صحفية عراقية تدعم النساء عبر تأسيس منصة وبودكاست
في ظل التحديات التي تواجهها المرأة العراقية في مختلف المجالات، تبرز قصة ملهمة لصحفية من مدينة الدوانية استطاعت أن تخطو خطوات رائدة في مجال الإعلام من خلال تأسيس منصة "المنار نيوز"، وبودكاست تحت عنوان "أنا حرة".
![](https://test.jinhaagency.com/uploads/ar/articles/2025/02/20250211-swrt-almadt-mdlt-jpg438c0d-image.jpg)
رجاء حميد رشيد
العراق ـ تقدم الصحفية منار الزبيدي نموذجاً جديداً للإعلام المحلي من خلال تأسيس منصة "المنار نيوز" أول وكالة إخبارية بقيادة نسوية في العراق، ولم تكتفِ بذلك، بل أطلقت أيضاً بودكاست بهدف إيصال أصوات النساء العراقيات في كافة المجالات، وتعزيز مشاركتهن في المجتمع، بالإضافة إلى ذلك، أطلقت حملة نوعية لدعم الفئات المهمشة في المجتمع، لتكون هذه المبادرة الأولى من نوعها التي تركز على تعزيز حقوق الفئات التي تعاني من التهميش.
عن الهدف من تأسيس هذه المنصة، قالت الصحفية العراقية منار الزبيدي، نظراً للهيمنة الذكورية على مواقع صنع القرار في المؤسسات الإعلامية، سواء كانت مستقلة أو غير مستقلة، والإحساس المستمر بالتهميش في قطاع الصحافة والإعلام قررت مع مجموعة من النساء تأسيس منصة "المنار نيوز" بقيادة نسوية، وكانت جميع المناصب التي تعتمد على اتخاذ القرارات في المنصة، مثل رئاسة مجلس الإدارة، رئاسة التحرير، سكرتارية التحرير، ورئاسة المراسلات، تحت القيادة النسائية، ويُعد هذا إنجازاً للصحفيات في العراق، لا سيما في مناطق وسط وجنوب البلاد.
وأوضحت "منذ إطلاق المنصة في عام 2014، واجهنا العديد من التحديات، بما في ذلك ضعف فرص التمويل، والصعوبات التي واجهناها من مؤسسات إعلامية أخرى يقودها الرجال، إضافة إلى صعوبة تسجيل المنصة رسمياً لضمان حقوق العاملات فيها"، مبينة أن المنصة تتناول كل قضايا المرأة، وتتبنى سياسة تحريرية تضمن عدم وجود أي قيود على القضايا المتعلقة بالنساء، فضلاً عن الدعم المستمر للمرأة إعلامياً "أصبحت المنصة وسيلة ترويج لأعمال النساء في مختلف المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وعلى الرغم من التحدي المتمثل في أن هذا المجال يُعتبر من اختصاص الرجال، إلا أننا، بإرادتنا، استطعنا إثبات وجودنا من خلال عملنا المتقن، وأصبحت "المنار نيوز" واحدة من مصادر الأخبار المهمة".
وعن مشروعها الثاني تحدثت منار الزبيدي عن منصة البودكاست تحت عنوان "أنا حرة"، فقد تأسست في عام 2021، وهي أول منصة بودكاست متخصصة في الملفات الصوتية التي تتناول قضايا المرأة بحرية تامة، وتتمثل سياستنا التحريرية في أن تكون هذه المنصة داعمة لأصوات النساء من مختلف الفئات والمجالات، بهدف إيصال أصواتهن إلى العالم.
وأشارت إلى أن النساء تواجه تحديات كبيرة في الحديث عن مشكلاتهن وقصص نجاحهن، خاصة فيما يتعلق بالقضايا الحساسة، فالكثير منهن لا تمتلكن جرأة الظهور في العلن سواء من خلال الصورة أو الفيديو، لذا، أطلقت منصة "أنا حرة" لتشجيع النساء على إطلاق العنان لأصواتهن والتعبير عن أنفسهن بحرية، ومن أبرز القضايا التي تناولنها هي تزويج القاصرات، وما تتعرض له النساء داخل بيوتهن من عنف وتحرش، فضلاً عن العادات والتقاليد المجتمعية التي تؤثر على المرأة "نركز على كل القضايا الخاصة بالمرأة، بما في ذلك تلك المسكوت عنها".
وأكدت أن المنصة لاقَت ترحيباً وتفاعلاً كبيراً من قبل النساء والعاملين في المجالات الإعلامية والاجتماعية "وصلتنا العديد من الأصوات النسائية الراغبة في المشاركة بهذه المنصة، دون أي قيود، حيث نؤمن أن لكل امرأة الحق في التعبير عن نفسها ورأيها، وإيصال صوتها وقضيتها بكل حرية".
