قصص مأساوية لجريمة ختان الإناث وخطاب التشويه المؤلم
تعاني الفتيات والنساء في صمت من آثار الختان التي تنال من حقوقهن الإنسانية وتحرمهن من العيش بسلام وتطاردهن ككابوس أبى أن يرحل من الذاكرة، وهو الأمر الذي يحتاج للكثير من الجهد لترميمه نفسياً.
أسماء فتحي
القاهرة ـ يصادف اليوم 6 شباط/فبراير اليوم العالمي لمناهضة الختان، ويحل كل عام بموجة حديث حول التشويه والتشوه وبات جانب ليس بالقليل من الخطاب الجماهيري يتحدث بنفس النهج، وهو أمر أقرب للمنطق من حيث الحشد وتنمية الوعي الجمعي للأفراد لمحاربة تلك الجريمة، ولكنه في ذات الوقت مؤلم ومربك لضحايا تلك الجريمة.
مسألة الخطاب وتأثيرها على المتلقي سلباً وإيجاباً هي عمود الأساس في التغيير الحقيقي والمستدام، ويحتاج بقدر كبير لإعمال المنطق واستيعاب الظروف الخاصة للمجتمعات والشعوب التي نخاطبها دون ترديد بغبغائي لعبارات قد لا تصلح في ظرف أو واقعة أو مع حالة بعينها.
في تقريرنا التالي حاولنا التعرف على الآثار السلبية لختان الإناث "تشويه الأعضاء التناسلية للإناث" حسب التعريف العالمي المعتمد في التوصيف والصادر لأجل خلق حالة الرفض الجماعي لتلك الممارسة ولكننا التقينا فتيات وجدن في هذا التعريف إيذاء كبير ينال من مشاعرهن ويربكهن، وهو الأمر الذي سنتطرق له في قصصهن مع استكشاف تأثير الختان عليهن لاحقاً، ولذلك قررنا نقل جانب من تلك القصص كما هي حتى نفكر في الخطاب ونناقش أبعاده وآثاره على المتلقي من منطلق تلك الجريمة التي تنال من الحقوق الإنسانية للنساء.
الحديث عن التشوه مربك ويفقد الثقة بالذات
عدد ليس بالقليل من النساء تتأثرن سلباً عند سماع وصف "التشوه" ويبحثن عن حلول للأمر وقد يفقدهن تلك الثقة في ذواتهن، كما تؤكد سامية عادل (اسم مستعار) البالغة من العمر نحو أربعين عاماً، والتي قالت "هل أنا مشوهة؟ وماذا علي أن أفعل لإصلاح الأمر؟".
وأوضحت أن هذا السؤال يطاردها من حين لآخر ولا تجد له إجابة، وأنها ذهبت لأحد الأماكن التي سمعت أنها ترمم عمليات الختان ووجدتها فوق قدرتها المالية بمراحل وقررت البحث في الأمر فوجدت دراسات متضاربة حول نجاح تلك العمليات.
وقالت "قبل عامين وجدت الجميع يتحدث عن مسألة التشوه الناتج عن الختان ومنذ تلك اللحظة وأنا فاقدة للثقة في ذاتي ولا أمارس حياتي بشكل طبيعي، كنت دائماً أبحث عن الحل للتخلص من هذا الوضع".
التأثير السلبي للختان
بعض النساء لم تدركن أنهن تعانين من أزمة قبل الحديث عن تشويه الأعضاء التناسلية وهو الأمر الذي تحدثت عنه\ليلى فوزي (اسم مستعار) حينما قالت "أنا أم لثلاثة أولاد وكنت أحيا بدون أي مشاكل حتى حضرت واحد من المؤتمرات التي تتحدث عن الختان وآثاره السلبية والمشوهة لأعضاء المرأة التناسلية وحينها شعرت بالخجل الشديد والنقص وبدأت أدرك أنه لدي أزمة".
وأوضحت أنها عانت على مدار العام الماضي من التفكير في الأمر "دخلت في نوبات خوف وتذكرت كل ما حدث معي وأصبحت ناقمة على أسرتي وتحدثت إلى أمي التي أكدت لي أن الجميع يفعل ذلك، وأصبحت أشعر بألم حقيقي أثناء العلاقة الحميمية وذهبت لطبيبة أمراض نسائية ونصحتني بالذهاب لطبيب نفسي بعد تأكيدها لي أني لا أعاني من أي مشاكل عضوية".
وأكدت أنها لم تترك باباً إلا طرقته ولم تتخلص من أزمتها، فباتت تربط بين مشاعرها وما حدث لها في الصغر، قائلة أنها لا تسامح أهلها على ما ارتكبوه في حقها من جرم كما أنها لا تدرك إن كانت فرحة بتلك المعرفة أم ناقمة عليها.
رغم قسوة الطرح إلا أنه رادع
عدد ليس بالقليل من النساء اللواتي تحدثنا إليهن في التقرير يرون أن الطرح المرتبط بالختان قاسي حقيقة ولكنه رادع ويجعل الأسر تفكر مئات المرات قبل ارتكاب تلك الجريمة ولكنه بحاجة للتعامل مع آثاره السلبية على النساء اللواتي ترتبكن إثر تلك المعرفة.
فتقول سلوى عمر (اسم مستعار) "كنت كأمي سأقوم بتختين بناتي فأنا أم لطفلتين ولكنى قررت عدم فعل ذلك أبداً لن أجعلهن تعانين كما عانيت ولن أقطع جزء من جسدهن فقط لإرضاء من حولي كما فعلت بي أمي، نعم أشعر أني تشوهت ولن أجعل بناتي تشعرن بذلك".
وأضافت أن الوعي بالتأثير السلبي للختان بات مرتفع إلى حد كبير، إلا أنه مازال يمارس وأنها رأت نساء تتحايلن على التجريم وتقمن به في الخفاء، موضحةً أن الحملات المناهضة للختان رغم خطابها القاسي، إلا أنه رادع ومخيف ويساعد في عملية وقف تلك الممارسة.
وأشارت إلى أنها لم تنسى يوماً ما حدث معها وتتذكر مشهد الختان وكأنه حدث ليلة أمس، ومع ذلك لم تفكر يوماً في رفضه، وكانت تظنه ضريبة طبيعية تدفعها النساء كحيضهن وإنجابهن "لفترة طويلة كنت أعتقد أن علي دفع ثمن أنوثتي ومنها الختان، فأنا أبنة أمي الكبيرة وتحملت مشاق الأسرة، ويحدث لي الحيض وأتزوج فأنجب وأعاني من آلام الولادة، وكنت أظن أن المرأة عليها أن تتألم وتتحمل حتى أدركت أن تلك فقط كانت الأفكار التي زرعها أبي في عقلي، وعقل أمي حتى نظل خادمات له ولأخواتي الذكور".