نساء طهران: لا يجب أن تكون الحرية محصورة في قضية الحجاب

أكدت نساء إيران على ضرورة الاستمرار في الانتفاضة التي راح ضحيتها العديد من الأبرياء، حتى تؤتي ثمارها.

برجين حكيم

طهران ـ يبدو كل شيء هادئاً وكأنه لم يكن هناك ضجة في شوارع العاصمة الإيرانية طهران قبل شهور قليلة، وبالرغم من أن الحكومة رددت شعارات قاتلة ومخزية وأراقت دماء الأبرياء منهم أطفال ونساء وأصابت أعين بعضهم، إلا أن المواطنون يقضون أمسية الجمعة في الحديقة ويرقصون ويغنون يبدو الأمر كما لو أن الانتفاضة انتهت.

لكن لا يزال يظهر على وجوه النساء موجة من الغضب والإثارة، وهو يبدو أنه سيتعين عليهن في وقت قصير الاستعداد عقلياً وجسدياً أكثر من ذي قبل والارتقاء بشكل أقوى هذه المرة.

ولا يمكن إنكار أن الشارع ملك للشعب والثورة تشرق في قلبه، لكن الآن بعد أن هدأت الشوارع لا يعني انتهاء الانتفاضة، الشارع الذي لن يبقى فارغاً إلى الأبد، فهو ينتظر فرصة أخرى، وعودة الشعارات بصوت أعلى، لم تُنسى صرخات الأمهات الحزينة من وقت لآخر على قبور أبنائهن وبناتهن، ولا جمعة زاهدان التي تذكرنا بسفك دماء الأبرياء.

 نازانين نيكانديش، ناشطة في مجال المرأة، تقول "أعتقد أن ثورة المرأة قد خطت خطوات صلبة، لكنها لا تزال في بداية الطريق. إذا كانت هذه الثورة تؤتي ثمارها قريباً، فربما لن تتحقق الثقة اللازمة في نتيجتها. يجب أن نأمل وهذا الأمل من المفترض أن ينشأ من التحليل الصحيح للوضع".

ولفتت إلى أنه "في تاريخ كل التغييرات العظيمة، بدا الدكتاتوريون أقوياء حتى اللحظة الأخيرة، وكان لديهم مناصروهم وحشود مبتهجة، وسخروا من الناس في خطاباتهم، لكن في النهاية لقد فشلوا وسقطوا. سيكون الأمر صعباً، وسيستغرق وقتاً طويلاً، لكننا سننتصر".

فالثورة هي التغيير والتحول في طريقة التفكير وأسلوب الحياة، والثورة هي الكاميرات والأقلام التي أصبحت أسلحة. ثورة للرقص، والتي تظهر كل يوم على مواقع التواصل الاجتماعي، ثورة غناء النساء في المساجد والأماكن الدينية، وغيرها من الأمور التي تبشر بمستقبل جديد.

بدورها عبرت برناز عبد المالك عن حزنها وعينيها ممتلئة بالدموع، وقالت باحتجاج ويأس "لا أعرف ما الذي سيحدث وإلى أين ستتجه ثورة المرأة، خسرنا حياتنا وشبابنا، كنا سعداء بهذه الثورة"، مضيفةً "إن التفكير بأن بقية حياتي ستكون تحت سيطرة هذه الحكومة الفاسدة يدمر روحي".

من جانبها قالت أخصائية علم الاجتماع أوین یاشار "أثناء الانتفاضة لم يخرج حتى ثلث المجتمع إلى الشارع، ولم تكن هناك قيادة متماسكة، واختلفت المعارضة بعد تشكيل الميثاق، كل ذلك يعني أن المجتمع لا يزال غير مهيأ للثورة كما ينبغي أن يكون".

وأشارت إلى أنه أهم قضية هي القضية الثقافية، ومن الضروري العمل على هذه المعتقدات والقيم والأعراف الزائفة للمجتمع حتى يكون لديه الاستعداد اللازم لقبول التغيرات، لافتةً إلى أنه "ربما تكون القضية الأكثر أهمية الآن مع ما قبل الانتفاضة هو زيادة الثقة بالنفس لدى النساء والفتيات اللواتي أصبحن الآن أكثر وعياً ومقاومة، لكن هذا إنجاز ضئيل للغاية ولا يجب أن تكون الحرية فقط في قضية الحجاب".

وأوضحت أنه "عندما نستمر في مشاهدة جرائم الشرف وقتل النساء في المجتمع، فهذا يعني أنه يجب علينا العمل على تغيير معتقدات وقيم وسلوكيات المجتمع وعلى أهم قضية في الثقافة وهي مناهضة القوانين المعادية للمرأة التي تحكم المجتمع".

وحول هذا الموضوع، أشار مهران حميدي البالغ من العمر 48 عاماً، إلى التطور الثقافي لإحداث أي تغيير في المجتمع ويقول "التنمية الثقافية هي أساس تنمية المجتمع، أولاً يجب أن تكون ثقافة المجتمع ثابتة بحيث يمكن قبول ثورة المرأة، على سبيل المثال، بعد حوالي عام من الانتفاضة الشعبية واحتجاجاتنا، نرى عدد كبير من الأشخاص يحتفلون في العيد، لقد خاب أملي بالناس".

وأضاف "حاولت السلطات عمداً تنظيم مراسم العيد بشكل أكثر روعة مما كان عليه في الماضي، وكان للناس حضور كبير فيه، ليس بسبب معتقداتهم الدينية، ولكن لمجرد أخذ الطعام كقربان وإمدادهم بالطعام لعدة أيام".

ولفت إلى أن "الحرية في ارتداء الحجاب كانت النتيجة الوحيدة لهذه الانتفاضة التي يبدو أنها كانت موجهة وتعتزم الحكومة الحفاظ على المرونة اللازمة لتحقيق إنجازات أكبر"، مشيراً إلى أنه "ربما سيتضح كل شيء بعد الانتخابات وعلينا أن نرى كيف ستكون مشاركة الأهالي في الانتخابات النيابية المقبلة".