قصة معاناة امرأة من رحم الأزمة السورية
بين رحى الحرب وبوتقة التهجير وتداعياته، كانت المرأة السورية الأكثر تأثر بالأزمة التي طال أمدها وانعدمت سبل حلولها.
يسرى الأحمد
الرقة ـ في ظل انسداد أفق الحلول للأزمة السورية، خلفت الحرب والصراعات الدائرة حالات من النزوح لآلاف المدنيين إلى إقليم شمال وشرق سوريا بحثاً عن الأمان.
منذ بداية الأزمة السورية التي دخلت عامها الـ 14 ومقاطعات إقليم شمال وشرق سوريا تستقبل النازحين/ات من المناطق التي فقدت الأمان والاستقرار وتعيش فلتان أمني وتعاني الجوع والفقر، وتعد الرقة من المقاطعات التي فتحت أبوابها أمام النازحين/ات وضمدت جراحهم ومنحتهم فرصة العيش بأمان.
دائماً في الحروب والنزاعات تعد النساء والأطفال في مقدمة ضحاياها، يقع على عاتقهن تحمل مسؤولية عوائلهن لتلعب دور الأب والأم في ذات الوقت وسط ظروف نزوح صعبة وأوضاع اقتصادية مزرية وتجاهل المجتمع الدولي لأوضاعهن ومعاناتهن، إلا أن الصمود قرارهن وسبيلهن الوحيد لتخطي كافة التحديات والصعوبات.
إيمان تركي حسين نازحة من مدينة دير الزور منذ خمسة أعوام، لم تستسلم لظروف النزوح القاسية حيث تعمل في جمع المواد البلاستيك لإعادة تدويرها إلى جانب عملها في الأراضي الزراعية والحقول لتحقق اكتفاءها الذاتي، التقت بها وكالتنا أثناء قيامها بجمع قطع البلاستيك.
عما تشهده المنطقة من تزايد سكاني كبير خاصة بعد ارتفاع عدد النازحين، الذي كان سبباً في ارتفاع أجور المنازل ما شكل عائقاً أمامها لتأمين منزل يأويها، وتقول "لا أملك المال الكافي لاستئجار منزل، الأجور مرتفعة وفرص العمل قليلة فلست الوحيدة التي نزحت إلى هنا معي الآلاف من العوائل المهجرة قسراً، لهذا اضطررت للسكن مع عائلتي في أحد البيوت المدمرة".
وعن الخطر الذي يهدد حياتها في أي لحظة قالت "أشعر بخوف الدائم على حياة أطفالي، نحن مهددون بالخطر بحكم أن الجدران مدمرة بشكل كبير وآيلة للسقوط فوق رؤوسنا في أي لحظة، المنزل غير مهيأ للسكن ليس فيه أبواب أو نوافذ تقينا برد الشتاء ورياحه أو حر الصيف وسمومه، ما أجبرنا على البقاء فيه واتخاذه مأوى أنني لا أدفع إيجار لأحد".
وعن تحديها للظروف الصعبة التي تعيشها قالت "ظروف النزوح صعبة جداً ومريرة، وتحمل في طياتها العديد من الصعوبات والمشقة أبسطها تأمين لقمة العيش والمستلزمات والخدمات الأساسية البسيطة لاستمرار الحياة، وخاصة أنني أحمل مسؤولية أطفالي وألعب دور الأب والأم معاً بعد وفاة زوجي".
وعن طبيعة عملها الذي تقوم به وتسعى من خلاله تأمين لقمة عيش أطفالها والصمود في وجه التحديات التي تواجهها تقول "يجب أن أعمل وأعتمد على ذاتي، أبدو أنني طاعنة في السن لكن الظروف الصعبة التي مررنا بها جعلتني أبدو أكبر سناً، ولأنني لا امتلك أي مهنة أو خبرة لجأت إلى جمع قطع البلاستيك والحديد والنحاس من الشوارع والأزقة، وبيعها للمعامل بسعر رمزي لإعادة تدويرها والاستفادة منها مرة أخرى، كل ذلك في سبيل تأمين لقمة عيش للأطفال، ورغم مرارة ومشقة هذا العمل لكنه أفضل من أن أمد يدي للأخرين".