نساء التقين بناكيهان أكارسال: كتاب من المعرفة والعلم
وصفت نساء مقاطعة عفرين اللواتي التقين بالشهيدة ناكيهان أكارسال شخصيتها بكتابٍ من العلم والمعرفة، مفتوح أمام كل من يسعى لتطوير نفسه.
فيدان عبد الله
الشهباء ـ قالت نساء مقاطعة عفرين المحتلة بشمال وشرق سوريا اللواتي التقين بالشهيدة ناكيهان أكارسال، أن الشهيدة كانت حريصة على إيقاظ المرأة من سباتها ومن كابوس النظام الرأسمالي والعادات والتقاليد البالية، وأن ما كانت تملكه من كم كبير من العلم والمعرفة يعد كتاباً مفتوحاً أمام الجميع.
تعرضت الناشطة والأكاديمية ومحررة مجلة جنولوجيا ناكيهان أكارسال في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2022 لهجومٍ مسلح أمام منزلها بمدينة السليمانية في إقليم كردستان، وكانت قد عملت في العديد من المؤسسات النسائية والوسائل الإعلامية الساعية لتحقيق حرية المرأة واستقلالها.
وخلال مسيرة الشهيدة ناكيهان أكارسال في البحث والتعمق بتاريخ المرأة والمجتمعات زارت مقاطعة عفرين في شمال وشرق سوريا ما بين عامي 2015 - 2016 وعما خلقته من تغييرات على حياة النساء ومدى تأثرهن باستشهادها تحدثت عدد من النساء اللواتي التقين بها لوكالتنا.
"كتاب من العلم والمعرفة مفتوح أمام كل من يسعى إليه"
عضو مركز أبحاث وعلم المرأة (جنولوجي) فرع عفرين والشهباء كلستان عارف ذكرت أن أول لقاءٍ جرى بينها وبين الشهيدة ناكيهان أكارسال كان في منزلها "لم أشعر سوى أنها واحدة من أقرب وأعز أقربائي بروحها المرحة والثورية وقلبها الطيب، الشهيدة ذات وجه بشوش والذي يرمز إلى المرأة الحرة والطبيعية في الجمال والجوهر".
وأشارت إلى أن الشهيدة ناكيهان أكارسال كانت تسعى دوماً لبناء علاقة وثيقة بينها وبين الطبيعة من الحيوانات الأليفة والنباتات وتشعر بها وتحزن كثيراً إن تعرضت لإساءة أو ضرر، في الوقت ذاته كانت تملك الحس المباشر والحقيقي تجاه كل إنسان، وتتمكن من تحليل الشخصيات بجدارة من خلال رؤية إيجابيات وسلبيات جميع الأشخاص الذين يتعاملون معها.
وشبهت كلستان عارف الشهيدة ناكيهان أكارسال بحمامة السلام، مبينةً أنه "لطالما عملت على نشر المحبة والسلام والعلم والمعرفة بين الجميع خاصة النساء وهذا يعود إلى أنها كانت شخصية محبة للعلم والتوعية، ولا تمل بتاتاً من البحث والقراءة وهذا ما ظهر في شخصيتها أثناء زيارتها للكثير من القرى والأماكن الأثرية في عفرين، وكنت برفقتها حينما زارت آثار قرية عندارة في شيراوا الذي يعتبر مكان الآلهة عشتار".
وتابعت "حينها قالت لي أنها قرأت وتعمقت كثيراً في تاريخ الآلهة عشتار إلا أن وجودها ورؤيتها آثارها مختلف تماماً، فكل قطعة صغيرة أو إشارة بسيطة في المكان لفتت انتباهها".
ولفتت إلى أن الكم الكبير من العلم، والمعرفة والتطور في الشخصية والتحليل الذي وصلت إليه الشهيدة ناكيهان أكارسال "لديها من العلم ما يمكن اعتباره كتاب لما كانت تملكه وإصرارها على توسيع هذه المعرفة والعلم وكان مفتوح أمام كل شخص يسعى لتطوير ذاته وتوعية شخصيته بعيداً عن الأنانية والتفكير بالذات".
اهتمامات وتعلق وتعمق ناكيهان أكارسال بالتاريخ وتدوينه
في حين قالت الإدارية في مجلس عوائل الشهداء بناحية فافين في الشهباء سهيلة شيخ حسن أنها تعرفت على الشهيدة ناكيهان أكارسال خلال دورة تدريبية للنساء في عفرين ودام لقائهما طيلة أيام التدريب الذي استمر لشهر، "كانت شخصية هادئة ومفعمة بالحيوية والحياة وتتمتع بالكثير من الذكاء لما كانت تقدمه من تحليلات واستنتاجات خلال نقاشاتنا عن الحياة وتاريخ المرأة".
وعن اهتمامات وشدة تعلق الشهيدة ناكيهان أكارسال بالعلم والتعرف على التاريخ والتعمق به أشارت سهيلة شيخ حسن إلى أنه "خلال أيام التدريب جمعت الشهيدة الأمهات المنضمات للتدريب وطلبت منهن سرد ما يعرفن من قصص سواء أساطير أو حدثت معهن في الواقع وأرادت من خلال ذلك تدوين التاريخ وحفظه للأجيال القادمة".
وطالبت سهيلة شيخ حسن كافة المنظمات النسائية، والحقوقية والإنسانية بالكف عن الصمت واللامبالاة تجاه قتل واستهداف المرأة في جميع أنحاء العالم ومحاسبة المجرمين.
"سنواصل مسيرتها في الدراسة والتعمق بعلم المرأة ونشره"
فيما نوهت عضو منسقية مؤتمر ستار لعفرين شيرين حسن إلى أن "الشهيدة كانت حريصة على إيقاظ المرأة من الكابوس الذي أسسه النظام الرأسمالي والعادات والتقاليد البالية في حياتها، وتتساءل 'لماذا نبقى صامتات عما يرتكب بحقنا من قتل لشخصيتنا، وأحلامنا، وإرادتنا وآرائنا'، وتشرح عن كيفية عيش وخلق الحياة الحرة التي تستحقها كل امرأة طموحة ومؤمنة بإرادتها وقوتها".
وعبرت شيرين حسن عن تأثرها الكبير بشخصية الشهيدة ناكيهان أكارسال وما ترسمه أمام كل امرأة خاصة حينما قدمت محاضرة للنساء في عفرين عن علم المرأة (جنولوجي) الذي استمر لساعات إلا أن طريقة الشرح والتفاصيل أنست الجميع الوقت.
وشددت على أن الشهيدة ناكيهان أكارسال وخلال الفترة القصيرة التي كانت فيها مع نساء عفرين خلقت بداخلها المزيد من الثقة والإصرار على المطالبة بحرية المرأة وحقوقها، ومن حينها تطمح شيرين حسن لأخذ مكانها في مركز علم وأبحاث المرأة (جنولوجي) للتعمق في تاريخ المرأة والتعرف على حقيقتها وجوهرها وتوعية الأهالي على هذا التاريخ.
وأكدت أنهن متأثرات وحزينات كثيراً بالجريمة التي استهدفت ناكيهان أكارسال إلا أنه وباستذكار هذه الأحداث والتفاصيل التي عشنها سوياً وما قدمته الشهيدة للكثير من النساء يزيد إصرارهن وحرصهن على الاستمرار في طريق النضال والحرية لجميع النساء واستمرار مسيرة ناكيهان في تحقيق الحرية الفكرية لكل امرأة.