متلازمة هرس الأطراف... تهدد حياة أطفال ناجين من الزلزال في إدلب
خلف الزلزال الذي ضرب تركيا وسويا مئات المصابين بمتلازمة هرس الأطراف، وهم بحاجة لرعاية طبية متقدمة، وسط قطاع صحي منهك ومتدهور تعانيه إدلب سابقاً.
لينا الخطيب
إدلب ـ تسبب الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا، والذي خلف عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، بمتلازمة الهرس أو السحق، التي ظهرت عند الناجين الذين ضغط الركام على أطرافهم السفلية والعلوية.
الطفلة شام الشيخ محمّد (9 سنوات) من بلدة تلمنس بريف إدلب الجنوبي، تعرضت لبتر قدميها بعد إصابتها بمتلازمة الهرس جراء سقوط سقف منزلها على ساقيها في مدينة أرمناز، وبقائها تحت الأنقاض لأكثر من 40 ساعة.
كذلك الطفل علي حاج اسماعيل (12 عاماً) نازح من مدينة جسر الشغور إلى مدينة سلقين، أصيب بمتلازمة الهرس بعد سقوط سقف منزله على يده وقدمه اليمنى، وهو الناجي الوحيد من أسرته، وعن معاناته تتحدث خالته سلام الأصلان "تم إنقاذ الطفل بعد أكثر من 24 ساعة، حيث تم نقله إلى المشفى للعلاج، اكتشف الأطباء إصابته بمتلازمة الهرس في قدمه اليسرى إلى جانب الإصابة بقصور كلوي ومشكلات في القلب".
وأوضحت أن الأطباء قاموا ببتر قدمه، فيما تستجيب يده للعلاج، لكن الضغوطات النفسية التي يعيشها الطفل أقسى وأصعب، حيث يقضي معظم وقته في البكاء على عائلته الذين فقدهم، ويتمنى أن يلحق بهم ليتخلص من العذاب والألم الذي يعيشه وحيداً.
ذات المرض يهدد حياة الطفلة ليمار العيسى (7 سنوات) من مدينة الأتارب، حيث تعاني من متلازمة الهرس في يدها، وقد تسبب لها المرض بإنتانات شديدة، وهي اليوم لا تستجيب للعلاج والدواء، ما جعل حالتها تزداد سوءاً يوماً بعد يوم، وعن ذلك تتحدث جدتها كاملة العيسى "أخبرنا الأطباء بصعوبة حالة الطفلة وضرورة نقلها إلى تركيا على وجه السرعة لتلقي العلاج، لكن الجانب التركي لم يستجب لحالة الطفلة حتى الآن".
وأوضحت أن الطفلة تعاني من متلازمة الهرس، ما أدى إلى بتر يدها اليسرى، كما تعاني من ضرر في الكلية نتيجة الدم الفاسد جراء المتلازمة، إضافة إلى حاجة الكبد لنقل بلازما، ولكن أجهزتها غير متوفرة في إدلب.
وبتاريخ 24 من شهر شباط/فبراير الماضي توفي الطفل ألب أرسلان بري، البالغ من العمر ثلاث سنوات، في مستشفى إدلب، علما أنه الناجي الوحيد من بين أفراد أسرته، وكان يعاني من متلازمة "هرس الأطراف".
وعن متلازمة الهرس قالت الطبيبة عائدة الكيالي (35 عاماً) من مدينة إدلب تعمل في قسم العناية بالأطفال في مشفى إدلب "هي حالة يتم فيها تدمير الخلايا العضلية الهيكلية الموجودة في الأطراف بفعل قوة خارجية ضاغطة، مما يؤدي إلى خروج محتويات الألياف العضلية وانتشارها في الدوران الدموي".
وبينت أن متلازمة الهرس تنتج من أي ضغط تتعرض له الأطراف لفترة طويلة تفوق 12 ساعة، ما يؤدي إلى انقطاع الدورة الدموية على مستوى الأنسجة، كما هو الحال في ضغط جدار إسمنتي ثقيل إثر انهيار مبنى ناجم عن قصف حربي أو كارثة طبيعية كالزلزال الأخير.
وأشارت إلى أن مئات المصابين بالزلزال يعانون هذه الحالة، وهم بحاجة لرعاية طبية متقدمة، حيث وردت العديد من الحالات التي تعاني من متلازمة الهرس بعد الزلزال الأخير إلى المستشفى التي تعمل بها، وخاصة الأطفال، وكانت شدة الحالات مرتبطة بالفترة التي قضاها المريض تحت أنقاض الكتل الإسمنتية الثقيلة، وتقدر نسبة الحالات التي وردت إلى المستشفيات من مجموع الإصابات العامة بحوالي 10%، مما شكل ضغطاً كبيراً على أقسام العناية المشددة ومراكز غسيل الكلى في المستشفيات.