نساء تصنعن وسائل تدفئة من روث الحيوانات في إدلب

في ظل النزوح والارتفاع الكبير في الأسعار وتفشي البطالة على نطاق واسع، تكافح نساء في إدلب من أجل البقاء، وتأمين وسائل تدفئة من شأنها أن تحميهن وأطفالهن من برد الشتاء.

لينا الخطيب

إدلب ـ مع حلول فصل الشتاء تبحث نازحات في إدلب عن بدائل للتدفئة، فمنهن من لجأن لتصنيع ما يسمى "الجلة" الذي يقوم على استثمار روث الحيوانات من أغنام وأبقار وتجفيفه للاستفادة منه في التدفئة أو إشعال مواقد الطين، في ظل الفقر والنزوح والنقص الكبير في المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية.

"كل شيء هنا قابل للاحتراق يستخدم للتغلب على برد الشتاء" بهذه الكلمات عبرت سحر الصطوف (36 عاماً) النازحة من بلدة سنجار إلى مخيم في قرية كفريحمول في إدلب عن معاناتها مع قدوم فصل الشتاء، فهي لا تملك ثمن مواد التدفئة الصحية، لذا تصنع بنفسها مواد تدفئة بديلة بإمكانيات رخيصة.

وعن ذلك تقول "لم أتمكن من تركيب مدفأة خلال الشتاء الماضي، بسبب فقر حالنا وزوجي المسن ليس لديه عمل، لذا قررت أن أجمع روث الأبقار والأغنام طوال فصل الصيف، لتحويله إلى مواد صالحة للاحتراق في المدفأة".

ولفتت سحر الصطوف إلى أن هذه المواد هي خيارها الوحيد لدرء البرد عن أجساد أبنائها الخمسة، لعدم قدرتها على شراء وسائل تدفئة صحية غالية الثمن، مبينةً أنها تقوم في البداية بجمع الروث من المكبات والحظائر، ثم تعمل على خلطه مع القش وتصب عليه الماء، ثم تعمل على تحويله إلى أقراص دائرية الشكل، وتتركها تحت أشعة الشمس حتى تجف تماماً وتتماسك، وتخزنها في مكان خاص لفصل الشتاء.

نورة العباس (39 عاماً) نازحة من ريف مدينة سراقب إلى مخيم معرة مصرين في إدلب، تستخدم أقراص "الجلة" المصنوعة من روث الحيوانات لإشعال موقد الطين المخصص للطهي وتسخين المياه، وعن سبب ذلك تقول "بعد وفاة زوجي بغارة جوية نهاية عام 2018، فقدت مع أولادي الثلاثة معيلنا الوحيد، وأصبحنا نعتمد على المساعدات الإغاثية التي تصل إلى المخيم بين الحين والآخر، ولم أعد قادرة على شراء أسطوانة الغاز الباهظة الثمن، لذلك أصنع أقراص الجلة بغرض حرقها في موقد الطهي".

وبينت أن احتراق "الجلة" يصدر دخان كثيف وروائح كريهة جداً تسبب لها الصداع والسعال، وتصيب أطفالها بالأمراض الصدرية والتنفسية، ولكنها الخيار الوحيد المجاني المتاح أمامها.

علية الجلو (35 عاماً) نازحة من منطقة جبل الزاوية إلى مخيم على أطراف مدينة إدلب، تعاني أيضاً من غلاء أسعار مواد التدفئة "تعمد فئة قليلة من السكان الميسورين لشراء المازوت أو الحطب أو البيرين أو قشور المكسرات بهدف سد حاجة الشتاء كاملاً، أما نحن الفقراء فيكون الدفء لدينا نوعاً من الرفاهية لا يمكننا الوصول إليه".

وأشارت إلى أنها ترسل أطفالها إلى مكبات النفايات طوال فصل الصيف لجمع أكياس النايلون والكرتون والملابس والأحذية المهترئة "حين يشتد البرد لا نملك سوى ما نجمعه خلال فصل الصيف من مخلفات وقمامة قابلة للاحتراق لندخل شيئاً من الدفء إلى خيامنا البائسة".

وعن مخاطر استخدام روث الحيوانات في التدفئة، تقول الطبيبة سلام علوش (29 عاماً) من مدينة خان شيخون مختصة بأمراض الأطفال "مواد التدفئة البديلة تحمل الكثير من الأمراض كل شتاء، وخصوصاً ما يتم استخدامه حالياً لدى الكثير من العائلات النازحة كإحراق الروث أو البلاستيك وأكياس النايلون أو الألبسة المستعملة".

ولفتت إلى أن احتراق المواد العضوية يتسبب بانبعاث غازات ضارة مثل ثنائي وأحادي أوكسيد الكربون، التي يتسبب استنشاق كميات كبيرة منها إلى الإصابة بأمراض تنفسية.