نساء غزة يواجهن عنف غذائي ممنهج
في غزة، تعيش النساء واقعاً قاسياً بين ارتفاع الأسعار وندرة الغذاء الصحي، حيث يواجهن سوء التغذية والأمراض وضعف المناعة، ويبحثن وسط المعاناة اليومية عن حياة كريمة تليق بإنسانيتهن.
رفيف اسليم
غزة ـ تعاني النساء في قطاع غزة من عنف غذائي ممنهج، فما تزال القوات الإسرائيلية لا تسمح بدخول البيض أو اللحوم بمختلف أنواعها، في حين تُغرق أسواق القطاع بالقهوة والحلويات والمسليات بأنواعها والنشويات، في محاولة لإعفاء نفسها من تهمة تجويع سكان غزة، وينعكس ذلك على النساء بزيادة أوزانهن، دون زوال علامات سوء التغذية.
وفرة شكلية ومجاعة خفية
تقول سمر حمد، إنها منذ لحظة إعلان وقف إطلاق النار في غزة، فرحت هي وجميع النساء كونهن كن على أمل لعودة الحياة من جديد، متمثلة بدخول الطعام بأنواعه المختلفة منها البيض واللحوم والخضار والفاكهة، والحصول على غاز الطهي، ومن ثم النجاة من المجازر التي تحدث يومياً، لكن شيئاً من ذلك لم يحدث، فالنساء لم تأكلن بعد والهجمات لم تتوقف.
لا تنكر أن البضائع أغرقت أسواق غزة، لكن هنا علينا أن نقف ونسأل بحزم ما نوعية تلك البضائع هل السكريات والنشويات والقهوة والمسليات، التي يتجاوز ثمنها ضعف الثمن الحقيقي ما قبل الحرب، لافتةً إلى أن النساء يحتجن لمثل تلك الأنواع من البضائع لكنهن لا تعتمدن عليها كغذاء أساسي لها ولأطفالها، ولا تمتلك المال الكافي لشراء تلك الرفاهيات.
ولا تستطيع سمر حمد طهو الخضار لأطفالها يومياً، لذلك تلجأ إلى الأرز والمعلبات لإعداد كمية تكفي جميع أفراد العائلة، في حين كان الصنف الأساسي في غذائها قبل الحرب هو الخضار، ثم اللحوم والفاكهة التي يتم تناولها بشكل شبه يومي، مبينة أنها لم تكن تعاني آنذاك من الهزال، أو اصفرار الوجه، أو اضطراب الرؤية، أو آلام المفاصل، وهي أعراض شخصها الطبيب جميعها على أنها من أعراض سوء التغذية، التي ما تزال تصاحبها حتى اليوم.
وينتشر في الوقت الحالي فايروس جديد يسبب الإسهال الشديد وغيره من الفيروسات التي تجد الطريق سهل في اجتياز أجساد النساء الهزيلة كون لا طعام يعمل على تعزيز الجهاز المناعي لديهن، موضحة أن هذا الوضع المزري ما يزال يصاحبه مجهود جسماني كبير، فالنساء يقطعن عشرات الكيلو مترات مشياً على أقدامهن في ظل عدم وجود وسائل النقل والمواصلات وارتفاع أسعارها بالرغم من دخول الوقود.
وتؤكد أن النساء يفرض عليهن تناول أصناف معينة من الطعام مما يعتبر عنف ممنهج يمارس ضدهن بل ويدرس كونه يتحايل على كافة القوانين الدولية، مشيرةً إلى أن الخلافات داخل الأسرة والصراع المستمر حول تأمين الطعام، إلى جانب تدهور الوضع الاقتصادي، يضاعف معاناتهن، فرغم توفر المواد الغذائية في الأسواق، إلا أن القدرة على شرائها شبه معدومة، إذ ارتفع سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم من 3 أو 4 دولارات ليصل إلى أكثر من 25 دولاراً.
وتوضح سمر حمد أن من ينظر لأجساد النساء اليوم يقر بعدم وجود مجاعة أو حرمان غذائي كون الدقيق موجود وبوفرة وبتن يأكلهن بشراهة تعويضاً عن الأيام التي لم يستطعن خلالها الحصول عليه، مناشدة الجهات الدولية ألا تنخدع بتلك اللوحة التي ترسمها السلطات الإسرائيلية وأن يراقبوا عن كثب من خلال التقارير والفحوصات الطبية ماذا حدث ويحدث لأجساد النساء والفتيات.
تبحثن عن حياة كريمة
تتفق ابتسام الكفارنة، مع سابقتها فيما روته حول الأصناف والأسعار المرتفعة للمواد الغذائية المختلفة يجسد واقع أليم تكابده نساء غزة، فقد بلغ ثمن البيضة الواحدة دولار ونصف، متسائلة من أين ستحصل النساء على الكالسيوم وهل يعقل غزة مدينة البحر يحرم سكانها من تناول الأسماك على مدار عاميين متواصلين بسبب وصول سعر الكيلو الواحد لـ 50 وبعض الأنواع 100 دولار.
وتتساءل من أين يأتي سكان المدينة المنكوبة بالمال وماذا تفعل النساء، لافتة إلى أنها تعيش هي وزوجها العجوز وبناتها الأربعة إحداهن مريضة بمرض مزمن والبقية لا يستطعن العمل ولا يجدنه بالتالي لا يأكلن سوى بعض الأصناف كالدقيق والمعكرونة والمعلبات رديئة الجودة.
وتحتاج ابتسام الكفارنة، للتغذية كونها مريضة بمرض السكر وقد تدخل بغيبوبة في بعض الأحيان إذا لم تزود جسمها به، كما تحتاج للمكسرات التي تحتوي على فوائد للجسم لكنها بحاجة إلى من يساعدها كي تستطيع شرائها، مشيرة إلى أنها تعاني من حالات إغماء متكررة في الآونة الأخيرة.