وحول حملتها عن الفئات المهمشة تحت عنوان "الغجر بشر"، قالت منار الزبيدي "اطلقت هذه الحملة نتيجة لما يتعرض له أطفال الغجر في قرية زهور الغجر بالديوانية لظلم مجتمعي كبير وتجاهل متعمد من السلطات المحلية والاتحادية، وحتى من بعض منظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى تنصل المنظمات الدولية من مسؤولياتها الاجتماعية تجاه دعم هذه الفئات ومساعدتها، لذلك، قررت أن أطلق هذه الحملة، ثم انضم إليها العديد من النساء والناشطين، معتبرين أن هناك وصمة عار تلاحق العديد من هؤلاء الناس واستطعنا بفضل هذه الحملة تحقيق العديد من المكاسب وكسر الحاجز المجتمعي تجاههم".
وعن أهمية الحملة، أوضحت "تعتبر هذه الحملة مهمة لأن هذه الفئة مستضعفة وتحتاج إلى الدعم والمساندة، وقد شعرت بقوة كافية لأكون بجانبهم، وقمت بدراسة الموضوع بشكل مهني، كما كانت لدي خبرة في إدارة الحملات عبر مواقع التواصل الافتراضي، فقررت أن استفيد من هذه المهارات في خدمة هذه القضية، على الرغم من الواقع العشائري لمدينة الديوانية وما يترتب عليه من قيود على المرأة، خاصة في التعامل مع هذه الفئة، شعرت أن من واجبي الاجتماعي أن أقف إلى جانبهم رغم الصعوبات".
ولفتت إلى أن الحملة لا تزال مستمرة، واستطعن تحقيق بعض الانجازات منها التنسيق مع وزارة التربية وفتح مدرسة لهم، بالإضافة إلى التأكيد على ضرورة حصولهم على البطاقة الوطنية بمساندة بعض الجهات السياسية والدينية، كما تم شمول قريتهم بشبكة المياه في الديوانية، إضافة إلى توفير مركز صحي وبعض الخدمات الأخرى الضرورية التي استطعن تحقيقها.
ومن خلال خبرتها الإعلامية عن تمثيل النساء في الأخبار والمحتوى الإعلامي العراقي، أكدت منار الزبيدي أنه على الرغم من وجود عدد من الإعلاميات المتمكنات من الناحية المهنية، إلا أن تمثيل قضايا المرأة في الإعلام ما زال دون المستوى المطلوب، ويحتاج إلى جهود أكبر "هناك مشكلة كبيرة في كيفية استخدام صورة المرأة في الإعلام، حيث لا يتم مراعاة الضوابط الأخلاقية والقانونية في معالجة قضايا المرأة من خلال القطاع الإعلامي. وغالباً ما تكون تلك الانتهاكات ناتجة عن وسائل الإعلام المملوكة لجهات حزبية أو سياسية معروفة بتوجهاتها وسياستها التحريرية، وهناك ضعف في تطبيق القوانين المتعلقة بحقوق المرأة، مما يتيح استمرار هذه الانتهاكات".
وفيما يخص التحديات التي تواجه النساء في العراق في مجال الإعلام، أشارت إلى فوضى مواقع التواصل الافتراضي، واستخدام المرأة كسلعة إعلانية في بعض القنوات الفضائية، بالإضافة إلى وجود دخيلات على الوسط الإعلامي اللواتي تدخلن لتطبيق أجندات غير قانونية وغير مشروعة، فضلاً عن غياب المحاسبة الحقيقية من قبل الجهات المعنية تجاه الخروقات التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام، وهو ما يؤثر بشكل كبير على وجود النساء في هذا المجال.
وأوضحت أنه من أبرز التحديات أيضاً قلة فرص العمل وصعوبة الحصول على المعلومات والتواصل مع المصادر، خاصة بالنسبة للصحفيات المستقلات، بالإضافة إلى ضعف التمويل أو انعدامه للمؤسسات الإعلامية المستقلة. وغالباً ما تُمنح هذه الفرص لوسائل إعلام أخرى بناءً على معايير العلاقات الشخصية والمصالح الضيقة، خصوصاً في وسط وجنوب البلاد، بالإضافة إلى حملات تشويه ممنهجة ومستمرّة.
وفي ختام حديثها، ترى الصحفية منار الزبيدي أن أنجع الطرق المناسبة لمواجهة الانتقادات التي قد تواجه الصحفيات، ضرورة أن تبني المرأة شخصيتها، وأن تسلح نفسها بالعلم والمعرفة لتكون قادرة على مواجهة المواقف الصعبة، فكلما زادت قدرات المرأة وتمكنت، أصبحت شخصيتها أقوى وقدرتها على مواجهة التحديات أكبر، خاصة في المجتمعات التي لا تزال تضيق المساحة أمام النساء.