجد أكثر من 20 صحفي لديهم قضايا منشورة اليوم إما تمت دعوتهم للتحقيق أو مازالت لديهم قضايا لم يتم البت فيها وهؤلاء يحاكمون على خلفية أعمالهم الصحفية وآرائهم ومواقفهم وفي نفس الوقت يتم اتهامهم بقوانين جائرة وهي قوانين لا تمت للحرية بصلة ولا للصحافة كمهنة حرة مثل قانون الإرهاب، والمرسوم عدد 54 والمجلة الجزائية ومجلة الاتصالات وغيرها من القوانين التي ليس لها علاقة بالمهنة.
وقالت "عندما نقارن بين عامي 2023 و2024 نجد أن الاعتداءات على الصحفيين في تزايد كماً وكيفاً ومن حيث الخطورة خاصة أننا اليوم وصلنا لدرجة أن يودع الصحفي في السجن من أجل رأي أو من أجل عمله".
وأضافت "الصحفي اليوم أصبح يناضل يومياً من أجل الحصول على أبسط معلومة يريد أن يقدمها، هناك تعتيم تام من السلطات الرسمية، وهذا يجعلنا ندرك أن الصحافة في تونس تعيش حالة غير مسبوقة وهي حالة مرعبة حيث وصلنا إلى مرحلة أن الصحفي يخشى أن يجد نفسه في السجن لأنه قام بعمل لا يعجب السلطة أو يجد نفسه دون عمل، فالعديد من الصحفيين تمت محاصرتهم في عملهم بطريقة ممنهجة حتى لا يعملوا في أي مؤسسة"، مؤكدة أن هذه الانتهاكات لن تثنيهم عن علمهم وسيبقون مستمرين لإيصال صوت الشعب.
وأكدت "هناك تجاوزت أخرى في الإعلام، الأمر الذي يعتبر تدميراً له وهو توجهات السلطات في الإعلام العمومي عبر التعيينات التي قامت بإقصاء الكفاءات الموجودة عبر مجالس التأديب وفرض عقوبات لمجرد أن تطالب بحقك في العمل بمهنية وحرفية".
وأشارت إلى أن "الإعلام تحول إلى بوتقة دعاية للسلطة وبتنا أتعس حالاً من فترة ما قبل 2011 وألغيت جميع البرامج السياسية وتخلت عن دورها في النقاش العام لقضايا البلاد لأن السياسة متعلقة بالسياسة الاقتصادية والاجتماعية وليس فقط بالأحزاب ومن دور الإعلام وواجبه أن يكون فضاء حراً ومستقلاً لطرح القضايا ومناقشتها".
وأوضحت أن الإعلام الخاص يعيش بدوره أزمة اقتصادية خانقة منذ سنوات ولكن عندما نجد أن مؤسسات تحاكم بتهمة التآمر على أمن الدولة وهي تهمة لم نسمع بها في أي دولة بينما في تونس هذه التهمة توجه إلى الإذاعة الأولى ليكون لديها انعكاسات بطبيعة الحال على بقية المؤسسات.
وأكدت أن هذا الوضع جعل بعض المؤسسات الإعلامية لا تتحدث عن السياسة على غرار قناة الحوار التونسي، وقناة نسمة وبعض القنوات تستعين بالكرونيكورات وهم محللون لا علاقة لهم بالتحليل ولا بالشأن العام ومهمتهم الوحيدة تشويه المخالفين معهم الرأي والدفاع عن السلطة.
وبينت أن ذلك ترك فجوة بين الإعلام والرأي العام لأن الأخير لا يفرق بين الدخيل وبين الصحفي الذي يحترم أخلاقيات المهنة والنقابة لديها آليات التدخل عندما يخطئ "حرية الصحافة هي أم الحريات لذلك يدافع الصحفيون عن حرية المعارضة في التعبير عن رأيها وحرية المجتمع المدني في تنظيم النقابات ولكن عندما تغلق السلطة الأبواب نهائياً وتقوم بتجميد الهيئة التعديلية وتريد وضع هيئة انتخابات كسيف مسلط على رقابنا بأي حرية سوف يغطي الصحفي الانتخابات الرئاسية القادمة؟".
وأشارت إلى أنه لا يمكن الحديث عن دولة ديمقراطية صحفيها في السجن دون أي ذنب غير أنهم مارسوا مهنتهم "الصحافة في تونس أصبحت جريمة ومجرمة بالقوانين والممارسة".
وأوضحت أنه "هناك فوضى في الإعلام والمؤسسات الإعلامية لا تحترم كراس الشروط ولكن الفوضى أفضل من الدكتاتورية لأنه يمكن إصلاحها".
وشددت على وعي الصحفية بأهمية الصحافة كمهنة نبيلة بالرغم من التهديدات التي تواجهها الصحفيات على خلفية نوعهن الاجتماعي عبر صفحات مأجورة، لكنهن مستمرات ومتمسكات بحرية الصحافة وبأخلاقيات المهنة.