نازحات سري كانيه/رأس العين... 'الاحتلال التركي سرق كل شيء'
يواجه أهالي مدينة سري كانيه/رأس العين بعد نزوحهم إلى المخيمات العديد من الصعوبات، ويتمنون العودة إلى ديارهم في أقرب وقت.
شيرين محمد
قامشلو ـ لا زالت آثار الحرب تؤثر على أهالي سري كانيه/رأس العين المحتلة في شمال وشرق سوريا، وقصص كثيرة ومعاناة النساء خاصة مستمرة داخل مخيم واشوكاني.
بعد أن سيطر الاحتلال التركي على مدينة سري كانيه/رأس العين، في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2019 نزح الآلاف من أهالي المدينة إلى المخيمات في مناطق أخرى بشمال وشرق سوريا، والتي تم تخصيصها للنازحين لتبدأ قصصهم المأساوية في النزوح ومن ضمنها مخيم واشوكاني في مدينة الحسكة.
ويضم المخيم الذي سارعت الإدارة الذاتية لافتتاحه ضمن الإمكانيات المتاحة 2355 عائلة من نازحي سري كانيه/رأس العين، وكري سبي/تل أبيض، وفي رحلة النزوح هذه واجهت النساء الكثير من الصعوبات، ولا تزلن حتى الآن تواجهن تحديات متمثلة بشح المساعدات الإنسانية خاصةً بعد الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على الاقتصاد العالمي وعلى الإدارة الذاتية، وقلة المياه جراء استمرار الاحتلال التركي بقطع مياه نهر الفرات ومحطة علوك، والمساعدات الإنسانية، والطبية بسبب إغلاق المعابر ومحدودية إمكانات الإدارة الذاتية، وتجاهل المنظمات الإنسانية لدورها في دعم النازحين.
"العودة لمنازلنا بقيت غصة في قلوبنا"
وحول معاناة النساء من المخيم قالت آمنة إبراهيم وهي إحدى النازحات من سري كانيه/رأس العين " كنا نعيش بأمان وسلام، بدأت معاناتنا بعد أن استولى الاحتلال التركي على مناطقنا وهجرنا من بيوتنا، تخلينا عن كل ما نملك نحن وأطفالنا لم تكن هناك أي فرصة أخرى للعودة".
وأضافت "قبل أن نسكن في المخيم كنا نعيش في الشوارع وعلى الأرصفة مع عائلات أخرى ولم يكن لدينا أي مسكن آخر، وبعد أن تأسس المخيم من قبل الإدارة الذاتية توجهنا جميعاً إليه، فرحنا لأننا وجدنا مكاناً نأوي به، لكن واجهتنا العديد من الصعوبات، ففي فصل الصيف نتحمل حرارة الشمس والحشرات والتلوث، وفي الشتاء يشتد البرد خاصةً على أطفالنا لأن المنظمات لا تقوم بتقديم الاحتياجات الأساسية لنا ونعاني من نقص المياه، وأيضاً خيمتنا صغيرة ونحن مقبلين على فصل الشتاء وأمامنا مخاطر أكبر في هذا الفصل الذي تكثر فيه الأوبئة".
"نتمنى في كل لحظة العودة إلى أرضنا"
وأشارت إلى أنهم يتحملون الحر والبرد والجوع ويقاومون فقط من أجل العودة الى منازلهم "نقاوم من أجل العودة إلى منازلنا يوماً ما، لا نريد أن تبقى منازلنا وزواياها التي احتفظت بذكرياتنا تحت سيطرة الأعداء"، موضحةً أنه "نحن النساء نعاني أكثر داخل المخيمات لأننا نهتم بالأطفال والطعام وأعمال المنزل، ولكننا نساعد بعضنا البعض ونمد يد العون لبعضنا، ونتكاتف للاستمرار بالعيش".
