نساء إدلب في دوامة العنف الأسري
ممارسة العنف ضد المرأة في إدلب ليس أمراً آنياً وإنما مستداماً منذ عشرات السنين وإن ازدادت وتيرته مؤخراً بفعل عوامل عدة أهمها الفقر والنزوح والضغوط النفسية وتفشي وباء كورونا
سهير الإدلبي
إدلب ـ ، الذي زاد الحجر في المنازل وضاعف العنف الممارس ضد المرأة.
تعرف الأمم المتحدة العنف الممارس ضد المرأة بأنه "أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس ويترتب عليه، أو يرجح أن يترتب عليه أذى أو معاناة للمرأة سواءً من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو الحرمان التعسفي من الحرية سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة.
تقول لمى حاج حسين (٢٢) عاماً، أن حياتها الزوجية انتهت بعد سنتين فقط، نتيجة العنف الممارس ضدها من قبل زوجها "عصبي المزاج" والذي لم يكن يدع فرصة دون أن يعرضها للعنف الجسدي كوسيلة لتفريغ عصبيته المستمرة "لم أستطع التحمل، كنت أمضي أياماً وأسابيع أعاني فيها حالات الحزن والاكتئاب نتيجة ما أتعرض له دون أن أجد من يواسيني أو يساعدني".
قررت لمى حسين أخيراً أن تساعد نفسها وتنهي هذه العلاقة وخاصةً أنه ليس لديها أطفال بعد يجبرونها على البقاء تحت كنف زوجها لضرورة وجودهم في أحضان أسرة وعدم تعريضهم للتشرد والضياع وفق تعبيرها.
لم يكن العنف الجسدي وحده ما تعرضت وتتعرض له المرأة في إدلب وإنما أيضاً العادات والتقاليد التي وقفت حائلاً أمام ممارستها الكثير من حقوقها وحريتها المشروعة.
فيما تشكو روعة العلوش (٢٠) عاماً، منع زوجها الخروج من المنزل وعدم السماح لها بتعلم مهنة في إحدى المراكز النسائية ما يمكن أن يساعدها على تحسين وضعها المادي الذي وصل لـ "تحت الصفر" على حد وصفها.
تقول روعة العلوش والحزن بادياً على ملامحها "زوجي يعاني الفقر الشديد ولا يستطيع تأمين حتى احتياجات المنزل الأساسية والضرورية ويمعن في ظلمي وحبسي في المنزل وعدم السماح لي بالخروج مع كل ذلك".
وتشير إلى أنها تمضي أسابيع وشهور دون خروجها من المنزل بحجة غيرته عليها ومنع أحداً من رؤيتها وكأنها غدت ملكاً خاصاً به بزواجها منه، كما تقول.
لم يقتصر الأمر على العنف الجسدي والنفسي والاجتماعي الممارس ضد المرأة وإنما تعداه لحد ارتكاب جرائم القتل بحق الزوجات اللواتي رفضن تلك الممارسات وتمردن عليها كما حدث مع بثينة العمر (٣٥) عاماً، التي قتلت على يد زوجها بعد أن تقدمت بشكوى قضائية ضده نتيجة تعنيفها وضربها باستمرار فما كان منه إلا أن قتلها بعد خروجه من السجن مباشرة.
وكذلك الحال مع صفاء القدور (٢٣) عاماً، التي قتلت على يد زوجها بعد أن طلبت الطلاق وأصرت عليه نتيجة معاملته السيئة لها، فاصطحبها لإحدى الأراضي الزراعية في منطقة باريشا شمال إدلب وقتلها بطلق ناري ما أنهى حياتها على الفور.
المرشدة الاجتماعية فاتن السويد (٤٠) عاماً، تتحدث عن نتائج العنف الممارس ضد المرأة بكل أشكاله فتقول إن العنف الأسري من أكثر ما تتعرض له المرأة في إدلب ويسبب لها مشاكل صحية جسيمة بدنية ونفسية وجنسية وإنجابية على المدى القصير والبعيد.
وتحذر من تبعات العنف التي تصل لعواقب مميتة كالقتل والانتحار وإصابات محتملة أهمها الإجهاض ومشاكل صحية نسائية.
وأضافت فاتن السويد أن هناك آثار نفسية تتمثل بالقلق والاكتئاب وصعوبة النوم واضطرابات المعدة والأمعاء واعتلال الصحة العامة.
وللوقوف على بعض الحلول الممكنة لمشكلة العنف الأسري المتفاقمة تنصح فاتن السويد بتفعيل دور منظمات المجتمع المدني بهذا الشأن وزيادة عقد الحوارات وندوات التوعية الاجتماعية لمناصرة المرأة وتعريفها بحقوقها وكيفية الحفاظ على سلامتها، وسن قوانين وتشريعات تعزز المساواة بين الجنسين وتمنع التساهل في عقوبة المعنفين ما يردع تلك الممارسات.