قطع المياه تحدي آخر يضاف إلى سجل معاناة نساء غزة

تضاعفت معاناة نازحي قطاع غزة بعد انقطاع مصدر المياه الوحيد، فضلاً عن تفاقم الأمراض، وتعتبر نساء غزة أن قطع المياه من قبل القوات الإسرائيلية هو أشبه بإعدام أكثر من مليوني إنسان في المدينة المحاصرة.

رفيف اسليم

غزة ـ مئات الآلاف من سكان قطاع غزة خسروا مصدرهم الوحيد للمياه النظيفة إثر قطع الإمدادات من شركة المياه من قبل السلطات الإسرائيلية، حيث يضطر كثيرون للمشي لأميال في بعض الأحيان للحصول على قدر ضئيل من المياه.

منذ قطع القوات الإسرائيلية، خط المياه الوحيد المغذي لقطاع غزة (مكروت)، أعلنت بلدية القطاع عن أزمة تعطيش حادة سيعاني منها سكان المدينة المحاصرة، لذلك رفعت النساء صوت شكواها عالياً لعلها تصل للجهات المسؤولة ويستطيعون توفير مصدر بديل للمياه يمكنهم من خلاله تدبر أمورهن، خاصة مخيمات النزوح، بعد أن أفرغت الأحياء الشرقية بالكامل للمدينة وتجمع ثقل الكثافة السكانية بالغرب.

رجاء سامي نازحة أم لثلاثة أطفال مما يعني حاجتها المستمرة للمياه كي تدبر أمور الصغار من استحمام، وغسيل الملابس، وجلي الأواني، وحتى توفير مياه الشرب، التي باتت تعاني أزمة حقيقة في توفيرها،  تقول أن كافة مصادر المياه التي تصل سكان القطاع هي ملوثة لكن النساء تحاولن التعامل معها وتنقيتها بطرق تقليدية.

وبينت أنه مع ارتفاع درجات الحرارة تزداد حاجة النساء للمياه ففي فصل الشتاء تستطيع ترشيد استخدام المياه وتدبر أمرها، إلا أنه مع قدوم فصل الصيف سيكون ذلك أمر شبه مستحيل.

وأكدت أن الوضع بات كارثي مع إعلان بلدية غزة قطع خط مياه مكروت الوحيد المغذي لقطاع غزة، ففي السابق كانت النساء تنتظرن اليوم الذي تأتي به المياه لإتمام كافة الأمور التي تحتاج لكميات مياه كبيرة، أما اليوم فيضطررن إلى التحايل على الوضع بجالون مياه واحد للأسر بوزن 16 لتر، متسائلة "أي ربة أسرة بالعالم تحتمل ذلك".

وأشارت إلى أنها إذ ما فكرت بشراء المياه فإن ذلك سيكلفها 50 دولار يومياً، في ظل غلاء معيشي حاد وانعدام مصدر دخل زوجها وخسارتها لمنزلها في الغارات الإسرائيلية على المدنيين في القطاع، مناشدة كافة المؤسسات الإنسانية لإيجاد حل لأزمة المياه في المدينة المحاصرة التي تباد وتجوع في كل يوم على مرأى ومسمع العالم دون تحريك ساكن.

وقد طالت الأزمة، تعطيش الصغار فأصبحت لا تجد مياه ليشربها صغارها فتبحث عن أي خط مياه تنزل منه عدة نقاط وتنتظر إلى جانبه بالساعات للحصول على لتر واحد فقط، لتقوم بعد ذلك بتنقيتها من خلال صبها عبر غطاء رأسها، مضيفة أنها عندما تذهب للنقطة الطبية بالمخيم لا تجد علاج أو تشخيص مناسب للأمراض التي تصيب الصغار منذ بدء شربهم للمياه الملوثة، في ظل درجات الحرارة المرتفعة.

ولا تنكر رجاء سامي أنها ما قبل قطع ذلك الخط أي بدء العملية البرية العسكرية الإسرائيلية في حي الشجاعية، كانت عشرات عربات المياه المجانية تنتقل بين الأحياء السكنية والمخيمات في اليوم الواحد مما كان يغطي حاجاتهن من المياه، مضيفة أنها تتحايل على واقعها المر لكنها قد لا تستطيع الصمود أكثر.

 

 

وقد وافقت سناء حسونة سابقتها، بأنه منذ قطع خط مياه مكروت وجميع النساء في قطاع غزة تعانين من أزمة حادة بالمياه، سواء الخاص بالشرب أو الاستخدام اليومي، لافتة أنه مع أزمة المياه أصبحت تنشب خلافات كبيرة بين الأسر تصل لحد التشابك بالأيدي وإراقة الدماء كي يستطيع رب كل أسرة الحصول على جالون مياه واحد فقط باليوم.

وبينت أنه حتى قبل بدء العملية البرية في حي الشجاعية كان خط المياه ضعيف وبالكاد يساعد ربة الأسرة بالحصول على جالونين مياه فقط على الرغم من أنها ملوثة وقد سببت لها العديد من الأمراض كالسعال والمغص المستمر الذي لا يفارق 90 بالمئة من نساء وفتيات القطاع، مسبباً العديد من الالتهابات التي تتطور بشكل دون توفر علاج لها.

وتتحايل سناء حسونة على الوضع من خلال ترشيد استخدام المياه بدلاً من شرب لتر مياه تشرب كوبين فقط، وبدلاً من الاستحمام تقوم باستعمال الفوطة المبللة لتنظيف جسدها، وقد لا تنظف الأواني لعدة أيام بسبب عدم توافر المياه، مؤكدة أن روح الحياة هي المياه كون ثلثي جسم الإنسان مركب منها، لذلك عندما تقرر القوات الإسرائيلية بقطع خط المياه الوحيد المغذي لغزة هي تقرر إعدام أكثر من مليوني إنسان في المدينة المحاصرة.