صرخة توعوية وآليات تنظيمية لمواجهة ختان الإناث بالتزامن مع الحملة الدولية لمناهضته

واحد من أبشع ألوان العنف الممنهج ضد النساء هو الاعتداء الجسدي عليهن في الصغر متمثل في ختانهن، تلك الحالة التي تظل لصيقة بالمرأة وتؤثر عليها صحياً ونفسياً بل واجتماعياً

أسماء فتحي
القاهرة ـ ، وربما تحيا في معاناة دون أن تدرك أن هذا الاعتداء يكمن خلف مشاعرها المتضاربة، ولا يوجد ما يبرر قيام الأسرة بهذا الجرم أو يبيح لهم انتهاك أجساد أطفالهم على هذا النحو، وهو ما جعل العالم أجمع يطلق صرخة توعوية لمناهضة الظاهرة.
بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث الذي يصادف السادس من شباط/فبراير من كل عام، أقيمت عدد من الفعاليات نقف على بعضها في التقرير التالي، كنتاج للصرخة التي أطلقها المجتمع الدولي وأتت بثمارها تحركات الآليات الوطنية والحكومات والمنظمات المعنية بحقوق المرأة والطفل نحو الحث على إيقاف هذا العنف والإجرام بحق الفتيات وهو أيضا ما سنتطرق إليه من خلال تصريحات عدد من المعنييات بقضية الختان.
 
ثلاث محاور رئيسية في ندوة مركز المرأة للإرشاد التوعوية حول ختان الإناث
عقد مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية، ندوة لرفع معدل وعي المحاميات بمختلف أنواع الأضرار المصاحبة لختان الإناث في مصر ومنها ما هو طبي ونفسي واجتماعي.
وقالت المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية أسماء رمزي، أنهم قاموا بالتزامن مع اليوم العالمي لختان الإناث بتنظيم ورشة عمل للمحاميات حول كيفية التقاضي وتقديم الدفوع في قضايا ختان الإناث وسبل مناصرة النساء في مواجهة هذا العنف الواقع عليهم.
وأوضحت أن المركز يهتم إلى حد كبير بالجانب النفسي والأضرار الناجمة عن الختان من خلال تقديم ورش عمل خاصة بالدعم النفسي للناجيات لمساعدتهم على تجاوز تلك الأزمة التي قد تعيقهم عن التعايش ومواصلة الحياة في بعض الأحيان.
وأكدت أن القانون يجرم الختان في نص المادة 242 من قانون العقوبات وفق القانون رقم 10 لسنة 2021، فيتم العقاب بالسجن من 5 إلى 10 سنوات بحسب ما يسفر عنه الختان من تبعات وأضرار.
ولفتت أسماء رمزي إلى أنهم يعملون على تقديم الورش المختلفة للنساء اللواتي تتراوح أعمارهن ما بين 15 ـ 45 عاماً، فضلاً عن دعم الأطفال الذين يتعرضوا لأية انتهاكات أو ممارسات للعنف، مشيرةً إلى أن 92% من النساء في مصر تعرضن للختان كلياً أو جزئياً، ونحو 72% منهن تعرضن لهذا الفعل على يد طبيب.
بينما أشارت المحامية بمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية سهير أبو حلاوة، إلى أن الندوة التي نظمها المركز شهدت حضور لعدد كبير من المحاميات وأخصائيين نفسيين في محاولة لنشر الوعي القانوني الثقافي في قضية الختان التي تحتاج لتوعية أكبر لأن تلك الظاهرة منتشرة بشكل كبير في المجتمع المصري.
ولفتت إلى أن التعديلات الأخيرة للقانون رادعة وراعت إلى حد كبير تأثير تلك الجريمة على الفتيات وتأزمهم بسببها على المدى البعيد، معتبرةً أن التوعية هي الأساس الداعم للتشريعات لذا حرص المركز على القيام بها من خلال الندوات والورش المتتالية والتي تهدف إلى جانب الوعي للعمل على إيجاد حلول للتعامل مع تفشي العنف ضد النساء وخاصة ختان الإناث.
وتم خلال ورشة مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية العمل على مناقشة ثلاثة محاور أساسية وهي التعريف بالعنف المبني على أساس النوع وكذلك استعراض أزمة الختان في مصر وحجمها ومختلف الأضرار الناجمة عنها، وناقش المحور الثاني البعد الديني لتلك العملية الاجرامية وحالة الخلط اللصيقة به بلا أسس حقيقية، وفي المحور الثالث جاء الوضع القانوني الخاص بتلك الممارسات.
 