واختتمت آمنة إبراهيم حديثها بالقول "بمقاومتنا وتكاتفنا سنعود إلى أرضنا، ولن نناشد أحد لأن المنظمات الدولية والأمم المتحدة لا تقوم بواجباتها اتجاهنا، لذا نحن نعتمد على أنفسنا وقوتنا ونضالنا"، مضيفةً "الاحتلال التركي يجب أن يحاسب على جرائمه لأنه تسببت بنزوح آلاف العائلات وكان سبباً في استشهاد الآلاف من المدنيين"، مثنيةً على جهود الإدارة الذاتية في دعمهم.
ومن جهتها تحدثت كزي أحمد وهي أيضاً نازحة من سري كانيه/رأس العين عن أيامها الأخيرة في المدينة ولحظة نزوحهم "في الرابعة عصراً بدأت طائرات الاحتلال التركي تحلق في سماءنا وبدأت بقصف العديد من المنازل والمراكز، فسارع الأهالي للخروج من منازلهم والتوجه لأماكن أكثر أمناً، وقفت أمام باب منزلي لكني لم أرى أي أحد، ولم أكن اتوقع في يوم ما أنني سأبقى لوحدي في الحي الذي لطالما كان يعج بالأطفال الذين يلعبون وتتعالى أصوات ضحكاتهم، كانت شقيقتي مريضة وهي بضيافتي لم أتمكن من إجلائها عن هذا الدمار الذي حل بنا، لكني استطعت أرسالها إلى مدينة الحسكة لتكمل علاجها وبقيت في منزلي".
وأضافت "أعيش لوحدي لأن عائلتي منذ بداية الحرب هاجروا إلى خارج البلاد، لذلك تمسكت بأمل البقاء، وبقيت لوحدي في الحي، لكن القصف أشتد علينا كثيراً، وأجبرت على الخروج وتركت جميع ذكرياتي في المنزل وفي الشارع الذي يمتلئ بقصص طفولتي، عندما خرجنا كانت الطائرات المسيرة تستهدف المنطقة، كنا خائفين لأن معنا الأطفال والشيوخ، نزح كذلك المرضى في المشافي. هذه اللحظات هي الأخيرة لي رأس العين لكنها بقيت في ذاكرتي ولا أستطيع نسيانها"، موضحةً "استطعنا أن ننجو بصعوبة واتجهنا صوب مدينة الحسكة، وسكنا في المدارس لم يكن هنالك أي مكان يأوينا حتى افتتحت لنا الإدارة الذاتية بعد نحو شهر مخيم واشوكاني واتجهنا إليه".
وأشارت كزي أحمد إلى أنه "استشهد الآلاف من الأطفال والنساء وأبطال سري كانيه لكن صورهم بقت في ذاكرتنا وقلوبنا، ولأجلهم لا زلنا نقاوم في المخيم ونحمل أمل العودة بعد تحرير أرضنا لنستعيد ما سرقوه منا".
"معاناة النزوح ازدادت في المخيم"
وعن معاناتهم في المخيم قالت "الأمطار في فصل الشتاء تغمر خيمنا ولا توجد تدفئة جراء نقص المساعدات الإنسانية مع قدوم فصل الشتاء، بالإضافة إلى أن الأطفال بعد النزوح لم يكلموا دراستهم وتدمر مستقبلهم".
وتستذكر كزي أحمد عندما كان الأطفال في المخيم يلعبون بالأسلحة بدل الذهاب إلى المدرسة "فقد الأطفال براءتهم، سرقت المخيمات وحياة النزوح ضحكاتهم. الاحتلال التركي سرق كل شيء، تسبب بتشريد آلاف العائلات ويتم آلاف الأطفال، وما تزال الأمهات تذرفن الدموع على أبنائهن الذين استشهدوا".
وأضافت "سري كانيه كانت تضم جميع المكونات كنا نعيش معاً ونتشارك الأفراح والأحزان، لقد ذهبت كل شيء وبقيت شوارع سري كانيه خالية من سكانها. جميعنا متشوقين للعودة ونقاوم من أجل تلك اللحظة التي نفتح فيها أبواب منازلنا، وإن لم نتمكن من تحرير أرضنا سيحررها أطفالنا عندما يكبرون. نثق بقواتنا وندعمهم بكل قوتنا وسوف نبقى معهم حتى تحقيق النصر".