عقوبات وقيود صارمة... الأسيرات تتفاقم أوضاعهن منذ بدء الحرب

ازدادت أوضاع الأسيرات الفلسطينيات داخل السجون سوءاً بعد حرب السابع من تشرين الأول/أكتوبر وفرضت عليهن عقوبات قاسية، وقيود صارمة، ومُورست كافة أشكال العنف ضدهن.

نغم كراجة

غزة ـ تعتبر قضية الأسيرات الفلسطينيات في سجون القوات الإسرائيلية محوراً مهماً يتطلب التركيز عليه، حيث تواجهن تحديات ومعاناة تتضاعف في ظل الظروف القاسية والانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية تحت وطأة القمع والتجويع والتعذيب.

أوضحت الناشطة في قضية الأسرى غزل الناطور أن القوات الإسرائيلية تتبنى استراتيجية في اعتقال النساء، بما في ذلك الفتيات، بطريقة لم تشهد من قبل خاصة بعد عملية طوفان الأقصى "بعد السابع من تشرين الأول، زادت القوات الإسرائيلية من حملات الاعتقال التي استهدفت النساء الفلسطينيات في كل المناطق، بغية استخدامهن كوسيلة للضغط على أفراد العائلات المستهدفين لتسليم أنفسهم".

وشملت هذه الحملات اعتقال الأمهات والأخوات والزوجات "تتصاعد العمليات القمعية والتهديدات ضدهن بالعنف والقتل والترويع، في بعض الحالات يتم تدمير منازلهن ومصادرة ممتلكاتهن الشخصية كأسلوب انتقام وضغط".

وبينت أنه منذ بداية الحرب نفذت القوات الإسرائيلية عمليات اعتقال واسعة النطاق للنساء، بما في ذلك القاصرات والمسنات، واحتجزتهن في سجن الدامون، وشاعت سياسة الإخفاء القسري للمعتقلات في القطاع، ولا تتوفر بيانات دقيقة حول عددهن أو مصيرهن الحالي في المعسكرات التي يديرها.

ولفتت إلى أنه بعد الإفراج عن بعض الأسيرات الفلسطينيات، استمعت لشهادات قاسية عن تجارب الاعتقال، بما في ذلك التنكيل والإذلال وحرمانهن من حقوقهن، والتهديد بالاغتصاب، والتفتيش العاري والتحرش "رغم توثيق بعض هذه الشهادات من قبل وسائل الإعلام، فإن المؤسسات الحقوقية في غزة تواجه صعوبة في جمع المعلومات بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها المجتمع الفلسطيني".

وأوضحت أن شهادات الأسيرات كانت مروعة وفاقت التخيلات، وروت تجارب إحدى الأسيرات في المعتقل "أخبرتني إحداهن أثناء القبض عليها في مركز الإيواء أن أحد الجنود قام بضربها وشتمها وإغماض عيناها طيلة الطريق إلى أن وصلت معسكر الاعتقال وقاموا بالتحقيق المباشر الذي تخلله الضرب المبرح ونزع حجابها وتعريتها، وترويعها بالكلاب البوليسية، وفي نهاية المطاف هددت بالاغتصاب في حال عدم إدلائها بأية اعترافات، وحرمت من الطعام والشراب لمدة أسبوع كامل ظناً منهم أنها أساليب ضغط".

وأشارت إلى وجود الكثير من الأساليب الانتقامية والعنفوانية التي استخدمت ضد الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية لكن أغلبها لا يفصح عنه لحساسية وضع بعض النساء، كما أن أغلبهن لا تروين كافة التفاصيل التي مررنا بها خوفاً من وصمة العار التي ستلاحقهن، كما وتعرضن بشكل صارخ لكافة أشكال العنف من أجل انتزاع بعض الاعترافات دون التأكد من أنهن على علم بأي معلومات عسكرية.

إلى جانب السياسات القمعية التي ترتكب بحق الأسيرات، تتعرضن لسياسة التجويع التي تنتهجها إدارة السجون منذ السابع من تشرين الأول على وجه الخصوص، حيث يتم حرمانهن من الحصول على الطعام الإضافي والعلاجات اللازمة، وتفاقم حالة الاكتظاظ داخل السجون وتعشن في زنزانة لا يزيد مساحتها عن مترين وحالياً الوضع ازداد سوءاً لارتفاع عددهن، إلى جانب النقص الحاد في الملابس الخارجية والداخلية والأغطية المناسبة والمستلزمات الشخصية، كذلك يعانين من انتهاك الخصوصية في أي خطوة وفعل، وفقاً لما قالته غزل الناطور.

كما تم تزويد الأسيرات بمياه غير صالحة للشرب ومتسخة، مما يزيد من معاناتهن في ظل الظروف القاسية داخل السجون "منذ بداية تشرين الأول 2023، فرضت مصلحة السجون قيوداً صارمة على وسائل الاتصال داخل السجون، حيث تمت مصادرة جميع أجهزة التواصل ووسائل الاتصال، وحظر زيارة لجان الصليب الأحمر الدولي لمتابعة أحوالهن، وحرمانهن من رؤية عوائلهن دون إبداء أسباب لهذه العقوبات الممنهجة".

وألقت غزل الناطور الضوء على صفقة التبادل التي جرت في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي إحدى المحطات الرئيسية في تاريخ الأسيرات، حيث تم إطلاق سراح 71 أسيرة، بعضهن قضت سنوات طويلة في السجون، منهن كانت محكوميتهن بالسجن لمدة تصل إلى 16 عام، ونفذت هذه الصفقة على سبع مراحل مختلفة.

وأوضحت أن سياسات إسرائيل تتعارض مع مبادئ القانون الدولي الإنساني، وتنطوي على انتهاكات جسيمة لأحكام اتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة "تبقى معاناة النساء الأسيرات الفلسطينيات في السجون الإسرائيلية محل قلق واهتمام المجتمعات الدولية، وتتطلب جهوداً مكثفة وفعالة؛ لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة والعمل على تحسين أوضاعهن في المعتقلات، وضمان احترام حقوقهن الأساسية والمشروعة".

وأوصت الباحثة غزل الناطور جميع الدول الأعضاء للامتثال للقانون الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان، بما في ذلك اتفاقية مناهضة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية والمهينة للكرامة، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

كما حثت الدول الأطراف في اتفاقية جنيف الرابعة على وقف الاعتداءات الجسدية والنفسية التي تتعرض لها النساء الفلسطينيات خلال عمليات الاعتقال غير القانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ووقف ممارسات التعذيب والمعاملة غير الإنسانية والمهينة للكرامة خلال عمليات التحقيق.