محاميات مصريات تستعد بمسرح عرائس وورقة بالتعديلات القانونية المأمولة
أكدت المحامية بالنقض ورئيس مجلس أمناء مبادرة محاميات مصريات هبة عادل، أنهم يعملون بشكل مكثف في قضية ختان الإناث ولديهم أكثر من نشاط واحد منها إصدار ورقة بالتعديلات القانونية المرجوة، فضلاً عن عمل مسرح عرائس يستهدف الأطفال لتوعيتهم بخطورة الأمر وتعريفهم بمعنى تشويه الأعضاء التناسلية، وطرق الإبلاغ عبر خط نجدة الطفل أو المجالس القومية.
ونوهت إلى أنهم سيقدمون أيضاً مشاهد توعوية من خلال المسرح التفاعلي ووسط حضور ولقاءات نقاشية بمدينة اكتوبر الجديدة، وقد يتم نقل التجربة المسرحية لأكثر من محافظة إذا لاقت تفاعل جماهيري، مشيرةً إلى أن المبادرة عملت في أكثر من مستوى بقضية مناهضة ختان الإناث وخاصة على الصعيد التشريعي فهي واحدة من قوة العمل المناهضة لختان الإناث، وأحد منسقي مؤتمر توحيد الجهود لختان الإناث، معتبرةً أنه كان نقطة تحول كبرى في تلك القضية لأنه أسفر عن إنشاء اللجنة الوطنية التي كان لها دور كبير في التعديلات القانونية الأخيرة بالإضافة إلى تضافر الجهود المشتركة للمجالس القومية والجهات المعنية في مناهضتها.
 
تطور تشريعي ووضع مأمول في قضية الختان
أكدت هبة عادل أن قضية ختان الاناث لاقت تطور كبير في المجتمع المصري ورغم أن البعض يرى أن الحل المفصلي لها يكمن في التطور التشريعي، إلا أن القضايا المتجذرة في العادات المجتمعية تحتاج لعوامل مساعدة وداعمة للتشريعات.
وأشارت إلى أن قضية ختان الإناث مرت بعدد من المراحل في التجريم، لافتةً إلى أن آخر تعديل لها أغلق بوابة الإفلات من العقاب التي كانت تتم تحت غطاء جملة "دون مبرر طبي"، والتي كانت تساعد ولي الأمر والطبيب في التحايل والهروب من العقاب بالوصول لحكم مع إيقاف التنفيذ أو البراءة بفضل استغلالها، فضلاً عن تجريم ممارسة المنشآت الطبية للختان وعدم إعفاءها من تحمل المسؤولية.
ولفتت إلى أن هناك عدد من الأمور التي لازالت تحتاج لجهد من أجل تطبيقها ومنها ألا يتوقف التجريم الموجه للمنشأة عند حد علمها فقط بل لابد من تحملها مسؤولية جهلها بالأمر لمجرد وقوعه بها، فضلاً عن ضرورة عدم إسقاط تلك الجريمة بالتقادم.
وشددت على ضرورة إدخال ختان الإناث في القضايا التي يتم طرحها بالمناهج التعليمية من أجل توعية الأطفال بالعمل على حماية أجسادهم، فضلاً عن إتاحة معلومات وآليات الإبلاغ عن تلك الجريمة أيضاً في إطار الحرص على إنقاذهم من الوقوع ضحاياها.
واعتبرت أن الضرورة تقتضي التعريف بالتطورات التي حدثت للحد من تلك الجريمة ومنها على سبيل المثال المدخلات التي تمت على منهج الأطباء بالقصر العيني، والقسم الخاص المنشأ لتجميل آثار الجراحات التي شوهت الأعضاء التناسلية للفتيات.
وأكدت على أن المجتمع لازال بحاجة لجهود كبيرة لإقناعه بعدم الاعتداء على أجساد الفتيات وأن هذه الجريمة ذات آثار بغيضة تلاحقهم في جميع مراحل عمرهم بداية من حدوث أمراض تناسلية وتشويه للأعضاء فضلاً عن الأزمات النفسية التي تعتريها، والمشاكل التي تحدث أثناء عملية الولادة والكثير من الأزمات التي تعاني منها في ممارسة حياتها الطبيعية عبر الأجهزة التناسلية ومنها علاقتها الزوجية.
 
حملة تدوين لمنع ختان الإناث
واحد من الفعاليات التي أقيمت بالتزامن مع اليوم العالمي لمناهضة ختان الإناث، إطلاق مركز تدوين لدراسات النوع الاجتماعي حملة توعوية حملت عنوان وهاشتاج "امنعوا ختان الإناث".
وتضمنت الحملة مجموعة من المطالب صدر خلالها بيان رسمي عن المركز شدد على ضرورة قيام وزارة الصحة والسكان بالرقابة وملاحقة مرتكبي تلك الجريمة في المستشفيات الحكومية والخاصة، والإعلان عن خط ساخن لتلقي شكاوى المتضررين أو بلاغات الشهود على واقعة الختان.
كما توجهت الحملة بمطالبة نقابة الأطباء ومقدمي الخدمة بشكل عام بتضمين اللوائح الداخلية عقوبات لمن يثبت تورطه بالقيام بعمليات الختان أو التستر بأي شكل على تلك الجريمة.
كما وجهت حملة مركز تدوين مطالبها للبرلمان المصري بالمزيد من الجهد في تلك القضية الشائكة التي تتطلب تضافر الجهود لمواجهتها من خلال مراقبتهم للأداء الحكومي من منظور يسمح بالتمييز الإيجابي للنساء والأطفال ويراعي حساسية النوع.